"صهينة" شركاء المعركة بعد يوم من خطاب "اليدومي".. حين فضح الاخوان مبادرة زعيمهم
السبت 13 سبتمبر 2025 - الساعة 11:09 مساءً
المصدر : المحرر السياسي
لم تكد تمضي 24 ساعة على دعوة زعيم حزب الإصلاح (إخوان اليمن) محمد اليدومي الى مصالحة وطنية شاملة ، والتفرغ لمواجهة مليشيات الحوثي ، حتى دشن إعلام الحزب حملة جديدة ضد أحد المكونات المعنية بدعوة اليدومي.
حيث نشرت عشرات من وسائل الاعلام المحسوبة على الإصلاح اليوم السبت مزاعم تتحدث عن استقبال المجلس الانتقالي الجنوبي لوفد إسرائيلي في العاصمة عدن ،وترتيب زيارات له الى جبهات قتالية تابعة للانتقالي.
ورغم دحض هذه المزاعم من قبل منصات تدقيق مستقلة ، الا أنها تحولت الى حملة جديدة من قبل ناشطي الإصلاح على مواقع التواصل الاجتماعي ضد المجلس الانتقالي واتهامه بالتطبيع مع "الكيان الصهيوني".
إقرأ للمزيد:
منصة تدقيق يمنية : الادعاء بزيارة وفد إسرائيلي إلى عدن مضلل
وفي حين ان هذه المزاعم وهذه الحملات ليست بجديدة على حزب الإصلاح ووسائل إعلامه ضد خصومه السياسيين ، الا أن الجديد في أنها جاء بعد أقل من 24 ساعة على خطاب زعيم الحزب محمد اليدومي بمناسبة الذكرى الـ 35 لتأسيس الحزب.
وفي الخطاب ، دعا اليدومي باسم الإصلاح "مصالحة وطنية شاملة تقوم على تجاوز كافة تداعيات وآثار الصراعات الماضية، والتفرغ الحصري لمواجهة انقلاب مليشيات الحوثي وإسقاطه".
الا أن الحملة اليوم على المجلس الانتقالي الجنوبي نسفت كل ذلك ، بعد ان تحولت مزاعم الإصلاح الى مادة تناقلتها وسائل الاعلام الحوثية باعتبارها تدعم مزاعمها بنصرة القضية الفلسطينية امام خصومها المطبعين مع إسرائيل.
قدمت هذه الحملة وهذه المزاعم رداً سريعاً على خطاب اليدومي، وأكدت بان الإصلاح او "إخوان اليمن" لا يزالون متمسكين بسلوكهم منذ 2015م في خدمة مليشيا الحوثي عبر أثارة المعارك الجانبية داخل معسكر الشرعية.
معارك مثلت نتاج طبيعي لشهوة التفرد بالسلطة والحكم في عقلية ومشروع تنظيم الاخوان المسلمين ، ولا تختلف كثيراً عن مشروع الحوثي الذي لا يقبل شريكاً ولا ومنافساً له في السلطة ، وكجماعات تغلف مشروعها بالدين ، تُصبح الوسائل والطرق لاستخدامها في التخلص من المنافسين او شركاءه مباحاً ومُبرراً في لحظة القوة والتمكن.
اما في لحظات الضعف ، تُصدر هذه الجماعات خطاباً سياسياً منمقاً يتحدث الشراكة الوطنية، كما يفعل الإصلاح اليوم وقاله زعيمه اليدومي بخطابه بالأمس بحديثه وبإسهاب مطول عن "قناعة راسخة بالشراكة الوطنية" لدى الحزب.
يتحدث اليدومي اليوم عن القناعة بالشراكة الوطنية بعد ان تغير موقع الحزب او الإخوان اليمن بشكل ادق ، في المشهد السياسي داخل الشرعية ، من الطرف المهمين بالقرار اثناء حكم الرئيس هادي الى طرف من أطراف منظومة الشرعية بعد تشكل مجلس القيادة الرئاسي في ابريل 2022م.
تشكل المجلس وطي صفحة هادي ومعه نائبه علي محسن ، لم يكن الا نتاج طبيعياً لما أحدث تحكم الاخوان (الإصلاح) بالقرار داخل الشرعية منذ 2015م الى ما قبل تشكل المجلس ، غابت فيها تماماً أي ملامح للشراكة الوطنية التي يتحدث عنها اليدومي اليوم.
فالشراكة في فترة حكم هادي لم تكن الا فتات من التعيينات والمزايا كان يمنحها الإصلاح للأحزاب والمكونات الأخرى المنضوية في إطار الشرعية فقط لشراء ولاءات داخلها وبما يخدم مصالحه.
بل ان اليدومي – وللصدفة - اشار في خطابه الى واحدة من أهم الحوادث التي تكشف حقيقة تأكيده المستمر على إيمان الإصلاح بالشراكة الوطنية ، حيث أشار في هذا السياق الى دور الحزب في تأسيس "التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية".
هذا التكتل الذي قال اليدومي بأن تأسيسه جاء "ليكون رافعة سياسية متينة لمساندة الشرعية للقيام بدورها في انهاء الانقلاب واستعادة الدولة"، جرى اشهاره في مدينة سيئون بحضرموت في ابريل عام 2018م بالتزامن مع عقد أول جلسة لمجلس النواب.
حيث مثل التكتل أهم محاولة سياسية من قبل القوى والأحزاب المؤيدة للشرعية لإصلاح حالة العبث والفساد الذي خلفها "الإصلاح" داخل الشرعية ببرنامج واضح ومحددة ، لكنه لم يرى النور ، فتنفيذه لم يكن ممكناً دون موافقة الطرف المسيطرة على القرار بالشرعية الا وهو "الإصلاح".
ولعل أهم ما يمكن التعليق عليه في خطاب اليدومي وتؤكد على حقيقة سلوك الإصلاح او الاخوان كجماعة دينية بين حالات الضعف والهيمنة ، ما قال بأنها مبادرة باسم الإصلاح إلى كافة القوى السياسية الوطنية دون استثناء.
وتقوم المبادرة على "لتبنّي ميثاق شرف سياسي، يقضي بألا تُحكم البلاد بعد إسقاط انقلاب مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران إلا بالشراكة والتوافق لعدة سنوات قادمة، إلى أن يستعيد البلد عافيته، ومن ثمَّ الترتيب والتهيئة لإجراء الانتخابات العامة في إطار توافقٍ وطني سياسي شامل".
تعكس هذه المبادرة بوضوح حجم المخاوف التي تعتري الإصلاح او إخوان اليمن حالياً من أي تحرك إقليمي او دولي لمواجهة مليشيا الحوثي وانهاء سيطرتها على جغرافيا اليمن ، في ظل حالة الضعف السياسي التي يمر بها الاخوان بعد فقدانهم التأثير والنفوذ داخل الشرعية، ومع تقارير تتحدث عن وجود توجه إقليمي ودولي لإزاحتهم من مشهد انهاء الحوثي وما بعده.
فحديثهم عن الشراكة والتوافق في حكم اليمن بعد اسقاط مليشيا "لعدة سنوات قادمة"، يبدو أمراً مستغرباً ويصعب تفسيره خاصة مع ربط الأمر بالتهيئة لانتخابات عامة وليس الحديث عن حوار يمني حول المستقبل ما بعد الحوثي في ظل وجود ملفات وقضايا ملحة لا تقبل التأجيل في حسمها كالقضية الجنوبية.
هذه الغموض في مبادرة اليدومي يجعلنا نقف امام مبررات الاخوان في طرح مبادرتهم بعبارة "إلى أن يستعيد البلد عافيته" ، وهل العبارة الصحيحة هي " إلى أن يستعيد (الإصلاح) عافيته" ..؟!!