قمع وتضليل.. كيف احتكر الحوثيون مشهد حقوق الإنسان باليمن؟

الجمعه 09 مايو 2025 - الساعة 09:17 مساءً
المصدر : الرصيف برس - العين الإخبارية

 


تسوق القاتل كضحية، تزيّف الحقائق، تشرعن القمع، تكمم أفواه المراقبة وتلاحق أصوات المساءلة، ولم تبق للدماء المهدورة سوى سردية واحدة.

 

مشهد حقوقي قاتم ترسمه مليشيات الحوثي كل يوم، حيث تُستغل دماء الضحايا كأرقام في تقارير ملفقة لتعزيز النفوذ الداخلي والتأثير على الرأي العام الدولي حتى غدت المليشيات نفسها طرفا مظلوما يتعرض "لهجوم خارجي" وانتهاكاتها "دفاع عن النفس" وردة فعل على الخصوم.

 

حدث ذلك طيلة عقدين من حروب التمرد الحوثي وكرسته المليشيات مؤخرا عقب الغارات الأمريكية، إذ ظلت تغسل الخسائر بمشاهد الضحايا المدنيين والتي استثمرت دماؤهم لكسب تعاطف الداخل وتضليل الخارج للضغط على الولايات المتحدة لوقف ضرباتها.

 

 احتكار مشهد الدم

 

احتكر الحوثيون مشهد حقوق الإنسان في اليمن من خلال أعمال منهجية منها التضييق على المنظمات واعتقال الراصدين الميدانيين لهذه الوكالات ثم تشييد كيانات حقوقية لغسل جرائم القتلة وتحويلهم إلى ضحايا.

 

وبحسب مصادر حقوقية لـ"العين الإخبارية" فإن اعتقال مليشيات الحوثي لعشرات الراصدين الحقوقيين التابعين لمنظمات أممية ودولية ومحلية منهم 6 في مفوضية حقوق الإنسان منذ العام الماضي، ساعد المليشيات في احتكار المشهد الحقوقي والمدني بشكل مطلق في شمال اليمن.

 

وأكدت المصادر أن "الاختطافات الحوثية الممنهجة لعاملي المنظمات المستقلة كان جزءًا من استراتيجية حوثية أوسع للسيطرة على المجال الحقوقي وتزييف الحقائق أمام المجتمع الدولي" والتنصل من المجازر.

 

وتشير المصادر إلى أن مليشيات الحوثي لم تبق "سوى عدد محدود من منظمات حقوق الإنسان العاملة تحت إشرافها المباشر منها "منظمة إنسان للحقوق والحريات" برئاسة أمير الدين جحاف ومديرها إبراهيم إسماعيل الوزير.

 

وتعمل هذه المنظمة من صنعاء ووقفت خلف إصدار العديد من التقارير الملفقة كان آخرها تقرير في 4 مايو/أيار الجاري بعنوان "العدوان الثلاثي على اليمن في زمن الطوفان" والذي اتهم أمريكا وبريطانيا وإسرائيل بقصف 15 منشأة مدنية لكن بعد التدقيق تبين أن الكثير منها معسكرات حوثية.

 

المنظمة الثانية هي "منظمة انتصاف لحقوق المرأة والطفل" برئاسة سمية محمد الطايفي وفريقها نبيلة الفقيه وفاتن شرف الدين وأمل محمد جحاف، وقد أصدرت مؤخرا تقارير بعنوان "عقد من العدوان ويستمر الإجرام"، زعمت فيه مقتل 4 آلاف و158 طفلا وذهبت لاتهام الأمم المتحدة بالتواطؤ لفرض ما أسمته "حصار" وتقديم مساعدات فاسدة.

