عن الإخوان والخطيئة
الثلاثاء 25 يوليو 2017 - الساعة 08:59 مساءً
حسين الوادعي
مقالات للكاتب
هناك مثل يقول: "يبقى اليهودي يهوديا ولو ارتكب الخطيئة".
والمغزى منه أن اليهودية ليست دينا فقط، ولكنها قومية ايضا.
فحتى اليهودي الذي يكفر باليهودية ويلحد يبقى يهوديا! والذي اكتشفته بعد عمر طويل.
ان "الإخواني يبقى إخوانيا حتى ولو ترك التنظيم" ولا زلت عاجزا عن تفسير هذه الظاهرة التي تجعل الإخواني المتمرد على جماعته والمستقيل منها يبقى مرتبطا بها عضويا وتنظيميا وفكريا حتى لو خرج منها وكفر بها ، بل وحتى لو ألحد وترك الإسلام!
(لدي نماذج لا بأس بها من "ملحدي الإخوان" الذين تركوا الإسلام ولكنهم لم يتركوا التنظيم)! كانت جماعات الإسلام السياسي (والاخوان أكبرها) قد بدأت عملية "مراجعة ذاتية" مهمة، واستطاعت بعض فصائلها أن تتمرد على "أصول" الفكر والتنظيم الاخواني التي تحولت الى مقدسات لا يمكن المساس بها (حركة النهضة التونسية وحزب الوسط المصري نموذجا). وشهدت تلك الفترة خروجا جماعيا مؤثرا لقيادات فكرية وتنظيمية وسياسية مهمة بعد أن وصلوا مع تنظيماتهم الى طريق مسدود. توقفت مرحلة المراجعات للاسف وعاد الإخوان تنظيما وفكرا إلى مرحلة التنظيم المقدس والفكر الموحد مرة اخرى،
وكان ذلك نتيجة لعدة عوامل: -
تشريد وملاحقة اعضاء حزب الإصلاح في اليمن بعد 21 سبتمبر 2014 - السقوط المفزع لحكم مرسي في مصر.
- حرب اجتثاث الإخوان التي تقودها السعودية والإمارات.
- محاولة الإنقلاب في تركيا العام الماضي.
في الأزمات (المحنة حسب المصطلح الأثير للاخوان) يتغلب التضامن على التجديد، والعاطفة الحزبية على العقل.
لهذا عاد المهاجرون من الإخوان الى تنظيماتهم سرا، بعد ان كانوا غادروها علنا، وتراجع الوسطيون والمجددون ليقفوا صفا واحدا مع الأصوليين والمتشددين، وضاعت فرصة مهمة لمراجعة الأخطاء والخطايا. رافقت "المحنة" مسيرة الإخوان منذ تأسيسها (محنة التنظيم السري، محنة الصراع مع عبد الناصر، محنة صعود مرسي وسقوطه، محنة إخوان اليمن 2014، محنة الحرب الخليجية ضد الاخوان).
لكن المشكلة أن أغلبية الإخوانيين لا زالوا يفسرون هذه المحن بمصطلحات "المؤامرة" رافضين تماما الإعتراف بدور العوامل الداخلية ودور التنظيم المقدس والفكر المتكلس في محنات الصعود والسقوط. أرجو أن لا يغيب صوت العقل لأن "لاعقلانية" الخطاب الإخواني اليوم وصلت إلى مراحل لم أكن أتخيل أبدا أن يصل إليها بعد تجربتها الطويلة في العمل السياسي والمدني.
...........................
من حائطه على الفيس
لمتابعة قناة الرصيف برس على تيلجرام.