تبخر خارطة الطريق مع عودة ترامب .. الحوثي ومأزق المشهد القادم
الخميس 23 يناير 2025 - الساعة 01:13 صباحاً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي
في أحدث تصريح حول مصير خارطة الطريق التي ترعاها الأمم المتحدة لتحقيق السلام في اليمن ، أكد عضو مجلس القيادة الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي / اللواء عيدروس الزبيدي بإن الخارطة انتهت بعد المستجدات التي حدثت في المنطقة.
وقال الزبيدي في مقابلة مع قناة "سكاي نيوز" على هامش مشاركته في منتدى دافوس الاقتصادي الدولي المقام في سويسرا ، بأن خارطة الطريق انتهت بعد شن مليشيا الحوثي هجماتها ضد السفن التجارية وتهديدها للملاحة الدولية.
هذا الموقف سبق وأنه أكده المبعوث الأممي الخاص لليمن هانس غروندبرغ في تصريح له الشهر الماضي لوكالة "فرانس برس" ، أكد فيه بأنه من غير الممكن المضي قدما بخريطة الطريق الآن، وقال بأنه " لا يعتقد أن تنفيذ تلك الخريطة سيكون ممكنا".
ورغم أن المبعوث الأممي حاول تدارك الأمر بالقول بأنه لا يزال يعتقد أن النزاع بين اليمنيين قابل للحل، الا أنه أشار ضمنياً الى السبب الرئيسي لتجميد خارطة الطريق بالقول أن "العامل المعقد الآن هو زعزعة الاستقرار الإقليمي، بحيث أصبح اليمن جزءا لا يتجزأ من خلال الهجمات في البحر الأحمر".
وهو ما يُشير اليه بشكل واضح اللواء/عيدروس الزُبيدي في حديثه السابق ، موضحاً أسباب انتهاء خارطة الطريق بأن قيام الحوثي بتهديد الملاحة الدولية غيّر من ملامح المعركة وعمل على توسيع الحرب في اليمن.
ويضيف الزُبيدي قائلاً : نحن اليوم منتظرين قرار من الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب بتنصيف جماعة الحوثي ككيان إرهابي من الدرجة الأولى وهذا سيمنع أي عملية سياسية مع الجماعة.
وتمخضت ما تُعرف بخارطة الطريق عن مفاوضات سرية شاقة استمرت لعامين بوساطة عُمانية بين جماعة الحوثي والمملكة العربية السعودية التي تقود تحالفاً عسكرياً لدعم الشرعية في اليمن، وجرى الإعلان عنها من قبل المبعوث الأممي أواخر عام 2023م.
ورغم الاعتراضات على بنود الخارطة من قبل اطراف ضمن معسكر الشرعية ووصفها بأنها جائزة لجماعة الحوثية الا أن الضغوط السعودية النابعة من رغبة الرياض في الخروج من ملف الحرب في اليمن ، عملت على اخماد هذه الاعتراضات.
وفي الوقت الذي كان ينتظر فيه التوقيع على هذه الخارطة بين الجماعة ومجلس القيادة الرئاسي مطلع العام الماضي 2024م ، الا أن الخارطة دخلت في حالة موت سريري عقب شن الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا هجمات جوية ضد مواقع تابعة لمليشيا الحوثي منتصف يناير من نفس العام.
الغارات التي اعتبرت نقطة تغيير هامة في المشهد اليمني ، عبرت عن تغير الموقف الدولي والغربي وخاصة موقف الولايات المتحدة الأمريكية تجاه ملف اليمن عقب تهديد مليشيا الحوثي الإرهابية للملاحة الدولية.
وكان من ثمار هذا التغيير موقفٌ صارمٌ من قبل الإدارة الامريكية السابقة والجديدة بمنع أي تقدم في مسار السلام في اليمن قبل وقف مليشيا الحوثي الإرهابية لهجمات ضد السفن التجارية وانظم له لاحقاً شرط وقف هجمات المليشيا نحو إسرائيل.
هذا التعطيل الأمريكي لمسار السلام اقرت به مليشيا الحوثي على لسان قادتها ، كان اخرها تصريح القيادي بالمليشيا محمد علي الحوثي في مقابلة له مع قناة "الميادين" الممولة من إيران ، وكشف فيه عدم وجود أي مفاوضات بين المليشيا والجانب السعودي فيما يخص ملف السلام في اليمن بسبب الموقف الأمريكي.
ومع الأنباء التي تتحدث عن مشروع داخل مجلس النواب الأمريكي لتنصيف جماعة الحوثي كـ "جماعة إرهابية اجنبية" وهو تصنيف أعلى من التصنيف الحالي كجماعة إرهابية خاصة ، تتصاعد المخاوف في صفوف المليشيا من مصيرها في الفترة القادمة.
فالمليشيا تدرك الواقع الذي باتت فيه عقب الانهيار الذي شهده مشروع إيران بالمنطقة العربية مؤخراً بدءً بالضربات الموجعة التي تلقاها حزب الله في لبنان مروراً بسقوط نظام الأسد في سوريا واخماد الورقة العراقية بوقف المليشيا الموالية هناك الاستمرار في خيار التصعيد الى جانب مليشيا الحوثي.
مشهد انهيار للمشروع الإيراني والذي انهار معه ما تُسمى بـ"وحدة الساحات" التي تقودها طهران ، يضع المليشيا الحوثي وحيدة في مواجهة غضب دولي واسع من التهديد الذي مارسته طيلة أكثر من عام بحق الملاحة الدولية بالبحر الأحمر وباب المندب ، وتصاعد الدعوات لتتعامل معها كأخر ورقة إيرانية تزعزع استقرار المنطقة والعالم.
هذا المأزق الواضح للمليشيا الحوثي يضعها امام خيارات صعبة في التعامل مع المشهد بالفترة المقبلة بين خيار الاستمرار في التصعيد عسكرياً بالبحر الأحمر في ظل وجود إدارة أمريكية جديدة شديدة العداء لنفوذ إيران وترغب في إخماد الحرائق التي اشعلتها بالمنطقة ، وبين خيار تقديم المليشيا لتنازلات مؤلمة لواشنطن والغرب ومعها إسرائيل تصل الى ما يشبه الاستسلام املا في العودة الى خيار السلام وتجنب مصير أذرع إيران بالمنطقة.