الخضوع الزائف للسلام .. انهيار محور إيران يدفع الحوثي لتكرار سيناريو الحديدة
الاثنين 16 ديسمبر 2024 - الساعة 10:34 مساءً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي
تكرار لما حدث في نحو 6 سنوات ، تهرع جماعة الحوثي الإرهابية لاستجداء السلام من خصومها في اليمن والأقليم ، أملاً في النجاة من الهزيمة والسقوط جراء التغيير في الموازين عسكرياً وسياسياً ضدها.
ففي مثل هذه الأيام وتحديداً منتصف ديسمبر من عام 2018م، قبلت الجماعة الإرهابية بأول اتفاقية تهدئة مع الحكومة الشرعية منذ تفجيرها للحرب في البلاد مطلع 2015م ، وبعد عامين فقط من رفضها لمشروع سلام متكامل جرى نقاشه لأكثر من 3 أشهر في الكويت.
ما رفضت الجماعة الحوثية الإرهابية في الكويت كسلام شامل وقبلت به في اتفاق السويد كاتفاق جزئي ، لم يكن الا تعبير عن رعبها من مشهد القوات المشتركة بالساحل الغربي وهي تطوق مدينة وميناء الحديدة من 3 جهات ، تاركة لها منفذاً واحداً فقط للهروب.
ومثل هذا المشهد اشبه بوضع حبل الإعدام على رقبة مليشيات الحوثي لما تمثله الحديدة ومينائها الحيوي من شريان حياة بالنسبة للمليشيات، وكان سقوط المدينة يعني تركها محاصرة وسط الجبال بلا منفذ بحري للعالم.
ذات المشهد يتكرر اليوم من قبل المليشيا الحوثية ، حيث تؤكد أخر التقارير القادمة من العاصمة السعودية الرياض انها وصلت اليوم الى حد الاستجداء والتوسل للقيادة السعودية من اجل المضي في توقيع خارطة الطريق الذي تم تجميدها منذ نحو عام بقرار امريكي.
حيث يرفض الجانب الأمريكي أي حديث عن مسار السلام في اليمن قبل وقف الهجمات التي تشنها المليشيات الحوثي ضد الملاحة الدولية بالبحر الأحمر وباب المندب وكذا الهجمات نحو إسرائيل تحت ذريعة مساندة المقاومة الفلسطينية بقطاع غزة ، وهو ما ظلت المليشيا ترفضه باستمرار.
الا أن هذا الموقف من قبل المليشيا تغير تماماً بعد التطورات غير المتوقعة في المنطقة وما تعرض له مشروع إيران الذي تعد المليشيا أحد مكوناته من ضربات قاصمة بدأت بتصفية قيادة حزب الله بلبنان مروراً بقبوله المذل لاتفاق وقف اطلاق النار بالشروط الامريكية والإسرائيلية وانتهاءاً بسقوط نظام بشار الأسد في سوريا.
هذه التطورات التي باتت تكتب بداية النهاية لمشروع إيران بالمنطقة ، تجعل من المليشيا الحوثية في مأزق غير مسبوق يجعلها غير قادرة على الاستمرار في مسار التصعيد دون اسناد حقيقي من قبل طهران وادواتها بالمنطقة ، خاصة مع تزايد المؤشرات على وجود توجه امريكي لتحجيم نفوذ وقوة الجماعة الحوثية في اليمن.
ويعكس ذلك التصريحات الصادرة مؤخراً عن المسئولين الأمريكيين والمشددة على نفاد الصبر من السلوك العدائي الحوثي ضد الملاحة الدولية وضرورة وقفها بكل السبل ، ومنها الخيار العسكري الذي تفصح عنه التقارير المكثفة الصادرة مؤخراً عن الاعلام الأمريكي والغربي والتي ترجح توجيه ضربات مؤثرة ضد الجماعة قد تطال قياداتها العسكرية.
ومن هذه المؤشرات ايضاً ، ما كشفته المصادر الإعلامية خلال الساعات الماضية عن وجود طلب امريكي الى السلطات في عُمان بطرد وفد الجماعة الحوثية المتواجد منذ سنوات في مسقط ، والطلب أيضاً من الحكومة العراقية اغلاق مكتب الجماعة في بغداد.
تطورات ومؤشرات تضيق الخناق السياسي على المليشيا الحوثي في اليمن ويضعها امام احتمالات مفتوحة قد تصل الى إمكانية ان تدعم أمريكا والغرب شن عملية عسكرية برية للتشكيلات العسكرية المنضوية تحت اطار مجلس القيادة الرئاسي ، لانتزاع مناطق واسعة من قبضة المليشيا وعلى رأسها الحديدة.
وهو ما يدفع بالمليشيا اليوم الى تكرار ما قامت به في معركة تحرير المدينة ، والقبول بأي اتفاق يضمن لها فقط التهدئة العسكرية والسياسية ضدها املاً في ان تتمكن من استيعاب صدمة انهيار المشروع الإيراني في المنطقة ، والبحث عن خيارات بديلة للتعامل مع التغيير بالمشهد في المنقطة.
أي ان اندفاع المليشيا الحوثية اليوم نحو السلام ، ليس أكثر من تكرار لسلوك مألوف لها عند اليمنيين منذ نحو 20 عاماً وهو عمر المليشيا منذ ان أطلت برأسها من جبال مران في صعدة عام 2004م.
ما يطرح التساؤل الأهم في قبول الشرعية بمكونات "الرئاسي" ومن خلفهم الرياض بأن يتكرر هذا الأمر اليوم وان تضيع مجدداً فرصة ثمينة لهزيمة المشروع الإيراني في اليمن كما حدث عام 2015م و 2018م.