لماذا تخلي إخوان السودان عن البشير؟

الخميس 25 ابريل 2019 - الساعة 12:12 صباحاً
المصدر : متابعات

 


أعلن الدكتور عوض الله حسن سيد أحمد، المراقب العام للإخوان المسلمين في السودان، صراحة تخليه التام، وتخلي جماعة الإخوان في السودان، عن نظام الرئيس السابق عمر البشير وكافة المعاونين له من رموز النظام المخلوع.

 

وقال في رسالة فاجأت السودانيين أنفسهم، وكانت تحمل عبارات واضحة وصريحة لا تحتمل تأويلا أو لبسا، إن "جبهة الإنقاذ" التي كانت تحكم السودان خلال عهد البشير "قامت بإفساد الدين والدنيا"، حسب تعبيره، متعهداً "بإزالة كل ذلك والعمل مع الشركاء لعدم إعادة إنتاج النظام".

 

للإجابة عن سبب تخلي الإخوان عن البشير، يجب العودة لبدايات إنشاء التنظيم في السودان لفهم أدبياته وفلسفته في التعامل مع المشكلات السياسية.

 

وعن هذا الموضوع، قال ماهر فرغلي، الباحث في حركات الإسلام السياسي في حديث إن جماعة الإخوان نشأت في السودان في الأربعينيات، كامتداد لحركة الإخوان التي أسسها حسن البنا في مصر، وظهرت بتشكيل جمع أطياف العمل السياسي في محاولة استيعاب قوى سياسية وإسلامية منها "الحزب الاشتراكي الإسلامي" الذي تأسس عام 1949 بقيادة بابكر كرار.

 

وأضاف أن جماعة الإخوان في مصر تواصلت مع نظرائها في السودان بدايةً من العام 1952، ولم تفلح الاتصالات والاجتماعات في إنشاء فرع لجماعة الإخوان المسلمين المصرية في السودان خاصة بعد استقالة بابكر كرار وتأسيسه حزبا جديدا باسم "حزب التحرير الإسلامي".

 

وبحسب فرغلي، تم حسم الخلافات وأُعلن عن جماعة الإخوان في السودان في أغسطس/آب من العام 1954، وانتخب لها أمين عام هو محمد الخير عبد القادر، ثم نشبت خلافات أخرى وصراعات أدت في النهاية ليتولى الرشيد الطاهر بكر منصب المراقب العام للجماعة.

 

في العام 1964، ظهر حسن الترابي منظّر جماعة إخوان السودان الأول، وأعلن تأسيس "جبهة الميثاق الإسلامي" كتحالف إسلامي بين الإخوان والسلفيين والطريقة التيجانية الصوفية، وتم اختيار الترابي أميناً عاماً له.

واستمرت الجماعة وتغلغلت في المجتمع السوداني حتى وصلت إلى الجماعة الحالية، التي يترأسها عوض الله حسن سيد أحمد.

 

نجح الترابي في الانفصال بتنظيم السودان عن التنظيم الأم في مصر، وساهم في إنشاء عدة مشروعات اقتصادية جعلته يفكر في إنشاء تنظيم موازٍ للتنظيم الدولي، ثم قام بتأسيس "حزب المؤتمر الوطني" عام 1994 بعد انقلاب عمر البشير، وكان الترابي أحد قادته.

 

وفي العام 1999، تقاربت وجهات النظر بين إخوان مصر وإخوان السودان، وأصبحت العلاقة بينهما تكاملية، ثم استقبل السودان عناصر عديدة من جماعة الإخوان في مصر عقب اندلاع ثورة 30 يونيو/حزيران من العام 2013.

 

صراعات الأجنحة داخل جماعة الإخوان في السودان وراء تخليها عن البشير، فضلاً عن خشية قيادات الجماعة مما حدث لإخوان مصر وتونس وحجم استثماراتهم الضخم في السودان، والذي قد يكون مصيره مثل مصير ممتلكات وأموال الجماعة الأم في مصر.

 

وعن هذا الموضوع، قال عمرو فاروق، الباحث في تاريخ جماعات الإسلام السياسي، إن "إخوان السودان واستغلالاً لمبدأ الانتهازية السياسية يقفزون على الثورة وانقلبوا على النظام السابق الذين كانوا شركاء فيه، من أجل أن يكون لهم تواجد في المشهد السياسي القادم في السودان ونصيب من ترتيباته التي تعد حاليا، إضافة لخشيتهم من ثورة شعبية كبيرة ضدهم قد تدفع المجلس الانتقالي الحاكم للزج بقياداتهم في السجون، والقضاء على الحركة فعليا كما جرى في مصر، وإبعادهم نهائيا عن المشهد كما جرى على فترات في تونس".

 

عامل آخر وراء تخلي الإخوان في السودان عن البشير وهو حجم استثماراتهم ومشروعاتهم وشركاتهم في السودان والتي تأسست على مدار 30 عاما، حيث أصبح لهم، كما يقول فاروق، نشاط هائل في مجالات عدة في السودان من تجارة السلع الغذائية والأدوية والخدمات الصحية والتعليمية ومحال تجارية وسلسلة فروع للمواد الغذائية والأجهزة الكمالية، وكل تلك المشروعات تم تأسيسها بأموال الجماعة وأموال قطر.

ويخشى من أن أي تهور لقادة الجماعة قد يغضب منهم قادة المجلس الانتقالي ويتم إصدار قرار بمصادرة أموالهم وممتلكاتهم لحساب الشعب مثلما حدث في مصر، حسب فاروق.

 

وأضاف فاروق أنه "وفق معلومات مؤكدة، فقد وصلت تعليمات لقادة الإخوان بالسودان من جانب التنظيم الدولي للجماعة بالتخلي عن البشير حفاظاً على مصالحهم وأموالهم وممتلكاتهم، وحماية للتنظيم وقادته من الملاحقة، وحتى لا تسقط الجماعة في السودان مثلما سقطت الجماعة الأم في مصر عقب عزل محمد مرسي".

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس