الرياض .. استثمارات بالمليارات في دمشق وتجاهل لإفلاس "الرئاسي" في عدن

الاربعاء 23 يوليو 2025 - الساعة 11:56 مساءً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي

 


في تناقض تام لموقفها المتجاهل للأزمات التي تعاني منها الحكومة الشرعية وسلطة مجلس القيادة الرئاسي بالمناطق المحررة في اليمن ، أظهرت السعودية اليوم موقفاً داعماً وغير مسبوق لسلطة الجديدة في سوريا بقيادة احمد الشرع.

 

هذا الموقف تمثل بوصول وفد سعودي رفيع المستوى برئاسة وزير الاستثمار خالد بن عبد العزيز الفالح، إلى العاصمة السورية دمشق، اليوم بتوجيهات من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

 

الوفد السعودي الذي يضم أكثر من 130 رجل أعمال ومستثمرًا، وصل الى سوريا للتوقيع عدد من اتفاقيات الاستثمار بمبالغ مالية كبير.

 

وبحسب وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى سيتم توقيع 44 اتفاقية مع المملكة العربية السعودية تُقدّر قيمتها بنحو 6 مليارات دولار ، وقال بأن هذه الاتفاقات من المتوقع أن توفر 50 ألف وظيفة.

 

اللافت كانت التصريحات التي اطلقها وزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، في تصريحات لقناة "العربية"، قال فيها بإن السعودية تراهن على مستقبل سوريا من خلال رؤوس أموالها وشركاتها الكبرى، مؤكداً أن البيئة الاستثمارية في سوريا "جاذبة جداً".

 

وأضاف الفالح أن شركات سعودية بدأت فعلياً في إنشاء مصانع داخل سوريا، مشيراً الى ما تمتلكه سوريا من ثروات بشرية وموارد طبيعية وموقعاً استراتيجياً مهماً، "يفتح فرصاً واسعة أمام المستثمرين السعوديين" ، وفق الوزير.

 

هذه الخطوة والتصريحات اللافتة من قبل السعودية ، تُثير التساؤلات حول هذه الاندفاعة الكبيرة نحو السلطة الجديدة في سوريا في الوقت الذي تُدير الرياض وجهها بشكل تام عن مشهد الأزمات المركبة التي تعاني منها المناطق المحررة في اليمن ، بات يهدد بشكل حقيقي سلطة مجلس القيادة الرئاسي الذي تشكل على يد الرياض في إبريل 2022م.

 

ورغم ان التبريرات المتداولة بأن هذا التجاهل السعودي يعود الى استفحال الفساد والفوضى داخل سلطة مجلس القيادة الرئاسي ، الا أن الحديث هنا هو عن استثمارات وصفقات تجارية بحتة في سوريا وليس عن دعم مالي لسلطة الرئيس احمد الشرع.

 

فعلى الرغم من تحرير اكثر من 70% من جغرافيا اليمن قبل نحو 10 سنوات على يد قوات الشرعية وبدعم من التحالف الذي تقوده السعودية ، الا أن الرياض لم تتحدث يوماً عن توجيه استثمارات للقطاع الخاص السعودي داخل المناطق المحررة.

 

وقد يكون الوضع الأمني وواقع الحرب في اليمن بين قوات الشرعية ومليشيا الحوثي الإرهابية مبرراً لغياب ذلك ، الا ان توقف المعارك بشكل تام منذ اتفاق الهدنة الأممية في ابريل 2022م ، يُضعف من منطقية هذا التبرير.

 

بل ان الغريب يكمن في تصريح وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، بتأكيده بأن "البيئة الاستثمارية في سوريا "جاذبة جداً" ، وحديثه عن أن شركات سعودية بدأت فعلياً في إنشاء مصانع داخل سوريا، على الرغم من تشابه الوضع الأمني والسياسي بين اليمن وسوريا.

 

فالحديث السعودية عن بيئة استثمارية جاذبة في سوريا ، يأتي في ظل التحديات المعقدة داخلياً وخارجياً التي تواجه سلطة الشرع منذ سقوط نظام بشار الأسد أواخر العام الماضي ، بل وتهدد هذا التحديات بقاء الاستقرار الهش الذي تعيشه البلاد ، جراء المخلفات الثقيلة التي تركها نظام الأسد.

 

مخلفات تتجسد في الجروح العميقة التي خلفها نظام الأسد في جسد سوريا وبين طوائفها ومكونات شعبها وبخاصة الأقليات كالعلويين والدروز والأكراد ، ومثلت أحداث السويداء نموذجاً حياً على ذلك ، وشاهداً ايضاً على حجم التعقيدات الخارجية في المشهد السوري من خلال التدخل الإسرائيلي الفج في هذه الأحداث.

 

التدخل الإسرائيلي يمثل واحداً من اطراف خارجية عدة تملك حضوراً في المشهد السوري ، فإلى جانب إسرائيل التي تظهر اليوم كحليف للدروز هناك تركيا الحليف الرئيسي لسلطة الشرع التي ينظر لها كسلطة للغالبية السنية.

 

وذات الأمر بالنسبة امريكا التي لا تزال تحتفظ بوجود عسكري في سوريا وبحليف عسكري ممثل بقوات قسد الكردية ، في حين انه لا يزال من الصعب الحكم بانتهاء التأثير الإيراني على المشهد السوري مع بقاء نفوذ طهران في كل من العراق ولبنان جيران سوريا.

 

ومع هذا المشهد السوري المعقد ، يأتي التساؤل عن حديث الرياض بالاستثمار في سوريا كدعم سياسي لسلطة الشرع ، في حين يغيب الأمر بالنسبة للشرعية في اليمن ، على الرغم من ان حجم التعقيد الأمني والسياسي والمجتمعي في المشهد اليمني بأكمله بما فيه جماعة الحوثي ، أقل بكثير عن الوضع في سوريا.

 

مفارقة لافتة للتوجه السعودي تُثير التساؤل عن الأولويات لدى صانع القرار في الرياض حول أهمية وخطورة وتأثير المشهد في سوريا واليمن بشكل مباشر على مصلحة وأمن المملكة ، في ظل التصريح اللافت الذي قاله رئيس مجلس القيادة الرئاسي بأن الإيرادات المحلية للحكومة في عدن بعد توقف تصدير النفط لا تغطي سوى 40% فقط من الموازنة ، وهو تصريح اشبه بإعلان رسمي بـ "إفلاس" سلطة جرى صناعتها بالكامل على يد الرياض.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس