كهرباء عدن وقضية الحكم الذاتي .. "حلالٌ" في مأرب و"حرامٌ" على حضرموت

الاحد 09 فبراير 2025 - الساعة 12:26 صباحاً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي

 


بعيداً عن المعاناة التي تكبدها سكان العاصمة عدن جراء الأزمة المستمرة في ملف الكهرباء ، كان التوظيف السياسي حاضراً في الانهيار الأخير الذي شهدته الخدمة والطريقة التي تمت بها حل الأزمة مؤقتاً.

 

فعقب توقف تام لخدمة الكهرباء لمدة يومين ، عاودت الخدمة نشاطها بشكل جزئي صباح امس الجمعة بعد ان تم تأمين كميات من وقود النفط الخام من مأرب لمحطة التوليد الوحيدة العاملة في العاصمة عدن.

 

وعلى الرغم من ان ذلك لم يكن اكثر من حل مؤقت يعيد خدمة الكهرباء بنسبة اقل من 20% من الحاجة الفعلية حالياً ، الا أن الأمر تحول الى سجال سياسي على مواقع التواصل الاجتماعي بين الناشطين ومعهم انصار للمكونات والقوى السياسية.

 

ففي حين أشاد ناشطون ومتابعون باستجابة عضو مجلس القيادة الرئاسي ومحافظ مأرب سلطان العرادة للأزمة واصداره لتوجيهات بتأمين الوقود لكهرباء عدن ، انتقد آخرون موقف حلف قبائل حضرموت الذي يقوده الشيخ عمر بن حبريش برفض خروج ناقلات النفط من منشأة الضبة لتزويد كهرباء العاصمة.

 

وكان واضحاً محاولة النشطاء المنتمين الى جماعة الاخوان تمجيد موقف العرادة واستغلاله في الهجوم على المجلس الانتقالي الجنوبي، واتهامه بالفشل في حل ملف الكهرباء في عدن ، على عكس الحال في مأرب.

 

كما ان الأمر جرى استغلاله ايضاً من قبل خصوم مشروع الانتقالي من الجنوبيين لاستعادة الدولة الجنوبية ، بالسخرية من ان تتوقف كهرباء عدن بسبب منع الوقود عنها من مكون حضرمي ثم يأتي أنفاذ الأمر على يد سلطة مأرب "الشمالية" والتي تخضع لسلطة جماعة الاخوان وهي من اشد خصوم الانتقالي.

 

وبعيداً عن هذا التوصيف والتناول السطحي لما جرى في ملف أزمة كهرباء عدن والفرق في التعامل بين سلطتي مأرب وحضرموت نحوها ، الا أن الحقيقة تبدو أعمق من ذلك ، حيث عكست هذا الأزمة في حقيقتها صورة للأزمة الأكبر التي تعاني منها المناطق المحررة.

 

أزمة تعود الى استمرار التفكك داخل مجلس القيادة الرئاسي الذي يقترب من عامه الثالث وهو يفشل في تحقيق الهدف من تشكليه في توحيد أداء مكونات وقوى الشرعية تحت سلطة واحدة تدير المناطق المحررة من جهة ومن جهة تخوض المواجهة مع مليشيا الحوثي.

 

ويظهر ذلك جلياً في مضامين الخبر الرسمي لاجتماع رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي لمناقشة أزمة الكهرباء والحديث عن جهود المجلس في حلها ، منها "الاستجابة المقدرة من عضو مجلس القيادة الرئاسي، محافظ مارب سلطان العرادة لزيادة كمية الوقود المرسلة لمحطات التوليد في محافظة عدن".

 

الإشادة الرئاسية بتوجيهات العرادة بمنح كهرباء عدن كميات من النفط الخام هي إقرار ضمني ببقاء مأرب "المحررة" كسلطة مستقلة بذاتها عن الحكومة في عدن ، التي من المفترض أنها من تتولى ملف النفط وانتاجه عبر الشركات الوطنية ومنها شركة صافر.

 

لتأتي توجيهات العرادة الى شركة صافر بتزويد كهرباء عدن بالوقود ، لتؤكد الحقيقة المستمرة منذ 2015م بكون مأرب "دويلة" مستقلة يقودها العرادة ولا سلطة للحكومة الشرعية عليها وعلى موارد النفط والغاز التي تعد موارد مركزية تخضع للحكومة وليس للسلطة المحلية.

 

بل أن الكارثة الأعظم ، تجلت بالوثيقة التي جرى نشرها اليوم وتشير الى مطالبة شركة صافر من الحكومة دفع مبلغ 52مليون دولار مقابل كميات النفط التي أرسلتها الى كهرباء عدن خلال السنوات الماضية.

 

> للمزيد اقرأ : سلطة مأرب تطالب الحكومة بـ 52مليون دولار مقابل وقود لكهرباء عدن - وثيقة

 

 

وبعيداً عن ان الوثيقة تفضح مزاعم سلطة مأرب التي ظلت تروج لها طيلة السنوات الماضية بأنها تمد كهرباء عدن بالوقود بشكل مجاني ، تؤكد الوثيقة بان الشركة تتعامل مع ما يتم انتاجه من نفط كملك لسلطة المحافظة بالكامل ، وليس كإيراد مركزي ملك للموازنة العامة للدولة تُمنح منه المحافظة فقط نسبة 25% التي اقرها مؤتمر الحوار الوطني.

 

هذه الاستقلالية التامة التي تتمتع بها سلطة مارب منذ 2015م ، مثلت وتُمثل واحداً من الدوافع التي تحرك قوى ومكونات سياسية واجتماعية في باقي المحافظات والمناطق المحررة بأن تنتزع وضعاً مشابهاً لوضع هذه السلطة.

 

وهو ما يُعبر عنه اليوم بشكل ضمني حلف قبائل حضرموت الذي يخوض صراعاً ضد مجلس القيادة الرئاسي ضد تهميش المحافظة وأبناءها، وأعلن مؤخراً بانه يسعى الى تحقيق "الحكم الذاتي" لحضرموت.

 

كما ان الحلف يُبرر لموقفه بمنع خروج النفط الخام من خزانات ميناء الضبة ، بأن كميات النفط التي تمتلئ بها الخزانات وتقدر بأكثر من 3مليون برميل هي ملك لأبناء حضرموت ويطالب بان تُسخر قيمتها لمعالجة ملف الكهرباء بالمحافظة الذي لا يقل تدهوراً عن ملف كهرباء عدن.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس