إيران ترمي بورقة الحوثي على طاولة التفاوض مع ترامب وامريكا تُسلم ملفه لإسرائيل
الاربعاء 07 مايو 2025 - الساعة 12:25 صباحاً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي

تطورات متسارعة شهدها المشهد في اليمن خلال الساعات الماضية ، بدأت بالغارات الاسرائيلية العنيفة ليل امس ونهار اليوم ،وانتهت بالإعلان المفاجئ للرئيس الأمريكي بوقف الحملة الجوية على مليشيات الحوثي الإرهابية.
الغارات التي بدأتها إسرائيل مساء امس وختمتها عصر اليوم ، كانت محصلتها إخراج كل من مطار صنعاء وميناء الحديدة عن الخدمة وتدمير اكبر مصنعين للأسمنت في الحديدة وعُمران ، في ضربات موجعة مثلت هزة عنيفة لسلطة مليشيا الحوثي شمالاً باستهداف اهم المصالح الحيوية لليمنين بمناطق سيطرة المليشيا.
واختمم المشهد بهزة سياسية فجرتها تصريحات مفاجئة للرئيس الأمريكي ترامب في تصريحات له بالبيت الأبيض وقف الضربات الجوية الأميركية على مليشيا الحوثيين في اليمن، الذين قال بأنهم "استسلموا".
وقال ترامب : " لقد قالوا لنا ، إن الحوثيين لا يريدون القتال بعد الآن... وسنحترم ذلك ، وسنتوقف عن القصف، وقد استسلموا"، مضيفًا: "لقد قالوا إنهم لن يفجروا السفن بعد الآن، وهذا هو الغرض من كل ما كنا نقوم به".
وسرعان ما تم الكشف عن تفاصيل ما أعلنه ترامب ، بتصريح من وزارة الخارجية العُمانية كشفت فيه بأن مناقشات واتصالات أجرتها سلطنة عُمان مؤخراً مع الولايات المتحدة الأمريكية وجماعة الحوثي بهدف تحقيق خفض التصعيد ، افضت الى اتفاق على وقف إطلاق النار بين الجانبين.
وبحسب الخارجية العُمانية يتضمن الاتفاق بأن الطرفين "لن يستهدف أي منهما الآخر، بما في ذلك السفن الأمريكية في البحر الأحمر وباب المندب، وبما يؤدي لضمان حرية الملاحة وانسيابية حركة الشحن التجاري الدولي".
مليشيا الحوثي التي التزمت الصمت لساعات ولم تعلق بشكل رسمي على البيان العُماني ، اكتفت بإدلاء ناطقها محمد عبدالسلام المُقيم مسقط بتصريح الى قناة "المسيرة" التابعة للمليشيا أكد فيها على ما ورد في بيان الخارجية العمانية.
ناطق المليشيا حاول في تصريحه التخفيف من صدمة انصار المليشيا من الكشف عن الاتفاق وتأكيد الرئيس الأمريكي بانه "استسلام" من قبل المليشيا ، حيث زعم بأن المليشيا هي من تلقت طلب التفاوض من أمريكا عبر سلطنة عمان ، زاعماً ان الذي تغير هو موقف الأمريكي وليس موقف المليشيا.
ناطق المليشيا الذي اكد بأنه لا علاقة بالتفاهم المبدئي مع الأمريكي بهجمات المليشيا على اسرائيل ، قال بأن مليشيا الحوثي ما تزال "تُقيم الموقف الأمريكي حتى لا يصبح الأمر مجرد تصريحات".
واقر ناطق المليشيا بشكل غير مباشر بعدم وجود أي ضمانات للاتفاق مع أمريكا حيث قال بأن "الضمانات للاتفاق هي تلك التجربة السوداء التي خاضتها أمريكا في اليمن".
وبعيداً عن مزاعم المليشيا وناطقها ، كشفت التقارير والتصريحات الامريكية عن ارتباط هذا الاتفاق بالمفاوضات الجارية بين أمريكا وإيران حول برنامجها النووي بوساطة عُمانية.
حيث نقلت شبكة CNN الأمريكية عن مسؤول بوزارة الدفاع الأمريكية لـ وقف الضربات في اليمن، جاء نتيجة محادثات بين واشنطن والحوثيين بوساطة عمانية الأسبوع الماضي بقيادة "ستيف ويتكوف" المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط ، وهو ذاته من يقود المفاوضات مع إيران.
ونقلت الشبكة الامريكية عن "مصادر مطلعة" تأكيدها بأن التفاهم بين الولايات المتحدة والحوثيين على عدم مهاجمة بعضهم البعض يهدف إلى تعزيز زخم محادثات الاتفاق النووي الإيراني.
اللافت في هذا السياق ، ان الاتفاق جاء بعد التهديدات الذي وجهها وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث، بأن إيران "ستدفع الثمن في الوقت والمكان الذي نختاره" إذا استمرت في "دعمها القاتل للحوثيين".
ذات التهديدات كان قد صدرت من داخل إسرائيل عقب الهجوم غير المسبوق الذي نفذته مليشيا الحوثي على مطار بن غوريون الأحد الماضي بصاروخ بالستي سقط على بعد امتار فقط من صالة المسافرين بالمطار.
هذه التهديدات الامريكية والإسرائيلية يبدو أنها دفعت إيران الى اجبار مليشيا الحوثي على الدخول في مفاوضات في مسقط مع الجانب الأمريكي لخفض التصعيد ، كبادرة حسن نية تساهم في دفع عملية التفاوض حول برنامجها النووي.
وفي هذا السياق ، اشارت تقارير وتسريبات ان إيران وجهت مليشيا الحوثي بوقف تام لهجماتها على السفن والقطع الحربية الامريكية في البحر الأحمر لإنجاح المفاوضات ، وهو ما التزمت به المليشيا طيلة أسبوع كامل ، حيث أن اخر هجوم أعلنته المليشيا كان في الـ30 من إبريل الماضي.
ويرى مراقبون بان التوصل الى هذا الاتفاق جاء بسبب التقاء الحاجة له من قبل الطرفين ، حيث ان الاتفاق يُمثل حاجة ملحة لمليشيا الحوثي التي تلقت ضربات موجعة في الحملة الجوية الامريكية التي استمرت لأكثر من شهر ونصف ، وسط عجز المليشيا عسكرياً عن التصدي لها او الرد عليها.
في حين ان الاتفاق سيمثل نصراً معنوياً يحتاجه الرئيس الأمريكي ترامب قُبيل زيارته المرتقبة للشرق الأوسط الأسبوع القادم ، كما ان الاتفاق يحقق أهم هدف للحملة الجوية الامريكية والمتمثل في وقف هجمات مليشيا الحوثي على السفن في البحر.
يضاف الى ان إدارة ترامب ربما تكون قد شعرت بأن الحملة الجوية قد حققت أهدافها في توجيه رسالة صارمة الى المليشيا الحوثية تجعلها تفكر ملياً قبل الاقدام على استئناف هجماتها ضد الملاحة الدولية او السفن الأمريكية.
يضاف ايضاً الى وجود رأي داخل هذه الإدارة بان تسلم ملف مليشيا الحوثي الى إسرائيل لإكمال ما بدأته إدارة ترامب في انهاك قدرات المليشيا وملاحقة قياداتها بعمليات تمتد لفترة زمنية طويلة وهو ما تجيده إسرائيل كثيراً.