 

وهناك العديد من المنظمات الحوثية المعنية بغسل جرائم المليشيات محليا ودوليا، أبرزها وفقا للمصادر، "منظمة تهامة للحقوق والتنمية والتراث الإنساني" برئاسة أمجد العميسي المقرب من زعيم المليشيات و"منظمة مركز عين الإنسانية للحقوق والتنمية" التابعة للقيادي أحمد أبو حمراء.

 

بالإضافة لمنظمة "مركز نداء الكرامة للحقوق والتنمية" التابع للقيادي زيد الغرسي و"المنظمة اليمنية للحقوق والحريات" برئاسة علي الديلمي، الذي كان يشغل منصب نائب وزير حقوق الإنسان في حكومة الانقلاب غير المعترف بها.

 

كذلك "منظمة مواطَنة لحقوق الإنسان ⁦‪التابعة لرضية المتوكل، والتي يتهمها الوسط الحقوقي اليمني بتبني سردية أحادية تخدم مصالح مليشيات الحوثي، بالإضافة لمنظمة المدرسة الديمقراطية برئاسة جمال الشامي، وتُستخدم كواجهة لأنشطة موجهة تخدم أجندة الحوثي في قضايا الطفولة والمجتمع المدني.

 

كما يمتلك الحوثيون منظمة "المركز القانوني للحقوق والتنمية" ويشرف عليها مباشرة القيادي الحوثي النافذ محمد علي الحوثي ويرأسها طه أبو طالب، بالإضافة لـ"التكتل المدني للتنمية والحريات" ومنظمة "مناصرون للحقوق والحريات" المسؤولة عن التشبيك مع منظمات خارجية تدعم التوجهات الإيرانية.

 

مجازر صادمة

 

مكنت "السيطرة على الفضاء المدني والإعلامي والحقوقي" و"تكميم الأفواه وترهيب الأصوات المستقلة" و"تقييد عمل المنظمات الحقوقية والإنسانية"، مليشيات الحوثي في التعتيم على الكثير من المجازر الدامية في مناطق سيطرتها وجعل من الصعب ظهور "تفسيرات متعددة" للوقائع.

 

وكان آخر هذه المجازر، مقتل نحو 70 مهاجرا أفريقيا وإصابة العشرات آخرين في هجوم على مركز لتجميع وتدريب المهاجرين الأفارقة في صعدة في 28 أبريل/نيسان الماضي، والتي تضاربت فيه الروايات الحوثية.

 

ففي البداية، ضللت مليشيات الحوثي وسائل إعلام دولية ومحلية بأنه "سجن احتياطي" ثم "مركز احتجاز" ثم "مركز إيواء للمهاجرين غير النظاميين" يتبع منظمة الهجرة الدولية لكن هذه الأخيرة نفت علاقتها بالموقع.

 

ولم تعترف أي جهة بمسؤوليتها عن القصف حتى اليوم وذلك رغم تأكيد الحكومة اليمنية في وقت لاحق أن الموقع كان "مركز لتجميع وتدريب المهاجرين الأفارقة " وكانت تستغله مليشيات الحوثي لفرز المهاجرين بحسب الديانة وتستغلهم بشكل مزدوج مع حركة الشباب الصومالية.

 

وفي واقعة ثانية، كشف الهجوم على سوق "فروة" الشعبي في مديرية شعوب بصنعاء في 20 أبريل/نيسان، والذي تسبب بمقتل وإصابة أكثر من 40 مدنيا، وتضرر العديد من المنازل السكنية، كيف تضلل المليشيات الرأي العام.

 

آنذاك، ادعت مليشيات الحوثي أن السوق الشعبي تعرض للقصف من قبل الولايات المتحدة، لكن هذه الأخيرة نفت تنفيذ الهجوم، قبل أن يتبين أن القصف كان ناجما عن سقوط صاروخ دفاع جوي أطلقته مليشيات الحوثي من "بيت عذران" غرب صنعاء، وسقط في سوق "فروة" وخلف المجزرة، بحسب مصادر محلية وإعلامية وحقوقية لـ"العين الإخبارية".

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس