من لواء النقل إلى قائمة الإرهاب: كيف صنعت جماعة الإخوان هذا الرجل وقدّمته اليوم قربانًا؟

أمجد خالد.. ضابط “الإصلاح” الذي تحوّل إلى أداة تخادم مع الحوثي

السبت 05 يوليو 2025 - الساعة 08:03 مساءً
المصدر : الرصيف برس - تهامة 24

 


لم يكن أمجد خالد مجرد ضابط متمرد، بل هو ثمرة صناعة سياسية وعسكرية معقّدة قادتها جماعة الإخوان المسلمين في اليمن عبر حزب الإصلاح. الرجل الذي ارتقى سلم النفوذ تحت رعاية الجماعة، صار اليوم عبئًا ثقيلًا، تحاول الجماعة التنصّل من مسؤوليته، بعدما انكشفت علاقاته المشبوهة مع مليشيا الحوثي.

 

وبينما كان يقدمه الإعلام الإخواني كقائد “وطني”، كانت وثائق التحقيقات والتقارير الأمنية تؤكد شيئًا آخر: الرجل ليس سوى صنيعة استخباراتية للجماعة، أُعطي الغطاء العسكري لتمرير أجندات خفية، قبل أن يُلقى به اليوم كورقة محترقة في بازار المقايضات السياسية.

 

من عدن إلى التربة:  ملاذ آمن ومشروع تخريبي برعاية الإخوان

 

بعد تحرير عدن عام 2015، وتشكيل ألوية الحماية الرئاسية، صعد اسم أمجد خالد كقائد لما يسمى لواء النقل العام، بدعم مباشر من نائب الرئيس الإخواني السابق علي محسن الأحمر.

 

لكن خالد لم يكن مجرد قائد عسكري؛ بل واجهة لمشروع تغلغل فيه حزب الإصلاح داخل مفاصل الدولة، واستغل هذا اللواء لتوفير غطاء لعناصر إرهابية، تسرّبت لاحقًا إلى عدن والمحافظات المحررة.

 

في 2019، وبعد فشل محاولة الإخوان السيطرة على عدن، فرّ خالد إلى مدينة التربة جنوب تعز، التي حوّلها إلى ملاذ آمن له ولقواته. وهناك، أعيد تموضع هذه القوات في مناطق الشمايتين والمقاطرة، بإشراف مباشر من قيادات إخوانية بارزة.

 

مظلة للتطرف.. وأداة اغتيال

 

استغل خالد منصبه لتوفير الحماية لعناصر متطرفة، شاركت في تنفيذ سلسلة من العمليات الإرهابية النوعية، أبرزها:

 

تفجير مطار عدن الدولي (2021)

محاولة اغتيال محافظ عدن أحمد لملس.

اغتيال مدير برنامج الغذاء العالمي في التربة، مؤيد حميدي (2023).

 

ووفقًا لوثائق صادرة عن النيابة العامة في قضايا الإرهاب، فإن خالد يقف خلف 7 عمليات تفجير واغتيال، أودت بحياة عشرات المدنيين، وتستّرت عليها جماعة الإخوان إعلاميًا وسياسيًا.

 

في نوفمبر 2023، كشفت شرطة عدن تسجيلات مرئية لعناصر إرهابية تعترف بتلقّي الأوامر من خالد شخصيًا، وتظهره وهو يوجّه خلاياه لاستهداف قيادات المجلس الانتقالي في العاصمة المؤقتة.

 

ارتباط وثيق بالحوثيين:  خالد يتحوّل إلى خنجر بيد إيران

 

في يونيو 2025، كشفت اللجنة الأمنية العليا في اليمن عن شبكة إرهابية يقودها أمجد خالد، ترتبط مباشرة بكبار قادة الحوثيين، مثل:

اللواء محمد عبدالكريم الغماري (رئيس أركان مليشيا الحوثي)

عبدالقادر الشامي (نائب رئيس جهاز المخابرات الحوثي).

 

وبحسب اللجنة، فإن هذه الشبكة نسّقت عمليات تخادم علني بين الحوثيين وتنظيمات إرهابية، ونفّذت جرائم اغتيال، واختطاف، وتجسس، وزرع عبوات في محافظات عدن ولحج وتعز والبيضاء.

 

كما تم ضبط معامل لصناعة المتفجرات، ووسائل توثيق لعمليات اغتيال وتصفيات جسدية نفذتها عناصر خالد، إلى جانب تقديم معلومات استخباراتية للحوثيين بهدف إسقاط المدن المحررة من الداخل.

 

السقوط والتخلي: حين انتهت صلاحية أمجد خالد

 

في فبراير 2024، أُقيل خالد رسميًا من قيادة لواء النقل العام، ثم أصدرت المحكمة المتخصصة حكمًا بإعدامه مع عدد من أعوانه، بتهمة قيادة جماعة إرهابية.

 

وبينما أصدر المجلس الرئاسي توجيهات بضبطه، ألقي القبض عليه في فبراير 2025 من قبل العميد الإخواني أبوبكر الجبولي قائد اللواء الرابع مشاه جبلي ، لكنه قام بنقلة من السجن سراً وتسليمه لعبدالقوي المخلافي لتأمين خروجه.

 

لاحقًا، حاولت قوات إخوانية اقتحام مقراته وملاحقة أتباعه في التربة، ليتحوّل إلى متمرّد على الجماعة التي رعته.

 

 حيث ظهر أمجد خالد في مقطع مرئي قال فيه بوضوح:

 

“لدي اتفاقات وعهود مع الإخوة في حزب الإصلاح… من الكبير للصغير. وإذا لم يتم احتواء الوضع، فلدينا توثيقات سنعرضها على الناس.”

 

تهديد خالد فجّر الفضيحة: رجل الجماعة السابق يهدد بكشف ملفات ابتزاز، وتمويل، وتنسيق داخلي، كانت جزءًا من صفقات خفية لم يكن يُفترض أن ترى النور.

 

الإخوان يناورون: محاولات لاحتواء الفضيحة وطمس الأدلة

 

بحسب مصادر مطلعة، نقل حزب الإصلاح عددًا من أتباع أمجد خالد إلى بلدة المنصورة المجاورة للتربة، رغم تورط بعضهم في عمليات اغتيال، في خطوة تهدف للسيطرة على بقايا الشبكة الإرهابية وقطع أي تسريبات.

 

وتقول التقارير إن الإخوان يديرون الآن مسرحية سياسية لتقديم خالد كـ”متهم معزول”، بغرض التملص من التورط الحزبي، وإعادة تدوير كوادره في قوالب أخرى، ضمن خطة أكبر للمقايضة السياسية مع مكونات الشرعية والتحالف.

 

يمثل ملف أمجد خالد نموذجاً صارخاً للمفارقة التي تعيشها الجماعات السياسية المسلحة في اليمن، خاصة تلك التي تتلاعب بالولاءات والمصالح لتحقيق أهدافها الضيقة. 

 

فبين التمكين الممنهج والتخلّي المبرمج، تُترك البلاد عرضة لمزيد من الفوضى والتقلبات الأمنية التي تضر باستقرار ومستقبل اليمن.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس