رهائن الجغرافيا".. تقرير حقوقي يوثق الحصار والتهجير القسري في مديرية ماوية بتعز

الاربعاء 13 أغسطس 2025 - الساعة 06:48 مساءً
المصدر : الرصيف برس - منظمة سام

 


*مقدمة*:

تُعد مديرية ماوية بمحافظة تعز من أكثر المديريات اليمنية التي شهدت خلال عام 2025 انتهاكات جسيمة ومتكررة بحق سكانها المدنيين، في ظل ظروف أمنية وإنسانية معقدة فرضتها سيطرة جماعة الحوثي على أجزاء واسعة منها. وقد تنوعت هذه الانتهاكات بين فرض حصار خانق على القرى والتجمعات السكانية، وعمليات تهجير قسري منظمة، واقتحامات واعتقالات طالت شخصيات اجتماعية وتربوية وأعضاء في المجالس المحلية، فضلًا عن استخدام المدنيين كدروع بشرية في مناطق تمركز عسكري.

 

*أولًا: خلفية الانتهاك*

 

شهدت مديرية ماوية بمحافظة تعز خلال الأشهر الأخيرة من عام 2025 تصعيدًا خطيرًا في الانتهاكات التي ارتكبتها جماعة الحوثي بحق المدنيين، تمثلت في فرض حصار شامل على بعض القرى، وعمليات تهجير قسري منظمة، واستهداف مباشر لشخصيات تربوية واجتماعية، وتحويل مناطق مأهولة إلى مواقع تمركز عسكري، وقد أسهمت الطبيعة الجغرافية للمديرية وموقعها على خطوط التماس في جعلها مسرحًا لهذه الممارسات، ما انعكس بصورة مأساوية على حياة السكان.

 

من بين أبرز الحوادث الموثقة، واقعة وفاة المواطنة فهمية شايف مسعد، التي رواها ابن عمها عبد الوهاب علي مسرع في شهادة مباشرة:

 

"في تمام الساعة السابعة مساء ليلة الخميس 31 يوليو 2025، تعبت فهمية شايف مسعد حيث ظهرت عليها أعراض المرض مع بداية الولادة ونزيف شديد. استمرت فهمية تعاني من أعراض الولادة والنزيف حوالي ست ساعات من الساعة السابعة ليلاً حتى الساعة الواحدة ليلاً من صباح الجمعة الموافق 1 أغسطس، ولم تستطع أسرتها إسعافها إلى أقرب مركز صحي بسبب الحصار الجائر والمفروض من قبل جماعة الحوثي على جبل تنسم والضواح المحاذية لقرية الوبيد التابعة لمديرية القبيطة، ومنع خروج ودخول السيارات منذ الساعة السادسة مساء من ليلة الخميس. حاولت الأسرة مناشدة جماعة الحوثي أكثر من مرة للسماح لهم بنقل المريضة إلى المستشفى أو تلقي الإسعافات الطبية اللازمة، إلا أن الجماعة رفضت ذلك بشكل متكرر، مما أدى إلى تفاقم الحالة الصحية للمريضة. ونتيجة لهذا التأخير والرفض المتكرر، توفيت فهمية شايف مسعد في الساعة الواحدة صباحًا من يوم الجمعة، نتيجة النزيف الحاد وعدم تلقي الإسعافات الطبية اللازمة في الوقت المناسب."

 

هذه الشهادة تمثل نموذجًا حيًا لنتائج الحصار المفروض على المديرية، حيث يتم منع حركة المدنيين وحرمانهم من الخدمات الطبية الطارئة، ما يؤدي إلى خسائر في الأرواح كان يمكن تجنبها.

 

كما قدّم الأستاذ عبدالجبار الصراري، مدير عام مديرية ماوية، وصفًا شاملًا لحالة الانتهاكات التي تشهدها المديرية، قائلًا:

 

"تتعرض مديرية ماوية خلال أكثر من شهرين على التوالي لانتهاكات بكل المجالات، ففي المجال التعليمي، تقتحم الميليشيات وتعتقل مجموعة من المعلمين ومدراء المدارس، وكذلك أعضاء المجلس المحلي، وهناك أيضًا أطباء وطلاب تعرضوا للانتهاكات. بالإضافة إلى حالة التهجير القسري التي مارستها الميليشيات الحوثية قبل شهرين من مناطق متاخمة لمنطقة المسيمير، وتحديدًا في قرى تابعة لخدير وقرى تابعة لمديرية ماوية المتاخمة لكرش والمسيمير، ويتسبب ذلك في كثير من المتاعب والانتهاكات بما فيها الاعتقالات والتهجير قسري والحصار الذي يمنع الكثير من الأطفال والنساء من الوصول إلى الرعاية، وهناك حالات وفاة سابقة لأطفال نتيجة عدم القدرة على إسعافهم."

 

وهو ما يبرز أن الحصار المفروض على ماوية ليس إجراءً مؤقتًا أو استثنائيًا، بل سياسة مستمرة تؤثر على مختلف جوانب الحياة، وتطال فئات متعددة من السكان، بمن فيهم النساء والأطفال، في انتهاك صريح للحقوق الأساسية المكفولة بموجب القانون الدولي.

 

*ثانيًا: القرى المتأثرة والبيانات الديموغرافية*

 

أظهرت المعطيات الميدانية التي وثقتها منظمة سام للحقوق والحريات، والمدعومة بإفادات من شهود ومسؤولين محليين، أن عمليات التهجير القسري التي نفذتها جماعة الحوثي في مديرية ماوية والمناطق المتاخمة لها استهدفت قرى محددة بشكل مباشر، وأدت إلى نزوح مئات الأسر من منازلها إلى مناطق أكثر خطورة تُستخدم كمواقع عسكرية أو نقاط إطلاق للصواريخ.

 

وفق البيانات الموثقة، فقد شملت القرى المتأثرة كلًّا من:

 

- قرية النجد بعزلة حوامرة – ماوية، حيث تم تهجير ما لا يقل عن خمسين أسرة، يقدّر عدد أفرادها بنحو 350 شخصًا.

 

- قرية الأخيرم بعزلة حوامرة – ماوية، التي شهدت تهجير ثماني عشرة أسرة، يقدر عدد أفرادها بـ 126 شخصًا.

 

- قرية الفراشة بمديرية خدير، حيث أُجبرت خمس وخمسون أسرة (حوالي 385 شخصًا) على المغادرة.

 

- قرية الطعنة بعزلة حوامرة – ماوية، التي تم تهجير ستين أسرة منها، أي نحو 420 شخصًا.

 

 

ليصل الإجمالي إلى 183 أسرة مهجرة، تضم ما لا يقل عن 1,281 شخصًا، مع تقديرات بارتفاع العدد الفعلي إلى حوالي 1,500 شخص نظرًا لمتوسط عدد أفراد الأسرة في هذه المناطق.

 

تتقاطع هذه الأرقام مع ما كشفه مدير عام المديرية عبدالجبار الصراري، الذي أشار في تصريحه إلى تهجير "ثلاث قرى من عزلة حوامرة التي تحت سيطرتهم، بالإضافة إلى قرى من خدير"، موضحًا أن السكان تم نقلهم إلى منطقة المزرعة في ورزان بالقوة، وأجبر بعضهم على العمل هناك، فيما اضطر آخرون للهروب بسبب خطورة المنطقة وقربها من مواقع عسكرية.

 

تؤكد شهادات من نازحين التقتهم فرق الرصد أن عملية التهجير تمت تحت تهديد السلاح، ودون السماح لهم بحمل ممتلكاتهم أو الحصول على مهلة زمنية كافية، وأن المنطقة التي نُقلوا إليها تحوي منصات لإطلاق الصواريخ ومواقع تمركز عسكري، ما جعل حياتهم عرضة لخطر مباشر في حال وقوع أي استهداف.

 

*ثالثًا: تفاصيل الانتهاك*

 

تبيّن من الشهادات المباشرة والبيانات الميدانية أن جماعة الحوثي نفذت عمليات النزوح القسري في مديرية ماوية والمناطق المجاورة لها بصورة منظمة، استخدمت فيها القوة المسلحة والإكراه، ودون أي مبرر إنساني أو قانوني، ما يجعلها مخالفة صريحة للقانون الدولي الإنساني.

 

بحسب ما ورد في إفادة مدير عام المديرية، عبدالجبار الصراري، فإن هذه العمليات لم تكن حوادث عرضية، بل "حملة ممنهجة" استهدفت القرى الواقعة على خطوط التماس، حيث صرح لسام بقوله:

 

"بدأت عمليات التهجير القسري بتهجير أربع قرى، ثلاث منها من عزلة حوامرة التي تحت سيطرتهم، والمناطق التي يسيطرون عليها معزولة وعلى خط التماس، بالإضافة إلى منطقة من خدير. تم تهجير السكان إلى منطقة المزرعة في ورزان، وفرضوا عليهم بالقوة العمل هناك، بعضهم رفض وهرب، والمنطقة قريبة من منصات ومواقع عسكرية. هذه ليست المرة الأولى، بل هي جزء من سلسلة عمليات تهجير واقتحامات واعتقالات بدأت منذ أكثر من شهرين."

 

أوضحت فرق الرصد أن المسلحين كانوا يقتحمون القرى بشكل جماعي، ويأمرون السكان بمغادرة منازلهم على الفور، دون السماح لهم بجمع أغراضهم الأساسية. وبعد إخراجهم، كانت الجماعة تنقلهم أو توجههم نحو مناطق مثل ورزان، التي تحوي مواقع عسكرية منصوبة بين الأحياء السكنية، بما في ذلك منصات لإطلاق الصواريخ، الأمر الذي يعرضهم لخطر الاستهداف في أي وقت.

 

كما ارتبطت هذه العمليات بممارسات أخرى تزيد من معاناة المدنيين، منها إجبار بعض السكان، خاصة من الشباب، على المشاركة في أعمال ذات طبيعة عسكرية، مثل حفر الخنادق أو نقل المعدات، تحت التهديد بالسلاح. وفي حالات أخرى، تم احتجاز أشخاص وإلزامهم بحضور دورات فكرية أو اجتماعات قسرية، وفق ما كشفه الصراري عن أسماء وشخصيات تم استهدافها رغم كونهم "مسالمين" ولا يحملون أي نشاط معارض معلن.

 

إضافة إلى ذلك، استمرت الجماعة في فرض حصار خانق على مناطق معينة، مثل جبل تنسم والقرى المحيطة بالوبيد، وهو الحصار الذي أدى بشكل مباشر إلى وفاة المواطنة فهمية شايف مسعد، بعد أن مُنعت أسرتها من إسعافها طوال ست ساعات من النزيف الحاد أثناء الولادة، رغم مناشداتهم المتكررة لعناصر الحوثي، وهو ما يؤكد أن هذه الانتهاكات لم تكن مقتصرة على التهجير وحده، بل كانت جزءًا من منظومة أوسع تشمل الحصار، وتقييد حرية الحركة، والتجنيد القسري للأعمال العسكرية، واستخدام المدنيين كدروع بشرية.

 

*رابعًا: التأثير الإنساني*

 

خلّفت الانتهاكات التي ارتكبتها جماعة الحوثي في مديرية ماوية آثارًا إنسانية كارثية على حياة السكان، تجاوزت حدود فقدان المنازل ومصادر الدخل لتطال الأمن الجسدي والنفسي والمعيشي لمئات الأسر.

 

أولًا، أدى الحصار المفروض على بعض القرى، ومنها جبل تنسم والوبيد، إلى حرمان السكان من الوصول إلى الخدمات الأساسية، وخاصة الرعاية الطبية الطارئة. وكانت وفاة المواطنة فهمية شايف مسعد المثال الأبرز على ذلك، حيث قضت ست ساعات وهي تعاني نزيفًا حادًا أثناء الولادة، بينما مُنعت أسرتها من نقلها إلى المركز الصحي الأقرب. وقد أدى هذا التأخير المتعمد إلى وفاتها، وهو ما يشكل انتهاكًا مباشرًا للحق في الحياة والحق في الصحة.

 

ثانيًا، أسفرت عمليات التهجير القسري عن اقتلاع مئات الأسر من بيئتها الطبيعية ونقلها إلى مناطق عالية الخطورة، مثل ورزان، التي تحتوي على منصات إطلاق صواريخ ومواقع عسكرية، الأمر الذي عرّضهم لخطر الاستهداف العسكري المباشر. هذا الوضع خلق حالة دائمة من الخوف والقلق، خاصة بين النساء والأطفال، الذين أصبحوا يعيشون وسط أجواء متوترة تتخللها تحركات مسلحة وانفجارات متكررة.

 

ثالثًا، أدى النزوح إلى حرمان الأطفال من التعليم، نتيجة فقدان المدارس أو بعدها عن مناطق النزوح، في ظل غياب أي بدائل تعليمية أو دعم منظم. كما أن فقدان مصادر الدخل والأراضي الزراعية والمواشي جعل الأسر تعتمد بشكل كامل على المساعدات الإنسانية، التي غالبًا ما تكون غير كافية أو غير منتظمة.

 

رابعًا، على المستوى النفسي، سُجلت حالات من الانهيار العصبي والاكتئاب بين الأمهات، واضطرابات النوم والخوف المزمن لدى الأطفال. وأدى غياب الدعم النفسي والاجتماعي في مواقع النزوح إلى تفاقم هذه الحالات، مما يزيد من هشاشة المجتمع ويجعله أكثر عرضة للأزمات.

 

خامسًا، حرمت القيود المفروضة على الحركة وإغلاق الطرق السكان من التواصل مع أقاربهم أو الوصول إلى الأسواق والمراكز الحضرية، ما عمّق عزلة المجتمعات المحلية وزاد من صعوبة حصولهم على الغذاء والماء والدواء.

 

*خامسًا: التوصيف القانوني*

 

تشكل الانتهاكات الموثقة في مديرية ماوية خروقات جسيمة لأحكام القانون الدولي الإنساني، وترقى إلى مستوى جرائم الحرب كما حددها نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

 

أولًا، إن عمليات التهجير القسري الجماعي التي استهدفت قرى النجد والأخيرم والطعنة والفراشة، ونقل سكانها بالقوة إلى مناطق عسكرية نشطة، تمثل خرقًا مباشرًا للمادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر النقل القسري أو الإبعاد الجماعي للأشخاص المحميين من أراضيهم، تحت أي ذريعة، إلا إذا كان ذلك لصالح أمن المدنيين أنفسهم، وهو ما لم يتوفر في هذه الحالات.

 

ثانيًا، إن استخدام المدنيين كدروع بشرية من خلال إبقائهم أو نقلهم إلى مناطق تمركز عسكري ومنصات إطلاق صواريخ، يشكل انتهاكًا للمادة (28) من اتفاقية جنيف الرابعة، والتي تحظر صراحة استخدام الأشخاص المحميين لجعل مواقع أو مناطق عسكرية محصنة ضد العمليات العسكرية. ويُعد ذلك كذلك انتهاكًا صارخًا لمبدأي التمييز والتناسب في القانون الدولي الإنساني، إذ تعمدت جماعة الحوثي خلط الأهداف العسكرية بالمدنيين، ما عرض حياتهم وممتلكاتهم للخطر المباشر.

 

ثالثًا، إن الحصار المفروض على قرى جبل تنسم والوبيد، ومنع حركة المدنيين بما في ذلك الحالات الطبية الطارئة، والذي أسفر عن وفاة المواطنة فهمية شايف مسعد، يمثل خرقًا للمادة (55) من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تلزم أطراف النزاع بضمان تزويد السكان بالمواد الغذائية والإمدادات الطبية، ويعد انتهاكًا للحق في الحياة والحق في الصحة المنصوص عليهما في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

 

رابعًا، إن هذه الأفعال مجتمعة، سواء كانت عمليات تهجير قسري أو حصارًا مميتًا أو استخدام المدنيين كدروع بشرية، تدخل ضمن تعريف جرائم الحرب الوارد في المادة 8، الفقرة 2 (ب)، البند 23 من نظام روما الأساسي، وتفتح الباب أمام المساءلة الجنائية الدولية لكل من أمر أو شارك أو سهل ارتكاب هذه الأفعال.

 

*سادسًا: المسؤولية*

 

تتحمل جماعة الحوثي، بصفتها الجهة المسيطرة فعليًا على المناطق التي وقعت فيها هذه الانتهاكات، المسؤولية الكاملة والمباشرة عن جميع الأفعال الموثقة في هذا التقرير. وتشمل هذه المسؤولية التخطيط والتنفيذ والإشراف على عمليات الحصار والتهجير القسري، وإقامة مواقع عسكرية داخل المناطق السكنية، ومنع وصول المساعدات الطبية والإنسانية إلى المحتاجين.

 

وفق الشهادات الموثقة، ومنها ما أدلى به مدير عام مديرية ماوية، عبدالجبار الصراري، فإن ما جرى لم يكن تصرفات فردية أو حالات معزولة، بل جاء في إطار حملة ممنهجة بأوامر عليا. حيث أشار الصراري إلى أن هناك توجيهات صدرت باستهداف قرى محددة، واعتقال شخصيات اجتماعية وتربوية، حتى وإن لم يكن لها أي نشاط معارض ظاهر، بل كان بعضها "مسالمًا" حسب وصفه. هذه السياسة تكشف عن قرار مركزي باستهداف مكونات المجتمع المحلي للسيطرة عليه وإخضاعه.

 

كما تتحمل الجماعة المسؤولية عن النتائج الإنسانية المباشرة لهذه الممارسات، وفي مقدمتها وفاة المواطنة فهمية شايف مسعد نتيجة الحصار، وتدهور الوضع الصحي والنفسي لمئات الأسر النازحة، وحرمانهم من حقوقهم الأساسية في الأمن، والصحة، والتعليم، والعيش بكرامة.

