تسطيح المعاناة وتزييف الوعي.. ممارسات إعلامية تسيء لتعز وقضيتها
الاحد 05 أكتوبر 2025 - الساعة 06:13 مساءً
المصدر : الرصيف برس - متابعات

رصدت «الوحدوي نت» ما أورده أحد مذيعي قناة "يمن شباب"، عبدالله دوبلة، في تعليقاته حول مواقف الأمين العام للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، عبدالله نعمان، ومحاولته تصوير الاحتجاجات التي شهدتها مدينة تعز ضد الفوضى الأمنية وتغييب الدولة وكأنها مجرد صراعات قروية. هذا الطرح يعكس سطحية في القراءة واستخفافًا بمعاناة مدينة تعيش تحت سلطة منفلِتة وأعراف العصابات، ويغيب عنه أي تقدير لحجم التضحيات التي يقدمها أبناؤها دفاعًا عن مدينتهم.
لقد جاء خطاب المذيع دوبلة بعيدًا عن أبجديات العمل الصحفي، القائم على المسؤولية والمصداقية واحترام الجمهور، إذ غلب عليه التهريج والانحياز الحزبي، وتحول المنبر الإعلامي إلى مساحة لتوزيع الاتهامات دون سند أو دليل، بدلًا من تقديم قراءة مهنية وموضوعية للأحداث.
الأخطر من ذلك توصيفه للأوضاع في تعز بأنها "صراعات قروية" في فجّ لجريمة اغتيال الشهيدة افتهان المشهري، إلى جانب عشرات الضحايا الأبرياء الذين سقطوا برصاص المنفلتين، كما قلل من شأن الاحتجاجات الشعبية الرافضة لعسكرة المدينة وتغوّل ثقافة وسلوك المليشيات. هذا الخطاب لا يسيء فقط للقائد عبدالله نعمان، بل يمتد إساءته لكل أبناء تعز الذين يدركون أن قضيتهم أكبر بكثير من هذا التبسيط المخل. وهو توصيف يكشف غياب الحياد المهني، ويعكس بوضوح أن الهدف ليس تقديم قراءة تحليلية، وإنما تصفية حسابات سياسية ضيقة.
إن هذا النمط من الخطاب الإعلامي لا يتجاوز كونه دعاية حزبية رخيصة تفتقر إلى المعلومة الدقيقة وتغيب عنها الروح الوطنية. وفي سياق واقع يمني مضطرب، حيث الكلمة قد تتحول إلى أداة للتحريض، يصبح هذا النوع من الخطاب خطرًا على السلم الاجتماعي بدلًا من أن يكون صوتًا للحقيقة.
ومن المهم هنا التذكير بأن الإعلام مسؤولية وأمانة، ومن يتصدر الشاشة مطالب بأن يرتقي إلى مستوى المعاناة التي يعيشها الناس، لا أن يحولها إلى مادة للتهكم والتسطيح. وتعز، بتاريخها وثقافتها وهويتها، واليمن عموما، تستحق خطابًا إعلاميًا مهنيًا ومسؤولًا، بعيدًا عن المنابر الحزبية الضيقة التي تستخف بآلامها وتختزل قضاياها العادلة.