أمسية ثقافية في مأرب تحيي رأس السنة الحميرية وتستلهم العظمة التاريخية

الاربعاء 16 ابريل 2025 - الساعة 11:15 مساءً
المصدر : الرصيف برس - مأرب

 


أحمد حوذان 

 

في ليلة استثنائية تجسد عمق الأصالة وعراقة التاريخ، احتضنت محافظة مأرب مساء الأربعاء أمسية ثقافية بهيجة بمناسبة رأس السنة اليمنية الحميرية المجيدة، تحت شعار "إرث حضاري وإلهام للأجيال"، نظمتها مؤسسة معد كرب الثقافية للتقويم اليمني العريق.

 

وقد شهدت الفعالية حضورًا لافتًا لنخبة من السياسيين الوطنيين، والناشطين المخلصين، والمهتمين بالشأن التاريخي والحضاري اليمني الأصيل.

 

وخلال هذه الاحتفالية الجامعة، ألقى المناضل مروان الدودحي كلمة ترحيبية معبرة باسم مؤسسة معد كرب الثقافية، استهلها قائلًا بقلب يفيض بالاعتزاز: "باسم مؤسسة معد كرب الثقافية، نرحب بكم جميعًا في هذه المناسبة العزيزة على قلوب كل يمني أصيل، مناسبة رأس السنة اليمنية الحميرية الـ 2141. هذه الحضرة الكريمة التي لا تمثل مجرد رقم في تقويمنا، بل هي امتداد لجذورنا العميقة الراسخة في تربة تاريخ الإنسان وحضارته العريقة".

 

وأضاف الدودحي بصدق وإيمان: "إن اهتمام مؤسستنا بتاريخ وحضارات اليمن الشامخة ليس مجرد شغف عابر بالماضي لاستذكاره، بل هو التزام راسخ قطعته المؤسسة على نفسها وجعلته الأساس المتين لسياستها النبيلة نحو إحياء وإبراز تلك العظمة التي سطرها أجدادنا الأبطال على مر العصور الخالدة".

 

وتابع في  كلمته قائلًا: "حضارات يمنية تليدة كانت وستظل علامة فارقة في التراث الإنساني، وليست مجرد فصول باهتة في كتب التاريخ، بل هي شواهد حية تنطق بعراقة الإنسان اليمني وعبقريته الفذة التي سبقت الأمم".

 

وأشار بتقدير إلى "أن التقويم اليمني الحميري يأتي مثالًا ساطعًا على هذه العبقرية، فقد استطاع الإنسان اليمني منذ آلاف السنين أن يبتكر تقويمًا فلكيًا دقيقًا يقوم على مراقبة حركة الشمس والقمر بدقة مذهلة ليحدد من خلاله الأيام والشهور والفصول. هذا التقويم لم يكن مجرد وسيلة لحساب الوقت، بل كان أداة عملية حيوية لمواسم الزراعة وتنظيم الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وهو دليل حي على تقدم علمي وفكري سبق به أجدادنا الأمم الأخرى قبل قدوم غبار التاريخ السلالي المتخلف الذي حاول طمس هذه الحقائق الناصعة".

 

وفي ختام كلمته، أكد الدودحي بعزيمة: "في هذا اليوم المبارك، ونحن نحتفي ببداية عام يمني جديد، نؤكد في مؤسسة معد كرب أننا سنواصل جهودنا الدؤوبة في الحفاظ على الهوية اليمنية الأصيلة، وتسليط الوعي على المبادرات الثقافية والمعرفية التي تعيد لليمن مكانته السامية التي عاثت بها قوى الظلام والجهل فسادًا، والتي عملت بضراوة على تجريف ذاتنا وهويتنا وتاريخنا المجيد لصالح هوية دخيلة وتاريخ سلالي دموي لا يمت لليمنيين الأحرار بأي صلة".

 

وأعلن الدودحي عن بشرى سارة قائلًا: "يسعدنا اليوم أن نعلن عن بدء العمل الجاد على إنشاء معهد متخصص لتخليد نقش المسند العظيم وعلوم التاريخ اليمني العريق، والذي يأتي امتدادًا طبيعيًا لنشاط مؤسسة معد كرب الثقافي في خدمة الموروث الثقافي والتاريخي لليمن الخالد".

 

وأوضح أن "هذا المعهد الطموح سيهدف إلى تعليم أجيال اليمن القادمة خط المسند العريق، الخط الذي كتبت به أعظم صفحات حضارتنا وشهد على عظمة الإنسان اليمني".

 

وقد تخللت الفعالية تقديم ورقتي عمل قيمتين، حيث تحدث الدكتور سالم حسان، أستاذ التاريخ بقسم الآثار والسياحة بجامعة إقليم سبأ، في الورقة الأولى عن "التقويم التاريخي في الممالك اليمنية القديمة"، بينما قدم الدكتور عدنان العواضي، أستاذ علم النبات بقسم علوم الحياة بجامعة إقليم سبأ، الورقة الثانية تحت عنوان "التقويم الزراعي للمملكة حمير"، مؤكدًا على أهمية هذا التقويم وارتباطه الوثيق بالواقع المعاصر.

 

وقد أوضح الدكتور العواضي أن الأشهر الحميرية الشمسية تُعد من التقويمات القديمة ذات الأهمية البالغة في التاريخ العربي والإسلامي والجزيرة العربية، حيث كانت تستخدم على نطاق واسع في حضارات اليمن القديمة من مملكة سبأ إلى مملكة حمير، وكانت أداة حيوية لتنظيم الزراعة ومواسم المناسبات الدينية والاجتماعية، مما يدل على مدى التقدم الحضاري الذي وصل إليه اليمنيون القدماء. 

 

وأشار إلى أن هذا التقويم العريق ما يزال يستخدم حتى اليوم في مواسم الزراعة في محافظتي إب وتعز، جنبًا إلى جنب مع التاريخ الهجري والميلادي، ويعتبر جزءًا لا يتجزأ من التراث اليمني الغني وله دور محوري في تعزيز الهوية الثقافية والوعي بالتاريخ الزراعي اليمني الأصيل، مؤكدًا أن التقويم الحميري الزراعي يعكس العلاقة الوثيقة بين الإنسان اليمني والأرض، وكان أداة دقيقة في تنظيم الحياة الزراعية، ورغم التغيرات التي طرأت على مر العصور، فإنه لا يزال يحتفظ بأهميته ويمكن أن يعود لتوظيفه في تنظيم الحياة الزراعية مع تكييفه مع متطلبات الحياة اليومية.

 

وقد تخللت الفعالية مداخلات قيمة أكدت على الأهمية القصوى لهذه المناسبة في تعزيز الهوية اليمنية الأصيلة، خاصة وأن مليشيا الحوثي تسعى جاهدة لطمس هذه الهوية العريقة. كما قُدم خلال الفعالية أوبريت فني معبر عن الحياة الزراعية اليمنية وأغنية وطنية للفنان القدير محمد عكيزان، حيث حاكت الأغنية بصدق وجمال الجانب الزراعي والإرث الحضاري العظيم والارتباط الوثيق بين الهوية اليمنية والإنسان اليمني الأصيل.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس