انقاذ تعز من الجريمة المنظمة .. علاج الرأس بدلاً من بتر الأطراف
الخميس 25 سبتمبر 2025 - الساعة 11:37 مساءً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي

في مؤتمرها الصحفي الذي عقدته صباح اليوم الخميس ، قدمت قيادة الجيش والأمن بتعز – دون أن تدرك – معلومات وحقائق تؤكد ان انهاء مشهد الفوضى الأمنية بالمحافظة يتجاوز مسألة نجاحها في القبض او تصفية المتهمين بجريمة اغتيال الشهيدة افتهان المشهري.
حيث كشف مساعد مدير شرطة تعز عدنان السقاف، في المؤتمر عُقد اليوم، عن وجود 320 سجينًا داخل السجن المركزي، ينتمون للمؤسسة العسكرية، وهو ما يمثل ثلث عدد النزلاء، ومازال مئات المتهمين العسكريين فارين من وجه العدالة ويعيد التذكير بالحقيقة المؤلمة التي خلقت مأساة تعز الأمنية.
مأساة تتجسد في حقيقة ان الغالبية الساحقة مما تشهده المحافظة من جرائم متنوعة طلية السنوات العشر الماضية ، تقف خلف غالبيتها العظمى عناصر يتبعون التشكيلات العسكرية لمحور تعز وبدرجة اقل للأمن.
بل أن الحال وصل الى ان يتحول أحد ألوية المحور بأكمله الى مجرد تشكيل مسلح اقرب الى ان يكون "عصابة" يتفنن قياداته وعناصره في ارتكاب الجرائم بحق أبناء تعز ، كما هو الحال مع اللواء 170 دفاع جوي ، الذي يقف عناصره خلف جريمة اغتيال الشهيدة افتهان المشهري.
وليس الأمر تهويلاً او تحاملاً على هذا اللواء ، بل انها الحقائق والأحداث التي تكشف مثلاً ان قادة الكتائب الأربعة للواء ، جميعهم متهمون بجرائم اعتداءات وسطو وقتل وتصفية خلال السنوات الماضية ، وصدر بحقهم أوامر قبض قهرية.
فالكتيبة الاولى قائدها خطاب الياسري متهم بقتل الشاب محمد سعيد ناجي داخل طوارئ مستشفى الثورة في يناير ٢٠٢١ وكذا الهجوم على شركة الشيباني ، اما عرفات الصوفي قائد الكتيبة الثانية فمتهم بعدة قضايا قتل منها اعدام المقاول بكيل الاثوري ، وتسببت عدة اعتداءات له بحق القضاء في تعز في إضرابات شاملة للسلطة القضائية بالمحافظة.
قائد الكتيبة الثالثة باللواء عصام عبدالله مقبل المخلافي فهو مطلوب للقضاء بمحاولة اغتيال رئيس جامعة تعز وقتل مرافقه موفق الشميري ، واحدث جرائمه وقعت هذا الشهر بإطلاقه النار على الدكتورة الجامعية عزيزة شرف بنتها ، مع التنويه ان هذا القائد تم تعيينه بدلاً عن القائد السابق للكتيبة همام مرعي أحد ابرز المطلوبين أمنياً بتعز.
اما الكتيبة الرابعة باللواء فقائدها محمد سعيد المخلافي شقيق القيادي الاخواني البارز حمود سعيد ، فهو متهم بقتل الجندي عدنان الصامت جوار مستشفى الصفوة بحي الموشكي في يناير ٢٠٢٤ ، ومتهم أيضاً بقضايا أخرى.
ومن ابرز قيادات اللواء من ذوي السجل الحافل بالجرائم ، يأتي ضابط امن اللواء صدام المقلوع المتهم بحرام قتل عديدة وصدر بحقه احكام قضائية ونهب الممتلكات وابتزاز النجار وملاك المنازل.
اما عناصر اللواء المتهمين بجرائم قتل واعدامات ، فالقائمة تطول لسردهم مع الجرائم التي ارتكبوها في هذا الحيز الصغير ، والأهم هو ان غالبيتهم طلقاء احرار كقيادات كتائبهم.
هذا الوضع المختل للواء 170 ، يُصبح وضعاً عادياً اذا ما تداركنا حقيقة ان قيادة المحور ذاتها التي يُفترض أن دورها الحد من تورط عناصر الجيش في هذه الجرائم ، متورطة في ذلك ، بل انها أصبحت مطلوبة أمنياً للقضاء ، كما هو وضع مستشار قائد المحور والقائد العسكري الحقيقي للإخوان بتعز ، العميد عبده فرحان سالم.
فسالم متهم الى جوار عدد من القيادات الإخوانية المسلحة بجريمة الاعتداء على القاضي / محمود الصبري في مدينة تعز وقتل نجله نائف محمود وجرح اخرين واختطاف عدد من أولاده ، عام 2022م.
وسبق وان أصدرت النيابة الجزائية المتخصصة بالعاصمة عدن أوامر قبض قهرية ضد سالم وقيادات الاخوان ، ووصل الأمر الى اصدار وزارة الداخلية تعميماً رسمياً باستمائهم الى المنافذ التابعة للحكومة الشرعية لمنعهم من الهروب خارج البلاد.
هذه الحقائق والأحداث حول قيادة تشكيل عسكري واحد ولأحد قيادات المحور والجرائم المتهمين بها ، تُعيد التذكير بالحقيقة المؤلمة بأن الخلل في تعز يتجاوز قضية ملاحقة وضبط الجناة في جريمة اغتيال الشهيدة افتهان المشهري.
فالحقيقة ان الفوضى الأمنية التي يتجرعها أبناء تعز منذ 10 سنوات ما هي الا جرائم منظمة تدار من قبل قيادات إخوانية تحكم قبضتها على مؤسستي الجيش والأمن ، تمارس جرائمها المنظمة بعناصر وسلاح الجيش والأمن، وعند فضح مرتكبي الجرام خلال السنوات الماضية كان تبرير إعلام الجماعة انه ممحاكات واستهداف للجيش،
ما يجعل أي محاولة لتصحيح الوضع الأمني في تعز ، مقترناً بعملية تغيير وهيكلة شاملة تطال مؤسستي الجيش والأمن ، لتطهيرها من القيادات التي تدير الجريمة المنظمة قبل العناصر المنفذة لهذه الجرائم، فوضع تعز ينطبق عليه المثل الشعبي " من أين العافية اذا كان الخلل بالرأس".