نكبة الحوثي .. ضياع السلام بتدويل ملف اليمن ورعبٌ بانتظار القادم

السبت 28 ديسمبر 2024 - الساعة 11:42 مساءً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي

 


مع مرور عامٍ على إعلان المبعوث الأممي التوصل لخارطة الطريق دون التوقيع عليها، تقف الجماعة الحوثية اليوم امام مشهدٍ متراكم من الخسائر التي تتكبدها ثمناً للتصعيد الذي انخرط فيه لتأدية دورها ضمن ما يُسمى بـ"محور المقاومة" الإيراني.

 

التصعيد الذي جاء تحت لافتة "إسناد المقاومة في غزة" عقب عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023م، دشنته الجماعة الحوثية بمهاجمة السفن التجارية وتهديد الملاحة الدولية بالبحر الأحمر وباب المندب مع شن هجمات غير مؤثرة نحو الكيان الإسرائيلي.

 

وجاء انخراط جماعة الحوثي في هذا التصعيد الموجه من إيران ، وفق قناعة لديها بانها ستحصد ثماره محلياً وخارجياً بفرض نفسها كلاعب قوي على الأقليم والعالم وهو ما سيعزز من قوتها في المشهد اليمني ويعوض خسائرها العسكرية خلال المعارك التي اندلعت في مارس 2015م، وانحسار سيطرتها على نحو 30%فقط من مساحة اليمن.

 

وما عزز من هذا الاعتقاد ، اعلان المبعوث الأممي أواخر العام الماضي أي بعد شهرين من تدشين مغامرة الجماعة الحوثي بالبحر ، التوصل لما تُسمى بخارطة الطريق التي جاءت بمفاوضات سرية طويلة بين الجماعة والسعودية بوساطة عُمانية ، وترقب التوقيع عليها مع دخول العام الحالي 2024م.

 

الإعلان عن هذه القفزة الهامة في مسار السلام في اليمن ، عزز القناعة لدى الجماعة الحوثية بإمكانية ان تنتزع المزيد من التنازلات والمكاسب في مسار السلام عبر مسار التصعيد في البحر وتهديد ملاحة العالم واستهداف إسرائيل بالصواريخ والمُسيرات.

 

الا أن هذه الأوهام الحوثية سرعان ما تبددت ، لتفاجأ الجماعة منتصف يناير الماضي على مشهد طائرات أمريكية وبريطانية وهي تقصف مواقعها في الداخل اليمني وتدشن بذلك تدخلاً دولياً لردع هجمات الجماعة ضد الملاحة الدولية.

 

مشهد لم تدرك الجماعة الحوثية حينها تبعاته الحقيقة ، وأنه يعني عملياً وقف مسار السلام ، وان ما قبل حماقتها بالبحر الأحمر ليس كما بعده ، وما يعنيه ذلك من ضياع كل التنازلات والفوائد التي كانت انتزعتها في خارطة الطريق ، وان الطريق الآن بات ممهداً نحو تصنيفها عالمياً كمنظمة إرهابية.

 

حقيقة ادركتها الجماعة الحوثية لاحقاً ، بعد ان وضعت أمريكا ومن خلفها الغرب خطاً احمراً يمنع التقدم في مسار السلام في اليمن قبل ان توقف الجماعة هجماتها ضد الملاحة الدولية ، وهو ما باتت تشكو منه الجماعة الحوثي ليل نهار خلال الأشهر الماضية.

 

ومع مشهد الانهيار غير المتوقع الذي شهده محور إيران في لبنان وسوريا ، تفاقمت الأزمة لدى الجماعة الحوثية بعد ان باتت الهدف بالنسبة لإسرائيل وامريكا ومن خلفهما الغرب لدفن المحور الإيراني في المنطقة العربية ، ولعل تناوب الغارات الامريكية والإسرائيلية لضرب مواقع للجماعة بمستوى غير مسبوق أكبر دليل على ذلك.

 

وعلى الرغم من عدم تأثير هذه الضربات حتى اللحظة على النشاط العسكري للجماعة الحوثية ، الا أنها تدرك تماماً ان الأمر مسألة وقت لا أكثر حتى تتمكن واشنطن وتل أبيب من رصد بنك اهداف للجماعة يشمل مواقع تخزين الصواريخ والمُسيرات وغرف القيادة وحتى أماكن تواجد قيادات الجماعة.

 

ولعل ما يمكن الإشارة اليه في هذا السياق ، هو إعلان الجماعة الحوثية اليوم السبت إسقاط طائرة تجسس أمريكية من نوع MQ_9 في أجواء محافظة البيضاء وسط اليمن ، وقالت بأنها الطائرة الـ13 من هذا النوع الذي يعد من أهم واحدث طائرات التجسس والرصد الامريكية والتي يصل سعر الواحدة منها الى 30 مليون دولار.

 

حيث تدرك الجماعة الحوثية ان تمكنها من اسقاط هذا العدد يشير في حقيقته الى ان أجواء مناطق سيطرتها في شمال اليمن تعج بطائرات التجسس والرصد الأمريكي ، وانها ضعف ردة الفعل الأمريكي تجاه الجماعة يعود فقط الى غياب المعلومات بسبب انها لم تكن ضمن قائمة المخاطر والتهديدات خلال السنوات الماضية.

 

وذات الأمر ينطبق على الكيان الإسرائيلي الذي يتضح عجزه الاستخباري وافتقاره للمعلومات عن الجماعة الحوثية في لجوء طائراته الى قصف مواقع مدنية ، بانتظار توفر معلومات عن تحركات قيادة الجماعة ومواقعها العسكرية ليتمكن بعدها من توجيه ضربات مؤثرة كما حدث مع حزب الله في لبنان.

 

كما أن لجوء الكيان الإسرائيلي الى دعوة مجلس الأمن الدولي لعقد جلسة حول الهجمات الصاروخية التي تشنها الجماعة الحوثية ضده ، يُعد توجهاً واضحاً بالبحث عن غطاء سياسي لتدشين حرب انتقام طويلة الأمد ضد الجماعة وربما محاولة خلق تحالف دولي ضدها كما حصل مع داعش.

 

تطورات ومؤشرات ترسم صورة المأزق الذي تعيشيه الجماعة الحوثية في اليمن والخيارات المحدودة لديها في مواجهة الحرب المفتوحة التي اختارتها ضد الغرب والعالم تنفيذاً لرغبات النظام الإيراني الذي يسعى لخوض هذه المواجهة خارج أراضيه وبعيداً عن مصالحة عبر ذراع رخيص لا يكلفه الكثير.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس