تجاهل "الرئاسي" لانهيار العملة والخدمات .. الشرعية في مهمة انقاذ الحوثي
الخميس 06 فبراير 2025 - الساعة 12:25 صباحاً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي
في مشهد غير مسبوق ، غرقت العاصمة المؤقتة عدن مساء اليوم في ظلام دامس بعد توقف تام لجميع محطات توليد الكهرباء ، وسط تحذيرات من ان توقف مشابه لخدمة الماء والصرف الصحي خلال الساعات القادمة.
انهيار الخدمات بالعاصمة عدن يأتي بالتزامن مع الانهيار الأشد فداحة ووقعاً على حياة المواطنين بالمناطق المحررة ، وهو الانهيار المستمر للعملة المحلية امام العملات الصعبة ، حيث يقترب سعر صرف الريال السعودي من حاجز الـ600ريال اما الدولار الأمريكي فقد تجاوز حاجز الـ 2200ريالاً.
وعلى عكس مشهد الأزمات التي اعتادت عليه المناطق المحررة منذ عشر سنوات ، يأتي مشهد الانهيار اليوم وسط تجاهل مريب وغير مسبوق من قبل رأس الشرعية المتمثل بمجلس القيادة الرئاسي برئاسة رشاد العليمي وحكومة المجلس برئاسة احمد عوض بن مبارك.
فمع تواجد رئيس وأعضاء المجلس والحكومة خارج البلاد ، لم يصدر عن هؤلاء منذ أيام أي تحرك بل حتى تصريح إعلامي تجاه هذه الأزمات وتجاه مشهد الانهيار غير المسبوق في ملف العملة والخدمات، رغم الخطر الذي قد يلحق باستقرار الوضع بالمناطق المحررة جراء استمرار هذا الانهيار.
وهو ما يُثير علامات الاستفهام حول أسباب هذا التجاهل المريب من قبل رأس الشرعية تجاه الوضع المتردي الذي تعيشه اليوم المناطق المحررة ، والذي يأتي على عكس التوقعات التي كانت تسود المشهد في اليمن جراء التطورات الإقليمية والدولية خلال الأشهر الماضية.
هذه التطورات التي بدأت مع مسلسل الانهيار الذي لحق بالمشروع الإيراني في المنطقة العربية ، بلغت ذروتها مع تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المعروف بعداءه الشديد للنفوذ الإيراني بالمنطقة.
وتجسد ذلك بان كان واحد من أولى القرارات التي اتخذها عقب توليه السلطة رفع تصنيف مليشيا الحوثي في اليمن الى منظمة إرهابية ، في خطوة مفصلية عبرت عن رغبة دولية وغربية لتحجيم الخطر الذي تمثله مليشيا الحوثي على الأمن البحري بعد إغلاق ملف الحرب في غزة.
هذه الرغبة الدولية والغربية ظهرت جلياً في التوجه الغير مسبوق لدعم الشرعية في مواجهة مليشيا الحوثي سياسياً واقتصادياً في انقلاب كامل لتعامل الغرب مع ملف اليمن ، وتجسد هذا في المؤتمر الاقتصادي لدعم الحكومة اليمنية الذي نظمته بريطانيا في مدينة نيويورك بأمريكا منتصف الشهر الماضي.
تطورات أحدثت تفاؤلاً كبيرا بتغير موازين القوى في المشهد اليمني لصالح الشرعية بوجود دعم دولي تقوده أمريكا وبريطانيا لمواجهة مليشيا الحوثي الإرهابية وتضييق الخناق عليها سياسياً واقتصادياً وحتى عسكرياً اذا لزم الأمر، ما يعنيه ذلك من لمشروع السلام او ما تُسمى بخارطة الطريق التي تم صياغتها بصورة توصل الى تسليم اليمن بالكامل الى المليشيا.
الا أن هذا التفاؤل سرعان ما تبدد مع استمرار غياب مجلس القيادة والحكومة عن المشهد وعدم عودتهم الى عدن كما كان متوقعاً للاستفادة من كل ما سبق وتدشين مرحلة جديدة من إدارة المناطق المحررة وإدارة المعركة مع مليشيا الحوثي.
ليأتي اليوم مشهد الانهيار الذي تعاني منه المناطق المحررة والتجاهل التام له من قبل مجلس القيادة والحكومة ومع غياب أي تبرير لذلك ، على الرغم من خطورة ذلك وفي هذا التوقيت الحساس والهام.
فأي فوضى قد تشهدها المناطق المحررة ستمثل في جوهرها ضربة لوجود الشرعية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي والحكومة ، ما سيعني فقدان الأمل دولياً وامريكياً بالتحديد بوجود كيان في اليمن يمكن الاعتماد عليه ودعمه لمواجهة مليشيا الحوثي ليكون البديل لها شمالاً.
ما سيدفع الغرب الى البحث عن سياسية جديدة للتعامل مع المليشيا ومنها إيجاد تفاهمات معها لبقاء سيطرتها على اليمن مقابل تأمين مصالح الغرب ، وفي هذا الحالة سيعود المشهد في اليمن من جديد مهيأة لطرح ما تُسمى بخارطة الطريق.
هذا السيناريو وحده من يقدم تفسير لحالة الصمت والتجاهل تجاه مشهد الانهيار الذي تعاني منه المناطق المحررة من قبل الرئاسي وربما من خلفه الرياض ، بسبب الرغبة في منع أي مواجهة مع مليشيا الحوثي تحت أي باب او في أي ملف.
وهو ما عبر عنه بشكل واضح رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي في مقابلته مع صحيفة "عكاظ" السعودية الجمعة الماضية ، حيث تفاخر بان "مجلس القيادة كان شريكاً وثيقاً للمجتمع الدولي، في خفض التصعيد، وإفشال مخططات المليشيات الحوثية في العودة إلى الحرب الشاملة".
يعلن العليمي هنا صراحة بان مجلس القيادة الرئاسي يعارض تماماً أي مواجهة عسكرية مع مليشيا الحوثي قد يتسبب بها التعاون مع الرغبة الدولية والأمريكية تحديداً في تحجيم دور المليشيا ، وخاصة في الملف الاقتصادي.
وربما ان الإفصاح عن هذه الرغبة بعدم المواجهة مع الجماعة الحوثية، نتاج لتحركات من خلف الكواليس تقودها سلطنة عُمان بضوء اخضر من الرياض لصياغة تفاهمات بين الجماعة والإدارة الامريكية ومعها بريطانيا تسهل العودة الى مسار السلام بخارطة الطريق التي صاغتها مسقط بذات الطريقة بين الرياض والجماعة الحوثية.