الزواج مقابل الحرية.. انتصار تنتحب خلف القضبان
الاثنين 14 ابريل 2025 - الساعة 08:44 مساءً
المصدر : الرصيف برس - يمن فيوتشر

- لؤي العزعزي
رغم مرور أكثر من أربع سنوات على احتجازها المخالف لقانون الإجراءات الجزائية، لا تزال انتصار الحمادي، عارضة الأزياء والممثلة اليمنية، خلف قضبان جماعة الحوثيين التي عادة ما تفرض أحكامًا خارج الالتزامات الدستورية والقانونية اليمنية التي كفلت الحق في الإفراج المشروط بعد انقضاء ثلاثة أرباع مدة الحكم.
*خلفيات وملابسات*
انتصار الحمادي، يمنية من أصول إثيوبية، كانت المعيل الوحيد لعائلتها المكونة من أب كفيف في إثيوبيا، وأم مسنة، وشقيق من ذوي الاحتياجات الخاصة يقيم معها في صنعاء.
قبل احتجازها بأيام، طُلب منها التعاون مع جهاز الأمن والمخابرات التابعة للجماعة الدينية المصنفة أمريكيًا على قائمة الإرهاب، لاستدراج معارضين سياسيين إلى شقق خاصة لتصويرهم في أوضاع مخلة تُستخدم لاحقًا في ابتزازهم.
رفضت الحمادي العرض، كما رفضت استغلال زميلاتها في هذا المخطط، ما أدى لاحقًا إلى تلفيق تهم أخلاقية لها ولعدد من رفيقاتها.
وكانت سلطات الجماعة على وشك إخضاعها لفحص عذرية قسري، قبل تدخُّل منظمات حقوقية محلية ودولية.
*استمرار تعسفي*
بحسب المحامي خالد الكمال، أنهت الحمادي مدة محكوميتها، واستوفت كافة شروط الإفراج المشروط، إذ لم تُدَن بأي جرائم جديدة داخل السجن، ولم تحاول الهروب، ومع ذلك لا تزال محتجزة بسبب ما وصفه بـ"غياب قريب من الدرجة الأولى لاستلامها"، وهو شرط تفرضه سلطات السجن رغم كونه غير منصوص عليه في القانون.
الإفراج المشروط بالزواج
تشير وقائع مماثلة إلى أن الإفراج عن السجينات أصبح مشروطًا بالزواج. محلية البعداني، إحدى زميلات انتصار، أُفرج عنها بعد بقائها أيامًا في "دار الفتيات الجانحات"، عقب أن تبرأ إخوتها منها جراء نزاع على الميراث، ولم يتم الإفراج عنها إلا بعد زواجها من أحد الأشخاص.
يقول خالد الصبيحي، أحد محاميي الحمادي وزميلاتها: "بعد انتهاء مدة العقوبة، تبقى النساء في السجن بسبب رفض أهلهن استلامهن. ولتجنب تطبيق القانون الذي ينص على الإفراج الوجوبي، يتم تحويل النساء إلى دار الفتيات الجانحات، مما يزيد من معاناتهن. في كثير من الأحيان، يلجأن إلى قبول الزواج كوسيلة للخروج من السجن."
*مقايضة الحرية بالزواج*
تضطر بعض السجينات في اليمن إلى الزواج من غرباء كشرط للخروج من السجن أو دار الفتيات الجانحات، حيث يصبح هذا الزواج وسيلة لضمان الحرية، وفي بعض الحالات يقبلن تحت طائلة الإجبار.
المحامي الصبيحي كشف عن عديد حالات مقايضة من هذا النوع: "السجينة (أ.ح) في سجن صعدة حُكمت بالسجن خمس سنوات، وبعد انتهاء فترة محكوميتها، اضطرت للزواج من شخص غريب للحصول على حريتها"، كما أشار إلى السجينة (م.ب) التي "كانت محكومة بالسجن ثلاث سنوات، وبقيت في الحبس مدة أربع سنوات ونصف حتى قبل الأمر لأجل الخروج".
أضاف: "لا يمكننا كقانونيين أن نعتب على الدستور أو القوانين النافذة في هذا الشأن، حيث يؤكد الدستور اليمني على حرية المواطن في المادة 48، سواء كان ذكرًا أو أنثى. وبالتالي، فإن استمرار حجز المرأة بعد انتهاء محكوميتها أو بعد تبرئتها يعد جريمة يعاقب عليها القانون."
*كشف العذرية والمجتمع الدولي*
في وقت سابق، أفادت منظمة العفو الدولية بأن انتصار الحمادي أُجبرت على الاعتراف بعدة جرائم، منها حيازة المخدرات والدعارة، كما كانت السلطات تخطط لإخضاعها لفحص "كشف عذرية قسري".
وفي وقت لاحق، تدخلت منظمة هيومن رايتس ووتش وأوقفت هذا السعي، مؤكدة أن القضية مليئة بالمخالفات والانتهاكات.
وأوضحت المنظمة أن الحمادي أُجبرت على توقيع وثيقة معصوبة العينين أثناء الاستجواب، وأن السلطات عرضت عليها إطلاق سراحها إذا ساعدتهم في الإيقاع بأعدائهم عبر "الجنس والمخدرات".
كما أكدت المنظمة أن حراس السجن أساءوا إليها لفظيًا ووصفوها بـ"العاهرة".
اليوم، وبين جدران الاحتجاز، تصارع انتصار الحمادي مرضًا خبيثًا أُعلن عن اكتشافه مؤخرًا، وفق الناشطة "نورا الجروي"، ما يزيد من تعقيد وضعها الصحي والإنساني. ومع قضائها ثلاث أرباع مدة عقوبتها في الحبس، لا تزال تنتظر حريتها.