تأتي الانتصارات .. عندما تتوفر القيادة والإرادة
السبت 27 نوفمبر 2021 - الساعة 08:21 مساءً
عبدالستار الشميري
مقالات للكاتب
الجيش كتلة حرجة من "اليورانيوم" يحتاج إلى "نيوترون حر" ليحوله إلى طاقة هائلة والـ"نيوترون الحر" هو "القائد".
القائد المقصود هنا كل قائد، ابتداء من قائد المعركة أو الدولة أو الحكومة أو الجيش.
كل قائد يملك رؤية وإرادة لا شك أنه يحقق في المساحات السياسية أو العسكرية أو الإدارية التي يسيطر عليها إنجازا كبيرا من خلال توظيف أبسط الإمكانات البشرية والمادية.
ومن المؤكد أن نصف مشكلتنا في اليمن هي أزمات قيادية وفقر شديد في إنتاجها أولا ثم عدم وصول الصالح القادر منها إلى مركز القرار السياسي والإداري.
المعركة الأخيرة في حيس والجراحي ومقبنة ومشارف إب مثال واضح لتوفر رؤية وقيادة استطاعت أن تنجز تقدما مع عدم الخسائر البشرية الكبيرة، والقيادة في حدها الأدنى كيف تنجز نجاحات بأبسط الإمكانات.
ولا شك أنها أيضا فتحت نافذة هامة على رقعة جغرافية كبيرة ومهمة تتشابك فيها محافظات ثلاث وبها أيضا طرق إمداد مهمة للمليشيات وقطعها يحقق أهدافا مهمة أيضا.
كان هناك يأس وقنوط من الجانب العسكري لدى مكونات الشرعية وامتلاك الحوثي وتيرة الهجوم واكتفاء الشرعية بالدفاع فقط، لكن هذه المعركة أخذت طابع المباغتة والهجوم.
ولا شك أن السؤال الأهم هو هل سوف تستمر بنفس الأداء المتميز وتستكمل مشوارها في الاتجاهات الثلاثة نحو حزم العدين والعدين وفي الاتجاه الثاني نحو نخلة ووصابين وعتمة وفي الاتجاه الثالث نحو البرح؟.
ربما هذا ما سيكون وهي جغرافية إضافية للشرعية تعوضها شيئا ما عن ما فقدت في مأرب وشبوة، ولكن الأهم من ذلك كله هو فتح جبهة تعز المدينة المسكونة والساكنة والمغلفة بطربال أبدي تحت سقف تفاهمات غير مفهومةربما أو تحت فقر الأداء العسكري ومطامع تجار الحرب أو غير ذلك.
كما أن فتح جبهات في شتى المدن والقرى من الأهمية بمكان لاستعادة الأنفاس وإعطاء أمل وروح جديدة بإمكانية التحرير والخلاص من مشروع الولي الفقيه الطامح الجامح.
إن أي تقدم عسكري هو السبيل الوحيد إلى إقناع المجتمع الدولي بأننا نقاتل جماعة إرهابية مستأجرة وكذلك إقناع الأمم المتحدة بأن أحاديث وفرص السلام معها غير ممكنة.
وإذا كان من الواجب الحديث عن السلام، فيجب أن نتحدث عن السلام ونتعاطى مع مبادرات وقف الحرب ونحن ممسكون على زناد البنادق ومحركات المدافع على الأرض، نحقق كل شهر رصيداً إضافياً يمكن قياسه بالمساحة أو الأهمية.
كل مساحة جغرافية نحررها، في الجغرافيا تعطينا مساحات إضافية للاقتراب من السلام، كون الجماعة ووليها، يؤمنون بالسلام الإجباري وليس لهم سابقة دون ذلك.
ومن التاريخ القريب ينبغي أن نتذكر حرب العراق وإيران حينما ذهب الخميني مرغما إلى سلام رغم أنه عرض عليه تسع مرات ورفض وفي النهاية قال: إنني أرضى بوقف الحرب وكأنني أتجرع السم.
ذلك أن طبائع الجماعات الدينية والأنظمة الفاشية الإيمان بالحرب وحدها حتى تكسر عسكريا وعسكريا فقط.
ومثال على ذلك داعش تم كسرها وانتهت وطالبان تم التراخي معها ولا تزال تتحكم إلى أن يقوم الشعب الأفغاني بعمل ما في زمن ما. وحتى الإمبراطوريات المستبدة كانت لا تستسلم ولا تذهب إلى سلام ولا تتوقف أطماعها، إلا حين تهزم ويتم دفنها من التاريخ والجغرافيا، من عهد الإسكندر إلى عصر هتلر.
والسؤال الأهم أين وصلنا الآن؟ .. وإلى أين يجب أن نذهب؟
لا شك أن الكرة في مرمى الشرعية، ما يستطيع أن يقوم ويقدم مدفعها في الأرض في مداه وصداه، ستجده على الطاولة السياسية والدعم الدولي والعكس صحيح.
ولا ننسى هنا تصريح الخارجية الأمريكية منذ أشهر الذي قال: إن هزيمة الحوثي وإبعاده لا تتم عبر الأماني والتمنيات ويجب الاعتراف به كقوة على الأرض والتعاطي السياسي معه.
إن معايير العالم الخارجي وسياسته محكومة بمبادئ عامة تراكمت عبر تاريخه السياسي الحديث وتجاربه ومصالحه.
ومن أهم تلك المبادئ السياسية الراسخة عند الدول الكبرى هو مبدأ القوة ومبدأ الواقعية السياسية ومبدأ الاحتواء.
ولعل أمريكا هي أهم الدول التي نسجت هذه المبادئ بعد بريطانيا وألمانيا وفرنسا ولا تزال تحكم عملها حتى اللحظة دون تغيير.
لقد توارى مبدأ أيزنهاور تاريخيا في اهتمامه بالشعوب التي لأمريكا مصالح فيها وحمايتها ماديا وعسكريا وكان ذلك واضحا منذ عهد أوباما إلى بايدن حاليا.
وخلاصة القول وفصل المقال:
لا ينتصر الحوثي بقوته ولا بذكائه.. بل إن عوامل أي انتصار للحوثي هو ذلك الفراغ الذي تتركه الشرعية بسبب ضعف القيادات في جبهات القتال والدولة معا وغياب الإرادة وعندما يتوفر شيء من ذلك في أي موقع عسكري أو سياسي ينهزم الحوثي.
إن مدد الحوثي الثاني هو فراغات وضعف الشرعية وقياداتها وفسادها والأهم أن من يمسكون القرار العسكري اليمني غارقون في ذواتهم وفسادهم ومعظمهم ليسوا من ذوي الخبرة والاختصاص والنزاهة وهنا كلمة السر ومفتاح الهزيمة حتى يتم التغيير.
وإن العالم الخارجي يهتم ويذهب إلى القوي ويعترف به وليس هناك أخلاق ضابطة لهذا الأمر بل مصالح وحسابات فقط.