الوعي بالدولة.. وعي بالواقع والمفاهيم

الاثنين 06 يونيو 2022 - الساعة 01:36 صباحاً

 

التعاقد الوطني أو التوافق الوطني ، وقد قبلت كل القوى السياسية به لا معنى لأي اعتراض عليه ، بمعنى أوضح قبلت كل قوى الشرعية مجتمعة بالمجلس الرئاسي وأصدرت مؤكدة لإجماعها ذاك بيانات التأييد وبصمت له بالعشر ؛ فلا معنى لأي تشكيك أو تسميم لفكرته او مبناه أو لمشروعية معناه وما يصدر عنه  إلآ أنه انقلاب على تلك التوافقية الوطنية ، أو التعاقد الوطني الذي وافقت  وتوافقت عليه كل القوى المؤيدة للشرعية ، وأكدته بياناتها المؤيدة … وهذا أولاً .

 

الوعي بالدولة لايكون بدون وعي بالسياسة كمفهومٍ أو كعلمٍ  ، وبالتالي فإن الممارسة السياسية يجب أن تنطلق من رؤية تجسدها في وعيها  القانوني اولاً في منظومة العمل السياسي  ثم بوعيها الواقعي بمتاحات المشروعية السياسية التي لايمكن أن تكون بدون وعيها بالدولة الوطنية وواقعها التوافقي ومشتركاتها الجمعية التي لا تقصي ولا تلغي أو ترفض الآخر أياً كانت قناعات أو توجهات أو ميول أو حتَّى طروحات هذا الطرف أو ذاك، والتي قد لاتنسجم مع قناعات البعض أو حتَّى الكل ، فالكل بموجب التعاقد أو التوافق قد قبل بذلك منهجاً لتسيير الدولة وفق خيارات الضرورة  للمرحلة الإنتقالية القادمة… وهذا ثانياً .

 

وأما منطق الهيمنة والسيطرة أو وفق  فقه الغلبة ومنطق الاستحواذ وخيارات الاستقواء  بالبندقية .. فذاك لايبني دولة، ولايستعيدها البتة ؛ بل يقوضها ويفتتها ، وليس ذلك مايبحث عنه التوافق الوطني الذي أجمعت كل القوى المؤيدة للشرعية عليه، ولا معنى أيضاً لمن ينشد ذلك التقويض ويضرب هذا التوافق الوطني  إلآ أن هناك نزعات تسلط ومحاولة للاستفراد ، وتوجه نحو الاستبداد والشمولية ودخول مابقى من شكلٍ للدولة على ضعفه وهشاشته في حيص بيص !!

 

وهذا مالايمكن أن يسمح ولن يسمح به .

 

وما كان أجدر بهذه القوى المتربصة أن تحدد موقفها في يوم طرح هذا الخيار التوافقي، وكان ذلك أشرف لها وأفضل، ولاتبرير مقبول بعد مباركتها لذلك والحاق مباركتها ببيانات التأييد لذلك الخياروذلك الانتقال التوافقي .. للخروج عليه أو التشكيك به ، والحديث هنا لكل القوى وخصوصاً تلك المشاركة في قوام المجلس الرئاسي ، وبأكثر من 25 % على الأقل في إطار تسوية ارتضاها الجميع .. وهذا ثالثاً .

 

 إن منطق الاستفراد لا تقبله خيارات الضرورة ابتداءً، ولاتقبله طبيعة العصر ومتغيراته ومنطق التوافق أو التعاقد الوطني على ذلك النحو الذي ارتضته القوى المؤيدة للشرعية في مشاورات الرياض الأولى و تحديداً الثانية منها على وجه الدقة .. وهذا رابعاً .

 

شيطنة الجغرافيا والتلويح بحمل عصا موسى أو بندقية قابيل وتمويلات قوى الخارج العابثة لايمكن أن تفضي  إلى خيارات الدولة المنشودة التي يدعي هذا الطرف أو ذاك حرصه عليها ، ويتباكى لاستعادتها  إلآ إن كان في جعبتها  مشاريع أخرى صغيرة خارج مسارح التوافقات الوطنية ، والتي لايمكن أن تمر ، وإن مرت فعلى رؤوس وجثث حامليها تلك الحقيقة التي يجب أن يستحضرها الصغار بمشاريعهم الصغيرة … وهذا خامساً .

 

كما أن الدولة أي دولة لايمكن أن تكون أو تقوم لها قائمة مالم يكن لها حاضن شعبي جامع ، وليس كل أصحاب المشاريع الصغيرة أصحاب حواضن شعبية جامعة ، والمجتمع والشعب ليس لوناً واحداً حتى تمرر مشاريع التقويض والاستفراد، وأما الاتكاء على منطق الغلبة والاستقواء  فمرفوض مرفوض مرفوض ، وتجاوز عصره ومنطقه.

 

كما أن المجتمع الدولي لا يعترف بهكذا مشاريع ولايدعهما .

 

وأما منطق فرض سلطات الأمر الواقع فرهانٌ خاسرٌ ؛ وإن وجد مساحاتٍ هنا أو هناك  فإلى زوالٍ بوعي الناس وبوجود نماذج دولةٍ جاذبةٍ وتلاحم الناس  كل الناس حولها .

 

إن أي حماقاتٍ قد ترتكب هنا أو هناك أو مساعي لإفشال أي جهودٍ فإنه  سيكون على حساب أي مكتسبات جناها هذا الطرف أو ذاك قيل ان يكون على حساب الأجندة الوطنية ومشروعها الجامع الكبير..

 

وهذا أخيراً لمن فاته وجه التأسي ، ولم يتعض بعدُ بكلِ محاولات العبث التي مارسها ولم تسلمه لما يريد .  

 

 

كتب / نبيل الجوباني. 

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس