تفجير أجهزة البيجر .. هكذا نفذ الإسرائيليون أكثر هجماتهم تعقيدا على حزب الله
السبت 28 ديسمبر 2024 - الساعة 11:36 مساءً
المصدر : الرصيف برس - متابعات خاصة
عرفت الحرب الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل أشكالا جديدة من الأسلحة، ولكن أيضا من الحيل والمناورات، ولعل أبرزها كان لجوء إسرائيل إلى تفجير أجهزة البيجر التي كانت تؤمن الاتصالات الداخلية في حزب الله، ما أدى إلى مقتل العشرات بين قادة وعناصر أخرى من الحزب.
وقدّم اثنان من كبار عملاء المخابرات الإسرائيلية المتقاعدين مؤخرا تفاصيل جديدة حول عملية سرية قاتلة استمر الإعداد لها سنوات. واستهدفت مقاتلي حزب الله في لبنان وسوريا باستخدام أجهزة البيجر قبل ثلاثة أشهر.
وتحدث العميلان في مقطع بُثّ قبل أيام عبر البرنامج الأميركي “60 دقيقة” على شبكة “سي بي إس نيوز”. وكانا يرتديان قناعين وعُدّل صوتهما لإخفاء هويتيهما.
وقال أحدهما إن العملية انطلقت قبل 10 سنوات بتفخيخ أجهزة اتصال لاسلكي. ولم يدرك حزب الله أنه يشتريها من عدوته إسرائيل. ولم يتقرر تفجير أجهزة الاتصال اللاسلكي حتى سبتمبر.
وقال العميل، الذي اعتمد اسم مايكل، “لقد صممنا عالما خياليا.” وقال العميل الآخر إن المرحلة الثانية من الخطة انطلقت منذ 2022، أي بعد أن علمت وكالة المخابرات الإسرائيلية (الموساد) أن حزب الله كان يشتري أجهزة استدعاء من شركة مقرها تايوان.
وتم تغيير حجم أجهزة الاستدعاء حتى يمكن تفخيخها بالمتفجرات. وأجرِيت اختبارات على الدمى عدة مرات لتحديد كمية المتفجرات المناسبة لاستهداف مقاتل حزب الله وحده دون شخص آخر على مقربة منه.
كما اختبر الموساد أيضا العديد من نغمات الرنين للعثور على تلك التي تُشعر السامع بأن الموضوع عاجل بما يكفي لجعله يسحب جهاز النداء من جيبه.
وقال العميل الثاني، الذي اعتمد اسم غابرييل، إن إقناع حزب الله بالتحول إلى جهاز الاستدعاء الثقيل استغرق أسبوعين. واعتُمدت إعلانات كاذبة على موقع يوتيوب تروج للأجهزة على أنها مقاومة للغبار والماء وتتمتع بطاريتها بعمر طويل وأكثر من ذلك.
وذكر العميل، وفق ما نقل عنه تقرير لوكالة أسوشيتد برس، أن التسويق تم عبر شركات وهمية (كان مقر إحداها في المجر) حتى أمكن خداع المؤسسة التايوانية، غولد أبولو، بالشراكة مع الموساد دون علمها. كما لم يكن حزب الله على علم بأنه تعامل مع إسرائيل.
وقارن غابرييل الحيلة بفيلم “عرض ترومان” الصادر سنة 1998، وتناول قصة رجل لم يكن يعلم أنه يعيش في عالم زائف وأن عائلته وأصدقاءه ممثلون يتقاضون أجورا مقابل الإبقاء على الصورة الكاذبة.
وقال إن حزب الله لم يكن لديه أدنى فكرة عن أنه يشتري من الموساد. وأشار إلى الشبه بين العملية وفيلم “عرض ترومان”، مضيفا “نتحكم في كل شيء خلف الكواليس. كان كل شيء طبيعيا من وجهة نظرهم… بمن في ذلك رجل الأعمال والتسويق والمهندسون وصالة العرض.” وأصبح 5 آلاف جهاز استدعاء في جيوب مقاتلي حزب الله بحلول سبتمبر.
وأثارت إسرائيل الهجوم في 17 سبتمبر، عندما بدأت أصوات تصدر عن أجهزة الاستدعاء في جميع أنحاء لبنان. وانفجرت الأجهزة حتى إذا لم يفتح المُستهدفون الرسائل المشفرة الواردة.
ثم قرر الموساد في اليوم التالي تفعيل أجهزة الاتصال اللاسلكي، التي انفجر بعضها في جنازات بعض الأشخاص البالغ عددهم 30، الذين قتلوا في الهجمات الأولى.
وقال غابرييل إن الهدف كان يكمن في بث رسالة إلى حزب الله أكثر من القتل الفعلي لمقاتليه.
وأوضح أنه “إذا مات، فقد انتهى الأمر. لكن إذا أصيب، فعليك نقله إلى المستشفى والاعتناء به. وتصبح بحاجة إلى استثمار الأموال والجهود. ويعيش هؤلاء الأشخاص الذين خسروا أيديهم وأعينهم كدليل حي يقول ‘لا تعبثوا معنا.’ وهم دليل على تفوقنا في جميع أنحاء الشرق الأوسط.”
وفي 17 سبتمبر انفجرت الآلاف من أجهزة البيجر في وقت واحد في الضاحية الجنوبية لبيروت ومعاقل أخرى لحزب الله، وسبق الانفجار في معظم الحالات صوت ينبه إلى رسالة واردة.
وكان الكثير من المصابين الذين تم نقلهم إلى المستشفى يعانون من إصابات في العين أو البطن أو بترت أصابعهم، ما يشير إلى أنهم كانوا قرب الأجهزة وقت التفجير.
وأدى الهجوم، إلى جانب هجوم ثان في اليوم التالي شمل تفجير أجهزة اتصال لاسلكية أخرى (ووكي توكي)، إلى مقتل 39 شخصا وإصابة أكثر من 3400.
وضرب سلاح الجو الإسرائيلي أهدافا في جميع أنحاء لبنان خلال الأيام التي تلت الهجوم. وأسفر ذلك عن مقتل الآلاف. كما اغتيل أمين عام الجماعة حسن نصرالله عندما أسقطت إسرائيل قنابل على مقر حزب الله المركزي بالضاحية الجنوبية ، وبحلول نوفمبر انتهت الحرب بين إسرائيل وحزب الله بوقف إطلاق النار.
وذكر مايكل أن الفترة التي تلت انفجارات أجهزت البيجر شهدت خوف الناس في لبنان من تشغيل مكيفات الهواء خشية انفجارها أيضا. وأضاف “كان هناك خوف حقيقي.”
وقال، ردا على سؤال عما إذا كان ذلك متعمدا، “نريدهم أن يشعروا بالضعف، وهم كذلك. لا يمكننا استخدام أجهزة الاستدعاء مرة أخرى لأننا فعلنا ذلك بالفعل. وانتقلنا بالفعل إلى الشيء التالي. وعليهم الاستمرار في محاولة تخمينه.”