حـديـث الـشـرعـيـة .. وجـهـة نـظــر ..(الحلقة الثانية)

الاثنين 20 ديسمبر 2021 - الساعة 01:13 صباحاً

 

 تـجـاذبـات وإعـادة تـمـوضـعـات . 

 

اليمن تتجاذبه المطامع الداخلية والخارجية ويضربه الفساد من كل مكان ، وتهدُهُ الحروب وتفتت نسيجه المجتمعي الطائفية والجغرافيات المشتعلة والحسابات المؤدلجة الخاصة والصغيرة ومشاريع التمكين والغلبة والاستفراد ووو ... 

 

وهو ما يعني أن البلد ذاهبة نحو الجحيم  ولا جحيم  إلآ  ذاك  لو تعلمون. 

 

كل القوى المتحكمة في مربعات الشرعية تعيد تموضعاتها وفقاً لسياستي التقويض والتعويض واعتبار تحكمها بسلطة الأمر الواقع مشروعية  تـفـويـض أكان في تقويض جغرافيا الشرعية او شركاء الشرعية المتحكمة هنا او هناك ، او في تحسين فرصها في أي تسويات قادمة..

 

وهي بذلك إنما تعيد تموضعاتها حول موائد تلك التسويات _ لا أقل من ذلك  ولا أكثر _ لتكون جزءاً من مشهديات المستقبل الذي لا يبدو قريباً أو قادماً ولا يحمل في جعبته السلام والخير، فالكلُّ قابضٌ على الزناد، ولا يبدو في صالحِ أي انفراجةٍ متوقعةٍ  لأسبابٍ بعضها ذاتي والآخر موضوعي :

 

 فالذاتي / متعلق بأجندات القوى والأطراف المحسوبة على الشرعية ، وهي أجندات خاصة ولا تمثل الهم الوطني  ومشروع الدولة ، وأما الموضوعي فإن الشرعية وسط كل هذه الحسابات وتعدد الأجندات وخذلان الأرض وانحسارها  في مقابل طرف على الأقل مستفيد من كل هذآ التعدد والانقسام البيني في البيت الشرعي  المتآكل الحاضن اسفاً ، والمتعدد الأجندات والمنقسم  جغرافياً..

 

إضافة إلى تصلب خصم الشرعية الأول ، ووحدته الداخلية ورفضه لمشاريع التسويات أمام عجز الشرعية عن فرض خياراتها بقوة أكان بإسقاطه ودحره ، او بكسر شوكته وتقهقره، واجباره على القبول والاذعان لخيار التسويات ، وما مباحثات عمان  او مشاوراتها مع المبعوث الأممي إلآ دليلاً كافياً لمن كان له عقل  او قلب او ألقى السمع وهو شهيد  !!

 

فالانقلابيون يتكؤون على بعد عقدي وايديولوجي إذا صح التوصيف، وبنظرة عجلى لمن أراد الإطلاع على وثيقة قوى الانقلاب الفكرية سيتضح مدى الرفض لأي تسوية لا تفضي بهم لسدة الحكم ، وتكون لهم البد الطولي ومرجعية القرار، ناهيكم عن البعد العقدي في مسألة الاصفاء ولاهوتية الإعتقاد المقدس .

 

وعليه فخيارات التسوية التي  تُحَضِرُ لها نفسها  قوى التغول في الجغرافيا الشرعية  ستظل مشتعلة في مراوحات الداخل البيني .

 

أما على صعيد العدو الانقلابي فإنها ستكون هادئة إلآ من بعض سيناريوهات الفرجة ومشاريع الاستنزاف الشرعي فقط بحكم تجربة الحرب في السنوات الأربع الماضية على أقل تقدير. 

 

ومالم يتغير المنطق  الاستحواذي لدى قوى التحكم والتغول في الداخل الشرعي إلى الوطنية الجامعة فإن مؤشرات اجبار قوى الانقلاب للرضوخ او القبول بمشاريع التسويات سيكون من الصعوبة بمكان . 

 

 بمنطق آخر أنه إلى حيث تصل مدافعك يكون نفوذك، وخيارات الأرض لها منطقها الخاص الذي يختصر المراحل ويطوي المسافات.

 

    الـهـروب مـن الـمـواجـهـة

 

الهروب من مواجهة الإشكالات الحقيقية التي أصابت الشرعية الدستورية في مقتل من خلال عمليات الفساد المتنامي على كل المستويات سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وحتى عسكرياً وغياب النموذج القدوة، وضياع هيبة الدولة وظهور مراكز قوى ، وأجندات تتمدد على حساب الدولة الغائبة والمغيبة معاً..

 

وكذا انعدام الإستراتيجيات والرؤى الوطنية وانحراف بوصلة الإرادة السياسية لدى الشرعية الدستورية عن الوطنية اليمنية بمفهومها الجامع وأولويات المعركة وتحولها_اي المعركة_ لدى صناع القرار إلى لعبة الكراسي الموسيقية إذا صح  التوصيف، لتطفح مجاريه بكل ماهو مُشَاهَد من العبثيات والفوضى ومن تقسيم الجغرافيا في مناطق الشرعية سياسياً.

 

وتََشكُل كثير من الحسابات المعوقة والمقوضة للشرعية ذاتها من ناحية ، ولشرعية المعركة من ناحية أخرى، وهو ما يصب في خانة قوى الانقلاب الحوثية، والخاسر الأكبر هو المشروع الوطني الجامع، وجماهير شعبنا اليمني، والجغرافيا الوطنية، وتتحمل الشرعية المتآكلة بخياراتها العرجاء و توقيفياتها على طرف معين متسيِّد  - وهو معروف بالضرورة - ، وعلى حاشية المقربين والمحاسيب للرئيس هادي ونائبه ، واللذان يتحملان المسؤولية الكاملة وطنياً وقانونياً وموضوعياً واخلاقياً ، وتبعات كل ما جرى ويجري أمام الوطن والشعب والمستقبل والتاريخ .

 

ويبدو والحال كذلك أن الشرعية توقع على بياض لأطراف التغول المتحكمة في الجغرافية اليمنية كسلطات أمر واقع  بما فيها قوى الحوثي الانقلابية ، وذلك ماستفضحه مباحثات التسويات القادمة والذي لن يكون إلآ على حسابها كشرعية متوافق عليها ، وعلى حساب المجتمع اليمني ( أرضاً وشعباً ) ، وقد انقلبت الشرعية ذاتها على التوافق والتشاركات التوافقية.

 

لقد تعرضت الوحدة الوطنية لضربات ٍ في العمق ، وفتتت النسيج الاجتماعي الواحد بسبب عقلية الاستحواذ وبسبب تلك الأجندات الصغيرة ومشاريع الأنا والاستاذية والتمكين .

 

ومع الانقسام اليمني / اليمني فإن حالة الصدع في توسع  مطرد ٍ، ومدى انعكاس ذلك على وحدة الصف وعلى مستوى القضية والمشروع الوطني الكبير ، و كل ذلك وغيره ساهم في تفتيت الجبهة الوطنية الواحدة  وقواها ، ومدى تأثير ذلك على الانتماء الوطني كفكرة وقيمة  ورؤية جامعة .

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس