مثلت حادثة تصفية حكومة الحوثي بغارة إسرائيلية في صنعاء الخميس الماضي ، محطة جديدة للجدل بين اليمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة في صفوف النخبة شمالاً ، حول الموقف من الأمر.

الجدل حول الحادثة جاء انطلاقاً من الموقف من الطرف المنفذ لتصفية حكومة المليشيا وهو الكيان الإسرائيلي الذي لا يزال عدواً بنظر الغالبية من العرب دولاً وشعوباً جراء تاريخه الدموي الطويل بحق الشعب الفلسطيني والتي تشهد غزة حالياً اقسى فصول هذا التاريخ.

وهو ما سارعت المليشيا الحوثي لاستغلاله ، لقمع الأصوات المبتهجة بهلاك حكومتها من قبل خصوم وضحايا المليشيا من اليمنيين ، بوسم موقفهم بأنه عمالة للكيان الإسرائيلي واصطفاف الى جانبه ، وصولاً الى خيانة القضية الفلسطينية وغيرها من التهم.

وفي حين يمثل هذا الموقف من المليشيا أمراً طبيعياً ومتوقعاً ، الا أن غير المتوقع كان انسياق قطاع واسع من النخب اليمنية وخاصة بالشمال غير الموالية للمليشيا الحوثية وراء توصيفها والانضمام لخطابها بقمع أي ابتهاج في صفوف خصومها من الحادثة ، بوصفه عمالة للكيان الإسرائيلي.

وفي حين ان جزء من هذه النخب تمارس الحياد السياسي ولا تظهر أي موقف موالي للمليشيا ، الا أن الصادم هو من الجزء الأخر الذي يدعي انه خصم ومناهض للمليشيا الحوثية ، بل ان بعضهم من مكونات سياسية منضوية تحت مظلة الشرعية.

موقفٌ يعيد التذكير من جديد بمأساة وأزمة معركة اليمنيين المقدسة ضد مليشيا الحوثي وخاصة في جغرافيا الشمال ، بسبب النخبة التي يُفترض بها ان تقود هذه المعركة للحسم ، لا ان تتخبط في معارك جانبية ، قضت على المعركة الحقيقة وادخلتها اليوم في موت سريري بعد ان اطالت بها لأكثر من 10 سنوات. 

فالموقف الذي اظهرته اليوم هذه النخب تعكس حقيقة غياب القناعة لديها بوجود قضية يمنية لا تقل عدالة عن قضية فلسطين ، قضية تخوض معركة مقدسة ضد مليشيا إرهابية عنصرية لا تقل في اجرامها وإرهابها عن ما تفعله إسرائيل.

ومن هنا ، يُمكن تفسير انسياق هذه النخب خلف خطاب مليشيا الحوثي لمهاجمة ضحايا المليشيا المبتهجين بهلاك قياداتها ، رغم ان هذا الابتهاج لا يعني بأي حال من الأحوال تبييض لجرائم إسرائيل بحق الفلسطينيين.

 بل هو ابتهاج نابع من شعور لدى ضحايا مليشيا الحوثي بأنه لا فرق بينها وبين الاحتلال الإسرائيلي ، لا أكثر ولا أقل ، وهو موقف عميق تفتقر له النخب ، في مشهد معكوس يكشف من جديد عمق المأساة التي تعاني منها معركة اليمنيين ضد إرهاب وعنصرية مليشيا الحوثي المدعومة من إيران.