غروندبرغ: لا بد من تجنيب اليمن مزيداً من التورط في الأزمات الإقليمية
الخميس 10 يوليو 2025 - الساعة 09:01 مساءً
المصدر : الرصيف برس - خاص

قدّم المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، اليوم، إحاطته الدورية لمجلس الأمن الدولي، مسلطًا الضوء على التطورات المتسارعة في اليمن والمنطقة، في وقتٍ وصفه بأنه "فترة مضطربة وغير مستقرة"، تهيمن عليها تحولات متلاحقة وآمال ضعيفة بخفض التصعيد.
واستهل غروندبرغ إحاطته بالإشارة إلى وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، مشيرًا إلى الترحيب الإقليمي والدولي بهذه الخطوة، على أمل أن تفتح المجال لاستعادة زخم الدبلوماسية، بما في ذلك المسار السياسي في اليمن. لكنه لم يخفِ قلقه العميق من التصعيد المستمر، موضحًا أن الفترة الماضية شهدت هجمات صاروخية متعددة نفذتها جماعة الحوثيون على "إسرائيل"، في خضم مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة.
وأكد أن البحر الأحمر شهد أولى الهجمات التي تستهدف سفناً تجارية منذ أكثر من سبعة أشهر، بعد أن تعرّضت سفينتان لهجمات أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من المدنيين، إلى جانب وجود مخاوف من أضرار بيئية جسيمة.
كما تطرّق إلى الغارات الجوية "الإسرائيلية" التي استهدفت صنعاء، بالإضافة إلى موانئ الحديدة، ورأس عيسى، والصليف، ومحطة لتوليد الكهرباء، معتبراً أن هذه التطورات تؤكد خطورة الوضع.
وشدد المبعوث على أن حرية الملاحة في البحر الأحمر يجب أن تُحمى، وأن البنية التحتية المدنية لا يجب أن تُستهدف بأي حال من الأحوال، مؤكداً في الوقت ذاته ضرورة تجنيب اليمن مزيداً من التورط في الأزمات الإقليمية، لما لذلك من أثر مباشر على تقويض الاستقرار الهش أصلاً داخل البلاد. وأوضح أن المخاطر التي تواجه اليمن "كبيرة للغاية"، مشدداً على أن مستقبل البلاد يعتمد على "عزمنا الجماعي لحمايته من المزيد من المعاناة، ومنح شعبه ما يستحقه من أمل وكرامة".
وأشار غروندبرغ إلى استمرار الأنشطة العسكرية في عدد من المحافظات، بينها الضالع، الجوف، مأرب، تعز وصعدة، مشيراً إلى وجود تحركات للقوات نحو الضالع، مأرب وتعز.
وحذّر من خطر تفاقم الانقسامات، داعياً الأطراف إلى تجنب أي إجراءات أحادية قد تُفاقم الوضع وتُلحق الضرر بجميع اليمنيين، مطالباً إياهم بإظهار استعداد حقيقي لاستكشاف السبل السلمية وتهيئة الظروف اللازمة لتحقيق استقرار دائم.
وفي سياق آخر، أشار المبعوث إلى لقائه مع رئيس الوزراء اليمني، سالم بن بريك، في العاصمة المؤقتة عدن، حيث ناقشا اتخاذ تدابير ملموسة لتسهيل صرف الرواتب بشكل كامل ودون تأخير، بما يُعزز القدرة الشرائية للمواطنين، ويحسن من جودة الخدمات العامة، ويُحفز عجلة الاقتصاد. كما تم التباحث حول سبل تمكين الحكومة اليمنية من استئناف إنتاج وتصدير النفط والغاز، كمورد رئيسي للاقتصاد الوطني.
وفي ما يخص ملف المحتجزين، شدد المبعوث الأممي على ضرورة إطلاق سراح جميع المعتقلين على خلفية النزاع، مذكّراً بأن العملية ظلت راكدة لأكثر من عام.
وأكد أنه لا يوجد مبرر لاستمرار معاناة العائلات التي تنتظر عودة أحبائها، مطالباً الأطراف بالإيفاء بالتزامهم المعلن بـ"إطلاق الجميع مقابل الجميع"، ومشيرًا إلى أن الوقت قد حان لتحقيق تقدم حقيقي في هذا الملف الإنساني البالغ الأهمية.
كما رحّب بفتح طريق الضالع، واصفاً الخطوة بأنها نموذج واقعي لما يمكن تحقيقه على الأرض لتعزيز حرية التنقل وتوسيع مجالات النشاط الاقتصادي، في وقت تشتد فيه الحاجة إلى مثل هذه المبادرات التي تعيد بعض الأمل للمواطنين.
واقترح غروندبرغ في إحاطته تبنّي خطوات عملية تمهّد الطريق نحو حل دائم وشامل للأزمة اليمنية، محدداً ثلاث أولويات رئيسية يجب العمل عليها. تتمثل الأولى في دعم جهود التهدئة على خطوط المواجهة وتحديد معايير لوقف إطلاق نار شامل على مستوى البلاد، والثانية في تمهيد الطريق أمام المحادثات بين الأطراف اليمنية وفقاً لخارطة الطريق المعروفة والتي تشمل وقفاً لإطلاق النار وتدابير اقتصادية وإنسانية وعملية سياسية شاملة، أما الأولوية الثالثة فتتعلق بالعمل مع دول المنطقة والمجتمع الدولي لوضع ضمانات أمنية أوسع، خصوصاً تلك المرتبطة بحرية الملاحة في البحر الأحمر.
وسلط المبعوث الأممي الضوء على لقاءاته بعدد من ممثلات المكونات السياسية، وقيادات المجتمع المدني، والنشطاء الميدانيين، مشيداً بـ"أصواتهم الجريئة والشجاعة"، ومؤكداً أن هذه الأصوات تُشكل دافعاً أساسياً له للاستمرار في الدعوة إلى حماية الفضاء المدني وتوسيعه، معتبراً ذلك أمراً بالغ الأهمية لمستقبل اليمن.
كما جدّد دعوته للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين تعسفياً من قبل جماعة أنصار الله، بمن فيهم موظفو الأمم المتحدة والعاملون في المنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية ومنظمات المجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية، مشيراً إلى تزايد الحالات التي تتطلب رعاية طبية عاجلة، ومشدداً على أن هؤلاء بحاجة إلى العلاج والعودة إلى عائلاتهم، مؤكداً أن هذه القضية لن تُغفل في مسار عمل البعثة الأممية.
واختتم غروندبرغ إحاطته بالإعراب عن تقديره لأعضاء مجلس الأمن لدعمهم المستمر لليمن ولجهوده في الوساطة، مؤكداً أن الرسائل الموحدة والمنسقة الصادرة عن المجلس تُسهم بشكل كبير في تعزيز عزم المجتمع الدولي على الدفع نحو تسوية تفاوضية عادلة ومستدامة.