صراع نقابي في تعز حراك المعلمين يفقد نقابة الإخوان السيطرة على الشارع
الاربعاء 05 فبراير 2025 - الساعة 08:28 مساءً
المصدر : الرصيف برس - خاص
تعيش محافظة تعز على وقع احتجاجات غير مسبوقة في صفوف المعلمين، الذين عانوا طويلًا من تجاهل السلطات ووعودها المُسكِّنة. هذه الاحتجاجات، التي بدأت في ديسمبر 2024، شهدت توسعًا ملحوظًا مع انضمام العديد من الكيانات النقابية والمجالس التنسيقية، مما يعكس تلاحمًا جماهيريًا واسعًا.
في خضم هذا التصعيد، يبرز الصراع النقابي كواجهة أخرى للأزمة، حيث تعيش نقابة المعلمين التابعة لجماعة الإخوان في محافظة تعز حالة من التخبط والارتباك، تبدو فيها عاجزة عن فرض أي شكل من أشكال السيطرة على الحراك الشعبي المتصاعد، خاصة مع صعود "اتحاد التربويين اليمنيين" كقوة نقابية جديدة تستمد شرعيتها من الشارع، وتتمتع بثقة واسعة بين صفوف المعلمين. هذا التخبط لم يعد خافيًا على أحد، بل أصبح واضحًا في كل خطوة تخطوها النقابة، التي تبدو وكأنها تسير بلا بوصلة في بحر متلاطم من الغضب الشعبي والمطالب المشروعة.
تترنح نقابة المعلمين بين قرارات متضاربة ومواقف متذبذبة ومرتبكة، فبدأت بدعوة المعلمين للإضراب بعد أن كانوا قد أضربوا بالفعل بدعوة من اتحاد التربويين، ثم طالبت بفك الإضراب، لتعود مرة أخرى إلى الدعوة للإضراب. هذا التذبذب في المواقف جعلها تبدو كمن يلعب على الحبال، دون رؤية واضحة أو استراتيجية ثابتة، وهو ما أثار استياءً واسعًا بين صفوف المعلمين، الذين خرجوا في مسيرات حاشدة ينددون بمواقف النقابة ويرفضون تمثيلها لهم.
وحتى عندما حاولت النقابة إصلاح الوضع، جاءت محاولاتها متأخرة ومفتقرة إلى المصداقية. فبعد ضغط شعبي هائل، قدم أمين عام النقابة، عبدالرحمن محمد المقطري، اعتذارًا علنيًا خلال إحدى المسيرات، لكن الجماهير رفضت سماعه، وهو ما يعكس عمق الأزمة التي تعيشها النقابة وفقدانها السيطرة على المعلمين كما كانت في السابق. لم تعد النقابة قادرة على قيادة المعلمين بفعالية، بل أصبحت في موقف محرج يصعب معه استعادة الثقة المفقودة.
وبينما كانت النقابة تراوغ وتكرر وعودًا فارغة، كان المعلمون في تعز قد قرروا بوضوح ألا يعودوا إلى دائرة الكذب والخذلان، واستخدامهم كورقة ضغط سياسي من قبل نقابة المعلمين التابعة لجماعة الإخوان.
ومن محاولات نقابة المعلمين لاستعادة السيطرة على الحراك الشعبي المتصاعد، لجأت النقابة إلى أسلوب مكشوف لتفتيت صفوف المعلمين وإضعاف تماسكهم، فقد قامت بتفريخ عدد من المسميات النقابية الجديدة، التي تفتقر إلى أي أساس جماهيري أو شرعية نقابية، وتهدف إلى خلق انقسامات داخل صفوف المعلمين، وزرع فوضى تنظيمية، وإلهائهم عن مطالبهم الأساسية، وإبعادهم عن اتحاد التربويين اليمنيين، الذي أصبح يمثل صوتهم الحقيقي. وما يزيد من حالة التخبط التي تعيشها النقابة هو تصرفها المثير للاستياء خلال مظاهرة يوم الأحد الماضي، 2 فبراير 2025، حيث قامت بمنع الطفل أمير عبدالجليل محمد عبدالجبار، طالب الصف السادس الابتدائي، من إلقاء كلمة طلاب مدارس تعز، وتم إسكاتها بأوامر مباشرة من عبدالرحمن محمد المقطري، أمين عام نقابة المعلمين بتعز.
هذا التصرف، الذي اعتبره الكثيرون انتهاكًا صارخًا لحقوق الأطفال في التعبير عن همومهم، لم يكن سوى محاولة يائسة من النقابة للسيطرة على الخطاب الإعلامي والصوتيات خلال المظاهرة.
لكنها فشلت أيضًا في إدراك أن تقييد حرية التعبير، خاصة للأطفال، لن يؤدي إلا إلى مزيد من السخط الشعبي وفقدان الثقة في أي جهة تحاول كبح صوت الحق.
أما على الصعيد الحكومي بخصوص إضراب المعلمين، فقد جاءت تصريحات رئيس الوزراء، أحمد عوض بن مبارك، متأخرة وبلا قيمة، حيث لم تحمل أي جديد، ولم تتضمن حلولًا واقعية لمعاناة المعلمين المستمرة. فالحكومة، التي طالما تجاهلت مطالب المعلمين، حاولت تقديم مسكنات مرحلية دون أن تقدم حلولًا جذرية وعاجلة تلبي مطالبهم المشروعة، وهو ما جعل المعلمين يصرون على مواصلة حراكهم حتى يتم تحقيق مطالبهم كاملة.