مصائب طهران عند العليمي والرياض فوائدُ .. انهيار صامت للعملة والخدمات بالمناطق المحررة
الاربعاء 18 يونيو 2025 - الساعة 10:00 مساءً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي

مستغلة ضجيج المشهد الإقليمي الناتج عن الهجوم الإسرائيلي ضد إيران ، تتجاهل قيادة الشرعية ومعها حليفها في الرياض ، الموجة الجديدة من الانهيار للعملة المحلية بالمناطق المحررة خلال الساعات الماضية بالتزامن مع معاناة العاصمة عدن من أزمات في خدمة الكهرباء والغاز.
وشهدت العملة المحلية بالمناطق المحررة خلال الساعات الماضية انهيارا جديداً امام العملات الصعبة ، خيت تجاوز سعر صرف الريال السعودي حاجز الـ 700 ريالاً وتجاوز الدولار الأمريكي لحاجز الـ 2700ريالاً.
بالتزامن مع ذلك شهدت خدمة الكهرباء بالعاصمة عدن والمحافظات المجاورة انهياراً جديداً بعد استقرار نسبي شهدته اثناء إجازة عيد الأضحى ، حيث أفادت مصادر عاملة في مؤسسة الكهرباء بعدن عن توقف لمحطات الكهرباء العاملة بوقود الديزل جراء نفاد الكمية التي تسلفتها الحكومة من أحد التجار قبل العيد.
وأوضحت المصادر بان الأزمة مهددة بالتفاقم في الأيام القادمة مع قرب نفاد وقود المازوت وسط عجز حكومي عن شراء كميات جديدة من وقود الديزل والمازوت ، واستمرار فشل تنفيذ وعود الحكومة في توفير كميات وقود النفط الخام لمحطة بترومسيلة من شبوة.
والى جانب العملة والكهرباء ، تشهد العاصمة عدن منذ العيد أزمة غامضة في مادة الغاز ، رغم تأكيد من شركة الغاز في مأرب بأنها رفعت الكميات المخصصة للمدينة بنحو 60% ، الا أن اغلب محطات التعبئة في المدينة لا تزال مغلقة ، ما تسبب بأزمة حادة في تنقل المواطنين بعد ان باتت أغلب وسائل المواصلات تعتمد على مادة الغاز.
اللافت في مشهد الازمات المركبة الذي تعاني منه المناطق المحررة ، انه يأتي في ظل تواجد رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي ورئيس الحكومة الجديد سالم بن بريك في العاصمة عدن منذ مطلع الشهر الجاري ، دون أي تحرك حقيقي لوقف هذا الانهيار.
الموقف الوحيد تجاه هذا الانهيار ، كان عقد العليمي اليوم الاربعاء بقصر معاشيق في عدن اجتماعاً لما تُسمى بـ"لجنة ادارة الازمات الاقتصادية والإنسانية" ، بحضور رئيس الوزراء ومحافظ البنك المركزي احمد غالب المعبقي، ووزراء الخارجية والنقل والنفط ، ورئيس الفريق الاقتصادي حسام الشرجبي.
الاجتماع الذي تطرق الى مشهد الأزمات اكتفى – بحسب الخبر الرسمي – بتكرار العبارات الانشائية المعتادة بالحديث عن "مسار الاصلاحات الحكومية، والاجراءات المطلوبة لتحسين وصول الدولة الى مواردها"، والحديث ايضاً عن "البدائل المقترحة لتعزيز جهود وفاء الحكومة بالتزاماتها الحتمية، وفي المقدمة استمرار دفع رواتب الموظفين، وتدفق السلع والواردات الاساسية، والتعاطي العاجل مع كافة الاستحقاقات".
وكالعادة لم يخلو خبر الاجتماع من الإشادة بـ "المواقف الاخوية المشرفة لدول تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الامارات العربية المتحدة الى جانب الشعب اليمني، وقيادته السياسية، واستجاباتها المستمرة لتحديات واولويات الحكومة اليمنية على مختلف المستويات".
إشادة تحمل في حقيقتها رسالة استجداء مكررة من قبل الرئاسي وحكومته الى التحالف وتحديداً الرياض للتدخل وإنقاذ الموقف بتقديم منحة مالية ، بعد فشل الاعتكاف الذي نفذه رئيس الوزراء بن بريك عقب تعيينه خلفاً لبن مبارك ، حيث ظل في الرياض لأكثر من شهر على أمل الحصول على دعم مالي سعودي يحمله معه الى العاصمة عدن لحلحلة مشهد الأزمات.
الا أن التجاهل التام الذي ابدته الرياض ، دفع بالرجل ومعه العليمي الى العودة الى عدن على أمل ان تُغير الرياض موقفها من دعم الشرعية ، وإنقاذ ماء وجه العليمي الذي خاض لأكثر من عام صراعاً ضد رئيس الوزراء السابق احمد عوض بن مبارك ، وجاءت الإطاحة به وتعيين بن بريك بدلاً عنه مصحوباً بحملة شرسة ربطت بين انقاذ الوضع بالمناطق المحررة وإقالة بن مبارك.
وما ضاعف من مأزق العليمي ومعه الأطراف التي ضغطت لإقالة بن مبارك ، هو فشل الرهان في ان تدفع الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها المدن المحررة ، الرياض ومعها ابوظبي الى المسارعة في تقديم الدعم للحكومة والقفز على شروطها "الإصلاحية" التي تطلبها من الشرعية مقابل ذلك.
غير أن التصعيد المفاجئ في المنطقة والذي تفجر مع الهجوم الإسرائيلي العنيف ضد إيران فجر الجمعة ، مثل انفراجة مؤقتة لمأزق العليمي ومعه أيضاً الرياض من مخاطر تبعات الانهيار المستمر للوضع بالمناطق المحررة ، بانشغال اهتمام الشارع المحلي بهذا التصعيد بعيداً عن مشهد الانهيار.
انفراجة يبدو أنها تحولت الى مكسب جديد للشرعية وحليفتها الرياض ، فتضاعف الخسائر التي تتكبدها إيران في هذا التصعيد مقارنة بإسرائيل، أعاد الأمل لدى اليمنيين بمشهد الخلاص من مليشيا الحوثي الإرهابية الذراع المحلي لإيران.
وهو ما سارعت الشرعية الى استغلاله بشكل واضح ، وتجلى ذلك بالتغريدة التي نشرها وزير الاعلام معمر الارياني على منصة "أكس" امس الثلاثاء وزعم فيها بأن "الملف اليمني سيشهد حراكاً واسعاً، وتحولات عميقة"، وأضاف : هناك مفاجآت قادمة ستسر كل يمني عربي حر، وتعجل بنهاية هذا المشروع الحوثي الإرهابي الدخيل.
ويختم الوزير تغريدته قائلاً بأن "اليمن السعيد قادم" ، دون ان يوضح طبيعة هذا "اليمن السعيد" الذي تُبشر به الشرعية وما اذا كان سيأتي كنسخة من الواقع المناطق المحررة التي تُديرها هذا الشرعية بدعم من الأشقاء في التحالف ؟!.