إغتيال اللواء الجرادي... جريمة بدأت بالرصاص واكتملت بالحكم القضائي:

الخميس 24 يوليو 2025 - الساعة 07:53 مساءً
المصدر : الرصيف برس - متابعات

 


كتب : عبدالله محمدعلي احمد الجرادي 

 

لم يكن اغتيال اللواء محمد علي الجرادي مجرّد عملية قتل غادرة فحسب بل كان مشهداً من مسلسل طويل يُدار فيه العبث بالدم اليمني وتُختطف فيه العدالة من قاعات المحاكم إلى أروقة المصالح والصفقات السياسية.

 

وفي تطور خطير كشفت المحكمة الجزائية المتخصصة في مأرب عن وجه صادم للعدالة حين أصدرت قراراً بالإفراج عن أحد المتهمين الرئيسيين في جريمة اغتيال اللواء الجرادي رغم اعترافه الصريح أمام الأجهزة الأمنية بمشاركته في تنفيذ الجريمة وبوجود وثائق رسمية مثبتة ومحفوظة في ملف القضية.

 

حيث أن  قرار الإفراج لم يكن  مستنداً إلى قانون أو قرينة تبرئة بل اعتمد على تقارير طبية مقدمة من جهة دفاع المتهم تصوّره كمريض يعاني من "حالة صحية حرجة" الأمر الذي مهّد لخروجه من السجن بحجة "الظروف الإنسانية".

 

خصوصاً أن المحكمة نفسها كانت قد ألزمت النيابة العامة سابقًا بإحضار تسجيلات كاميرات المراقبة والتقارير الجنائية الدقيقة والقبض على بقية المتهمين الفارين لكنها لم تتابع تلك الأوامر ولم تُفعِّل صلاحياتها القانونية لمساءلة النيابة عن التقصير.

 

إن قرار المحكمة بحد ذاته يعتبر مخالفة قانونية ضمن انحرافاً خطيراً عن المسار القضائي السليم ومجموعة من المخالفات الصريحة لقوانين الجمهورية اليمنية، 

 

بداية من تجاهل  المادة (197) من قانون الإجراءات الجزائية:

حيث تنص هذه المادة على أن المحكمة "يحق لها إعادة ملف القضية إلى النيابة العامة لاستكمال التحقيق إذا رأت أن الأدلة غير كافية" إلا أن المحكمة لم تُمارس هذا الحق بل تجاهلت النقص البيّن في الملف وأصدرت حكماً بالإفراج رغم القصور الإجرائي الفاضح.

 

وكذلك مخالفة المادة (317) من نفس القانون:

حيث تشترط هذه المادة عدم إصدار أي حكم ما لم تكن المحكمة قد أحاطت علماً بالقضية "عن طريق التحقيقات أو ما يقدمه الخصوم من أدلة"

في هذه الحالة كانت الأدلة الجوهرية إما مفقودة أو غير مكتملة ورغم ذلك صدر الحكم!

 

حتى الدستور نفسه فقد تم انتهاكه من خلال مخالفة نص المادة (48) من الدستور اليمني والتي تنص على ضمان حق الجميع في "محاكمة عادلة تكفل كافة الضمانات القانونية" لكن ما حدث في هذه القضية هو أشبه بمحاكمة صورية فاقدة لأدنى مقومات العدالة.

 

ناهيك عن نص المادة (248) من قانون الجرائم والعقوبات اليمني فإن "كل من أخفى أدلة أو عبث بمسرح الجريمة يعاقب بالحبس أو بالغرامة أو بهما معاً" إلا أن المحكمة لم تحرّك ساكناً للتحقيق في التقارير الطبية المتضاربة، أو في الأدلة التي لم تُحضر أصلاً أو في المتهمين الفارين.

 

أن القرار القضائي هذا لا يمكن اعتباره خطأ فردياً أو خللاً في التقدير بل هو شراكة فعلية في تغيير مسار القضية وتفريغ العدالة من معناها وإضفاء الشرعية على جريمة مكتملة الأركان.

 

فحين تتخلف المحكمة عن القيام بواجبها الرقابي والقانوني، وتتغاضى عن نواقص النيابة وتتجاهل اعترافات المتهم وتعتمد على تقارير مشكوك فيها دون تحقيق فهي بذلك لا تحكم بالقانون بل بميزان المصالح والنفوذ.

 

أسرة الشهيد اللواء الجرادي  أكدت أن ما حصل  هو جريمة مزدوجة: اغتيال أولاً ثم تواطؤ قضائي لتبرئة القاتل مشيرين إلى أن قرار المحكمة يُعد بمثابة "شهادة وفاة رسمية للعدالة" متوعدين بكشف كافة التفاصيل في بيان رسمي مرتقب.

 

وقد أكدت الأسرة بأنها ستواصل السعي القانوني والحقوقي في الداخل والخارج لمحاسبة كل من تورط أو تستر أو شارك في حرف مسار العدالة مؤكدة أن "العدالة لا تسقط بالتقادم،والدم لا يُغسل بالحبر والتاريخ لا يرحم المتواطئين".

 

نود أن نقول لكم أن القضاء، في أي دولة هو الحصن الأخير للعدالة ، فإذا سقط هذا الحصن فإن الجريمة لا تصبح فقط ممكنه بل مشروعة!

 

فما جرى في قضية اغتيال اللواء محمد علي الجرادي ليس فقط حكماً جائرًا بل وثيقة إدانة تاريخية لمن تواطأ وأدار ووقع وأفرج ومن صمت وكان شاهد زور .

 

▪︎ أبن الشهيد 

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس