في اليوم العالمي للتمريض": منظمات دولية تُغلق شريان الحياة الصحي لملايين النازحين والمشردين بمأرب والجوف..

الاربعاء 14 مايو 2025 - الساعة 08:47 مساءً
المصدر : الرصيف برس - خاص

 


مارب - أحمد حوذان:

 

في مشهد يبعث على الأسى العميق ويستدعي تحركًا إنسانيًا عاجلًا، وتزامنًا مع اليوم العالمي للتمريض (12 مايو)، الذي كان من المفترض أن يكون يوم تقدير وعرفان للعاملين في الخطوط الأمامية للرعاية الصحية، كشف مسؤولون محليون في محافظتي مأرب والجوف عن تخلٍّ مُريب وصادم من قبل منظمات دولية عن دعم القطاع الصحي الحيوي الذي يمثل شريان حياة لملايين النازحين والمشردين الذين مزقت الحرب أوطانهم. هذا الانسحاب المفاجئ يُنذر بكارثة إنسانية وشيكة الوقوع، حيث أُغلقت بالفعل عشرات المشافي الميدانية التي كانت تقدم خدماتها المجانية، وتوقفت الفرق الطبية المتنقلة التي كانت تصل إلى أبعد المخيمات لتقديم الرعاية الصحية الأساسية لهؤلاء المتضررين من ويلات الصراع.

 

مأرب تحت وطأة الانهيار الصحي

 

 مدير مكتب الصحة العامة والسكان بمأرب: الدكتور أحمد العبادي، وفي تصريح لموقع الرصيف برس، وصف الوضع الصحي في المحافظة بـ "كارثة بكل المقاييس"، مُعلنًا عن إغلاق 35 مشفى ميدانيًا كانت تُقدم خدماتها المجانية للنازحين، بالإضافة إلى التوقف الكامل لعمل أكثر من 30 فريقًا طبيًا متنقلًا كانت تغطي احتياجات المخيمات بشكل شامل.

 

 وأعرب عن صدمته ودهشته إزاء قرار منظمة الصحة العالمية (WHO) بتوقيف دعمها، والذي تبعه قرار مماثل من منظمة أطباء بلا حدود (MSF) والمنظمة الدولية للهجرة (IOM)، مُشيرًا إلى أن هذا التوقف سيترك فراغًا هائلاً في تقديم الرعاية الصحية الأساسية لملايين النازحين.

 

وفي السياق عبّرت مديرة عام الصحة العامة والسكان الإنجابية بمأرب: الدكتورة نبيلة العيال عن فاجعتها ودهشتها إزاء هذا القرار المفاجئ والمُؤلم، مؤكدة أن محافظة مأرب، التي تحتضن أعدادًا هائلة من النازحين، باتت على شفا كارثة إنسانية حقيقية. 

 

وناشدت الدكتورة العيال المنظمات الدولية المعنية التراجع الفوري عن قراراتها التي وصفتها بـ"المفاجئة والقاتلة"، مُشيرة إلى وجود حاجة ماسة لتوفير رعاية صحية عاجلة لأكثر من ألف حالة حمل، من بينها  و60 الف حالة بحاجة الي خدمات الطوارئ التوليدية  وحالات حمل مُعرّضة لمضاعفات خطيرة وتحتاج إلى كوادر طبية متخصصة في المرافق الصحية المعتمدة. 

 

وشددت على الأهمية القصوى لاستمرار دعم برامج الصحة الإنجابية باعتبارها حجر الزاوية في الحفاظ على حياة الأمهات والأطفال في ظل هذه الظروف الاستثنائية والصعبة.

 

وأكد مدير مشفى الشهيد محمد هائل بمأرب: الدكتور عبدالرحمن الوليدي، وفي حديث مماثل، أن انسحاب المنظمات الداعمة أحدث تأثيرًا كارثيًا ومُدمرًا على قدرة المشفى على تقديم خدماته المجانية لجميع سكان مأرب والنازحين إليها.

 

 وأوضح الدكتور الوليدي أن المشفى يعاني أصلًا من نقص حاد في الموارد الأساسية وعدم وجود ميزانية تشغيلية ثابتة، وأن توقف دعم المنظمات فاقم الأزمة إلى حد الشلل التام، مُهددًا بشكل مباشر قدرة المشفى على تقديم أبسط الخدمات الطبية والعلاجات الضرورية للمواطنين المحتاجين.

 

 وناشد الدكتور الوليدي كافة الجهات المعنية والمنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني التحرك العاجل والفوري لتقديم الدعم اللازم للمراكز الصحية الحكومية في مأرب، ووضع حلول جذرية ومستدامة لإنهاء المعاناة القاسية التي يكابدها المرضى والعاملون في هذه المنشآت الصحية من أطباء ومختصين وفنيين وغيرهم، قبل أن تنهار المنظومة الصحية بشكل كامل وتتحول المحافظة إلى بؤرة للموت والمرض.

 

الجوف تُطلق إنذارًا مبكرًا: رفع الدعم يُعمّق الجراح

 

 مدير عام مشفى الطوارئ بالجوف: الدكتور أحمد جراد، وفي رسالة بمناسبة اليوم العالمي للتمريض، قدّم تهانيه إلى جميع العاملين في القطاع الصحي بالمحافظة، مُعربًا عن تقديره العميق لجهودهم وتضحياتهم الجسام في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد. 

 

وفي الوقت نفسه، عبّر عن قلقه الشديد إزاء التدهور المتسارع للأوضاع الصحية في الجوف، مؤكدًا أن "المعاناة زادت وتضاعفت بشكل كبير على هذه القطاعات الخدمية الحيوية بسبب قرار رفع الدعم من قبل العديد من المنظمات."

 

 وشدد الدكتور جراد على أن الأطباء والعاملين الصحيين يمثلون "خط الدفاع الأول في مواجهة الحروب والصراعات الداخلية، خصوصًا في اليمن"، وأن تخلّي المنظمات عن دعمهم يزيد من الأعباء الهائلة الملقاة على عاتقهم ويعرض حياة المرضى لخطر حقيقي ومحدق، مطالبًا بتحرك عاجل وفاعل لدعم المراكز الصحية في المحافظة قبل فوات الأوان.

 

 مستقبل قاتم ينتظر النازحين

يُظهر هذا المشهد القاتم والمفجع حجم التحديات الهائلة التي تواجه القطاع الصحي المتهالك في اليمن، ويُلقي بظلاله الكارثية على حياة ملايين النازحين والمشردين الذين يعتمدون بشكل كامل على فتات الدعم الإنساني الذي بات يتلاشى بشكل مُخيف. وتبقى الآمال معلقة على تحرك عاجل ومُنسق من المجتمع الدولي والمنظمات الأممية لتدارك هذا الوضع الكارثي قبل أن يتحول إلى مأساة إنسانية غير مسبوقة، تُزهق فيها أرواح الآلاف من الأبرياء الذين مزقتهم الحرب وشردتهم عن ديارهم وأصبحوا اليوم يواجهون خطر الموت بسبب نقص الرعاية الصحية الأساسية. إن صرخات الاستغاثة التي تنطلق من مأرب والجوف يجب أن تُسمع وتُترجم إلى تحرك فوري لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس