مكافحة الفساد مع الاستمرار في ممارسته .. ترقيع أم ابتزاز السياسي؟

الاثنين 06 يناير 2025 - الساعة 11:10 مساءً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي

 


في سابقة هي الأولى من نوعها ، نشر الاعلام الرسمي مساء الأمس تفاصيل لقضايا فساد مالي مهول في عدد من مؤسسات الدولة وقعت خلال السنوات الماضية.

 

قضايا الفساد التي جرى نشرها استناداً لتقارير من الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وكبدت خزينة الدولة مئات الملايين من الدولارات، سلطت الضوء على البيئة الخصبة التي باتت يتمتع بها الفساد داخل مؤسسات الشرعية وتحوله الى سلوك روتيني لكل من يتقلد منصباً بها.

 

اللافت ان ردود الأفعال حول الكشف عن هذه القضايا من قبل اليمنيين على منصات التواصل الاجتماعي ، أظهرت عدم تفاجئهم بالأمر خاصة أن أغلب ما تم الكشف عنه من قضايا فساد وعبث قد جرى الحديث عنه من قبل وسائل اعلام وناشطين خلال السنوات الماضية.

 

بل أن أغلب ردود الأفعال كانت تؤكد ان ما تم الكشف عنه لم يكن سوى قطرة من بحر الفساد الذي باتت تغرق فيه الشرعية بكل مؤسساتها ومفاصلها منذ عام 2015م ، جراء غياب أدوات الرقابة والمحاسبة الرسمية واستغلالاً لظروف الحرب التي اعاقت ايضاً تأثير الرقابة والمحاسبة الشعبية.

 

وهو ما ولد ردة فعل معاكسة تجاه الأمر ، تتساءل عن أسباب الكشف عن هذه القضايا فقط وانتقاء مؤسسات محددة ، بدلاً من وجود عملية تحقيق شامل لأداء كل الوزارات والمؤسسات والجهات الحكومية خلال السنوات العشر الماضية وكشف ما تعرضت له من جرائم فساد وعبث ، مثلت السبب الرئيسي في الأوضاع المتدهورة التي تعاني منها اليوم المناطق المحررة.

 

فإحدى هذه القضايا التي أوردها الاعلام الرسمي، تتعلق بمحافظ محافظة سابق تم " تجميد نحو 27 مليار ريال من ارصدته مع استمرار ملاحقته بتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة"، في إشارة الى محافظ المهرة السابق راجح باكريت، الذي يقول ناشطون بأن هذه الاتهامات "سياسية" بعد الخلاف الذي تفجر بينه وبين رئيس الوزراء السابق معين عبدالملك.

 

الاتهامات الموجهة الى لمحافظ المهرة السابق ، دفع بالناشطين الى التساؤل عن مصير إيرادات محافظات محررة لا تزال ترفض الى اليوم توريد إيراداتها للبنك المركزي في عدن ، كما هو الحال مع محافظة مأرب ومحافظها سلطان العرادة وهو ايضاً عضو مجلس القيادة الرئاسي.

 

وذات الحال مع الاتهامات التي وجهت الى شركة بترومسيلة ، حيث تساءل ناشطون عن سبب عدم فتح ملف شركة صافر في مأرب التي تنطبق عليها ذات الاتهامات برفض الكشف عن إيراداتها وتقاريرها المالية، وهو ما أكده تقرير برلماني سابق.

 

هذا التساؤل دفع البعض بالتشكيك بوجود أهداف خاصة من نشر هذه القضايا بل واتهامات بأن الأمر مجرد ابتزاز سياسي من قبل أطراف وجهات داخل صفوف مجلس القيادة الرئاسي.

 

في حين ذهب آخرون الى التقليل من أهمية الخطوة، واعتبارها بأنها مجرد خطوة إعلامية أكثر منها توجه حقيقي نحو مكافحة الفساد وانها جاء كاستجابة فقط لضغوط سعودية ودولية بأحداث تصحيح مالي وإداري في صفوف الشرعية.

 

وبعيداً عن هذه التساؤلات والاتهامات والتشكيك بنوايا وحقيقة الخطوة، الا أن الحقيقة المؤكدة ان المهم في هذه المرحلة ليست مكافحة الفساد الذي تم بالسنوات الماضية ، بل في وقفه ومنع الاستمرار فيه كما هو حاصل حالياً.

 

فعلى رأس الفساد الذي تعاني منه المناطق المحررة هو في العبث الذي يطال الإيرادات المحلية والمركزية وعدم تحصيلها بشكل صحيح وتوريدها الى حسابات البنك المركزي في المحافظات او بالعاصمة عدن.

 

حيث لا تزال مؤسسات وجهات حكومية ترفض إغلاق حساباتها في بنوك تجارية والعودة الى توريد الإيرادات الى البنك المركزي ، في حين ترفض محافظة مأرب الأمر بشكل تام رغم حجم الإيرادات المهول من مبيعات النفط المكرر والغاز المنزلي.

 

وقبل ذلك ، فأن اول خطوة حقيقة في مكافحة الفساد هي ان تُلزم الحكومة بوضع موازنة عامة للدولة سنوياً يُضبط من خلالها حجم الإيرادات وحجم النفقات ، قبل ان تتم مطالبة جهات او مؤسسات إيرادية او شركات تابعة للحكومة بتقديم ذلك.

 

كما أن الحديث عن مكافحة الفساد يتطلب بالضرورة عملية تقييم شاملة داخل مؤسسات الشرعية وعبر أجهزة الرقابة الرسمية يتم من خلالها اجراء عملية تصحيح إداري شامل في صفوف الشرعية، بإقالة من يثبت فساده وإحالته للقضاء وتعيين بديلاً عنه من العناصر المشهودة لها بالكفاءة بالنزاهة.

 

دون هذه الخطوات الرئيسية ، فان الحديث عن مكافحة الفساد – مع احسان الظن بالنوايا – لن يكون أكثر من عملية ترقيع فاشلة لوضع بات على وشك الانهيار الشامل والكامل لمؤسسات الدولة المنهار اصلا.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس