خارج الشطط وأوهام القوة
الاحد 05 يونيو 2022 - الساعة 12:56 صباحاً
خالد سلمان
مقالات للكاتب
إعلان الهدنة لشهرين في حال التوافق عليها ،تعكس حالة التعب الذي أصاب المتحاربين من تطاول وإمتدادات سنوات الحرب ، ولم يعد لديهما من أوهام، بأن أحدهما يستطيع أن يحكم اليمن منفرداً، حتى وإن دانت له السيطرة الكلية على الأرض.
اليمن تركيبة معقدة وفي تعقيداتها روشتة خلاص من ذهنية سائدة تعتقد أن بمقدورها حكم الجميع باللون السياسي المذهبي الواحد، وأن التعايش وفق قواعد التراضي المجتمعي، والإقرار بالحقوق المتبادلة هي السبيل الوحيد لصياغة معادلة السلام المتوازن.
اليمنيون يدركون ذلك جيداً، وكذلك تسرب هذا اليقين للأطراف المنخرطة في حرب اليمن ، حيث جهود السلام تبسط سلطتها على ماكينات الحرب ، وحيث هناك متسع لإستيعاب مصالح الجميع خارج إلغاء الآخر، والبسط على مقاليد حكم وثروات كل اليمن.
السعودية باتت بعد تجربة ثمان سنوات حرب ، تدرك ذلك ،وإيران هي الأُخرى تعلم جيداً أن مصالح الدول الكبرى لن تسمح لها بتهديد مصالحهم، وفرض موطئ قدمها على الثروات والممرات وتهديد مصادر إنتاج الطاقة ، وبالتالي فإن الخيار الوحيد البحث عن حل توافقي ،يكون الجميع على درجة متساوية من المنافع، وإحلال المصالح محل الصراع.
في اليمن لا أحد يستطيع أن يقدم نفسه كمنتصر أوحد، من الداخل إلى الإقليم ، وعليه فإن الهدنة الثانية تلخص حالة هذا اليقين، إذا ما تم إرفاقها بمجموعة تدابير تقود إلى التفاوض، والإتفاق على صيغة حل يستقيم على قاعدة الجميع رابح رابح ،بما في ذلك مقاربات جديدة ذات صلة بالقضية الجنوبية.
أياً كان شطط الخطابة الحوثية ،المؤسسة على مكاسبها العسكرية وضعف الشرعية، ، إلا أن مفاتيح المرونة والخروج من عنق الزجاجة، سيبقى بالنسبة للجوار رهن حقائق الجغرافية، حيث لا أحد يستطيع أن يلغي جاره، الكامن خلف حدوده ،وفي الداخل لا أحد يستطيع أن يشطب شريكه في الوطن.
الآن بعد تعب البنادق حان الوقت أن نغادر مربع أوهام القوة، والجلوس على طاولة تفاوض، والإنتقال من الهُدن على أهميتها إلى مسار سياسي حقيقي، يقود إلى سلام قابل للحياة ومُستدام.
▪︎ من صفحة الكاتب على الفيس بوك