 

وبموجب أحكام القانون الدولي الإنساني، فإن المسؤولية لا تقع فقط على العناصر الميدانية، بل تمتد إلى القيادات العسكرية والسياسية التي أمرت أو وافقت أو امتنعت عن منع وقوع هذه الانتهاكات رغم قدرتها على ذلك. كما أن هذه المسؤولية لا تسقط بالتقادم، وتظل قائمة حتى يتم التحقيق والمساءلة أمام المحاكم الوطنية أو الدولية المختصة.

 

*سابعًا: التوصيات العاجلة*

 

في ضوء الانتهاكات الجسيمة التي وثقتها منظمة سام للحقوق والحريات في مديرية ماوية والمناطق المتاخمة لها، وما ترتب عليها من آثار إنسانية كارثية، توصي المنظمة بما يلي:

 

1- إلى الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان

 

- فتح تحقيق دولي عاجل وشفاف في وقائع الحصار، والتهجير القسري، واستخدام المدنيين كدروع بشرية في مديرية ماوية.

 

- إدراج هذه الحوادث ضمن التقارير الرسمية المقدمة إلى مجلس الأمن، مع تحديد المسؤولين عنها تمهيدًا لإحالتهم إلى المساءلة الدولية.

 

2- إلى المحكمة الجنائية الدولية

 

- إدراج هذه الانتهاكات ضمن ملفات القضايا التي تنظر فيها المحكمة باعتبارها جرائم حرب وفق نظام روما الأساسي.

 

- اتخاذ الخطوات اللازمة لملاحقة المسؤولين المباشرين وغير المباشرين عنها، بما في ذلك القيادات العسكرية والسياسية لجماعة الحوثي.

 

3- إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمات الإنسانية الدولية

 

- إرسال فرق ميدانية عاجلة لتقييم الوضع الإنساني في القرى المتأثرة ومناطق النزوح.

 

- توفير مساعدات إنسانية عاجلة، تشمل الرعاية الطبية الطارئة، والدعم النفسي والاجتماعي، والمأوى، والغذاء، والمياه الصالحة للشرب.

 

4- إلى المجتمع الدولي والدول المؤثرة في النزاع اليمني

 

- ممارسة ضغط سياسي ودبلوماسي على جماعة الحوثي لرفع الحصار عن القرى المحاصرة فورًا، والسماح بحرية التنقل والوصول إلى المرافق الصحية.

 

- وقف سياسة استخدام المدنيين كدروع بشرية، وإزالة المواقع والمنشآت العسكرية من داخل الأحياء السكنية.

 

5- إلى منظمات المجتمع المدني اليمنية

 

- توثيق جميع الانتهاكات في مديرية ماوية بشكل منهجي ومستمر، وضمان إيصالها إلى الجهات الدولية المختصة.

 

- تقديم الدعم القانوني والإنساني للأسر المتضررة، ومساعدتها على إيصال شكاواها إلى هيئات العدالة المحلية والدولية.

 

*خاتمة*:

 

تجسد الانتهاكات التي شهدتها مديرية ماوية والمناطق المحيطة بها واحدة من أبشع صور النزاعات المسلحة في اليمن، حيث تحولت حياة المدنيين إلى رهائن لسياسات الحصار والتهجير القسري، واستخدامهم كدروع بشرية في مناطق تمركز عسكري، في انتهاك صارخ لكل القواعد والمعايير التي يفرضها القانون الدولي الإنساني. إن وفاة المواطنة فهمية شايف مسعد نتيجة الحصار، واقتلاع مئات الأسر من منازلها ونقلها قسرًا إلى مناطق خطيرة، ليست حوادث عرضية أو معزولة، بل هي جزء من نمط متكرر ومنهجي من الممارسات التي تستهدف النسيج الاجتماعي والإنساني في المنطقة.

 

إن استمرار هذه الانتهاكات في ظل غياب المساءلة الدولية وغياب ردع فعّال للجهات المسؤولة، يفتح الباب أمام تفاقم الأوضاع الإنسانية، ويؤسس لمرحلة أكثر قسوة من الصراع، حيث تُستباح حياة المدنيين وحقوقهم الأساسية بلا رادع. ومن هنا، تؤكد منظمة سام للحقوق والحريات أن حماية المدنيين في اليمن لم تعد خيارًا إنسانيًا فحسب، بل واجبًا قانونيًا وأخلاقيًا على المجتمع الدولي، يتطلب تحركًا عاجلًا وجادًا لوضع حد للإفلات من العقاب، ومحاسبة كل من تورط في هذه الجرائم، وضمان تعويض الضحايا وإنصافهم.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس