استهداف عدن من حيدان الى بن دغر .. عودة للمعارك العبثية على يد رموز الفساد والفشل

الاحد 26 أكتوبر 2025 - الساعة 11:40 مساءً
المصدر : المحرر السياسي

 


 في الوقت الذي تغرق فيه المناطق المحررة بالأزمات ، تُطل قيادات ومسئولين في الشرعية لمحاولة فتح معارك عبثية بخطاب مُلغم ، يُهدد بنسف الاستقرار السياسي الهش الذي يعيشه معسكر الشرعية حالياً.

 

هذا الخطاب المُلغم الذي يُعود الى عهد ما قبل تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، لم يكن حالة فردية توجب تجاهله ، بل ان تكرار ترديده علناً وخلال ساعات فقط ، يجعل منه أمراً يستحق التوقف امامه وتحليله.

 

البداية كانت مع البلاغ الصحفي الذي أصدره ما يُسمى بـ "المجلس الأعلى للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية" الذي يرأسه احمد عبيد بن دغر ، تحدث فيه عن الازمات التي تعاني منها مناطق الشرعية وخاصة في ملفي الرواتب والخدمات ، داعياً لحل ذلك الى ما اسماها "معالجات عاجلة تعيد الاعتبار للدولة".

 

ومن هذه المعالجات كما يقول تكتل بن دغر، "إقرار موازنة شفافة، وتوحيد الأوعية الإيرادية وتوريدها إلى البنك المركزي، وتفعيل الأجهزة الرقابية والقضائية، ومكافحة الفساد بقرارات عملية لا شكلية" ، وهي معالجة لا خلاف عليها بل باتت محل إجماع من كافة القوى والمكونات في الشرعية.

 

الا أن التكتل في سياق الحديث عن المعالجات ، يقفز بشكل غريب الى الحديث عن "أن استمرار تعدد مراكز القرار داخل العاصمة المؤقتة عدن أضرّ بأداء الدولة وفاقم معاناة المواطنين" ، دون توضيح هذه المراكز المتعددة.

 

كما شدد تكتل بن دغر في بلاغه الصحفي على "توحيد القرارين الأمني والعسكري تحت مظلة الدولة"، منوهاً "بأنه لم يعد خيارًا يمكن تأجيله، بل ضرورة لحماية المجتمع وضمان استقرار المؤسسات ووقف التدهور".

 

ويضيف التكتل بالجزم ان "أي إصلاح اقتصادي أو إداري لن يحقق أهدافه دون استعادة مؤسسات الدولة، وتمكينها من بسط سلطتها على كامل التراب الوطني".

 

وفي حين لا يوضح تكتل بن دغر المقصود بحديثه هذا ، الا أن الواضح والمؤكد انه حديث يعود الى خطاب الذي ساد في فترة ما قبل تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في ابريل 2022م.

 

خطابٌ صاغه حينها جماعة الاخوان والقوى الحليفة لها والتي كانت تسيطر حينها على قرار الشرعية ، وكانت ترى في نفسها هي "الدولة" التي يجب ان يخضع لسلطتها كل من هو في المعسكر المناوئ لانقلاب مليشيا الحوثي ، حتى يحصل على "شرعية" الوجود في المناطق المحررة من انقلاب الحوثي او يُصبح "مليشيات مدعومة إماراتياً".

 

هذا الخطاب الذي أوصل الشرعية الى سلسلة من الهزائم العسكرية والفشل المالي والإداري ، دفع بالتحالف وتحديداً قائدته الرياض الى اتخاذ قرار بطيء صفحة الرئيس هادي ونائبه علي محسن وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي.

 

تشكيل المجلس من قادة القوى والكيانات المسيطرة على الأرض بالمناطق المحررة ، كان بمثابة إلغاء للخطاب السابق الذي شرخ معسكر الشرعية ، وتحويل كل شركاء المعركة ضد مليشيا الحوثي الى شركاء وقادة للشرعية وللدولة اليمنية المعترف بها دولياً.

 

كما أن اعلان نقل السلطة من هادي الى المجلس ، كان واضحاً في محاولة معالجة اكبر وأهم معضلة يعاني منها معسكر الشرعية تعدد التشكيلات الأمنية والعسكرية على الأرض بسبب تباين مشاريع ورؤى المكونات والقوى التابعة لها ، والتي رفضت وما تزال ترفض بشدة فكرة دمجها وإذابتها ضمن في كيان واحد.

 

هذه المعضلة التي مثلت اهم أسباب لتفجر الخلاف والصراع داخل معسكر الشرعية ويُمثل هاجساً دائماً لعودتها ، عالجها اعلان نقل السلطة بتشكيل اللجنة الأمنية والعسكرية المشتركة ، وحدد هدفها  بمنع حدوث أي مواجهات مسلحة في المناطق المحررة، واتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق تكامل التشكيلات الأمنية والعسكرية "تحت هيكل قيادة وطنية موحدة في إطار سيادة القانون".

 

حديث اعلان نقل السلطة عن توحيد عمل التشكيلات الأمنية والعسكرية بالمناطق المحررة ، يناقض المزاعم التي أوردها اليوم وزير الداخلية إبراهيم حيدان في حوار له مع صحيفة "الشرق الأوسط السعودية" ، والذي كان لافتاً فيه استخدام ذات اللغة والخطاب الذي استخدمه تكتل بن دغر.

 

حيث زعم الوزير بأن العملية الأمنية في عدن والمناطق المحررة "تواجه تحديات مرتبطة بتأخر تنفيذ بنود دمج الوحدات الأمنية والعسكرية، المنصوص عليها في إعلان نقل السلطة وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي".

 

وكان لافتاً في حديث الوزير تركيزه على العاصمة عدن ومحاولة نزع الشرعية عن التشكيلات الأمنية والعسكرية فيها ، ففي حين أقر بتحسن الأداء الأمني في عدن ، الا انه استدرك بالقول بأن "العائق الأكبر أمام الوصول إلى مستويات أعلى من الكفاءة يكمن في عدم استكمال توحيد الأجهزة الأمنية تحت مظلة وزارة الداخلية".

 

وزعم الوزير حيدان بأن اللجنة الأمنية والعسكرية بذلت جهوداً كبيرة في هذا الإطار ( دمج التشكيلات الأمنية والعسكرية)، إلا أن قال بأن "عملية الدمج لم تُستكمل حتى الآن في بعض المحافظات، ومن بينها عدن".

 

تركيز وزير الداخلية وتكتل بن دغر ، بشكل واضح على الوضع في عدن ، يُعد رسالة استهداف للتشكيلات الأمنية والعسكرية التي تسيطر عليها والتي تتبع المجلس الانتقالي الجنوبي ، وبلغة تُعيد التذكير بخطاب ما قبل تشكيل مجلس القيادة الرئاسي.

 

ولا تقف مساوئ هذا الخطاب بجر الأمور نحو الماضي ، بل في كونه قفزاً على الازمات التي تعاني منها المناطق المحررة والوقوف عليها وحلها نحو اختلاق معارك عبثية داخل مناطق الشرعية.

 

فالدولة التي يتحدث عنها اليوم بن دغر وحيدان عن سلطتها وسيادتها وشرعيتها، لم تعد الدولة التي كان يُديرها مكتب هادي ونائبه علي محسن وحاشيتمها من داخل الرياض  ، بل دولة يمثل سلطتها وسيادتها مجلس رئاسي مكون من 8 أعضاء.

 

وشرعية أي تشكيل أمني وعسكري بالمناطق المحررة باتت مرتبطة بتنفيذ او التمرد على ما يصدر من المجلس او الحكومة من قرارات ، وليست مجرد شرعية في وجود هذا التشكيل او غيره بكشوفات رواتب وزارتي الداخلية او الدفاع.

 

ومن هنا فان شرعية أي تشكيل أمني وعسكري بالمناطق المحررة يُمكن ربطها مثلاً بملف الإيرادات وتحصيلها ، وهي المعضلة الأهم التي خلقت الأزمة المالية والاقتصادية للحكومة وجعلتها عاجزة عن دفع المرتبات او تقديم الخدمات وهو ما بات يُهدد بسقوط شرعتيها في عين المواطن.

 

أي ان شرعية أي تشكيل أمني وعسكري بالمناطق المحررة والتزامه بأوامر الدولة يُمكن ربطها مثلاً بدور هذا التشكيل في المساعدة على تحصيل الإيرادات او العكس أي نهبها ، وهو ما يجعله تشكيلاً متمرداً خارجاً عن الدولة حتى وان حاول حيدان شرعنته.

 

ويبقى ان ما يُثير الاشمئزاز حقاً هو ان محاولة خلق مثل هذه المعارك العبثية داخل الشرعية عبر المزايدة بمصطلحات "الدولة والسيادة" ، تصدر من أسماء تولت او تتولى مناصب حكومية يُمكن اعتبارها رموزاً او نجوم ساطعة في سماء الفساد والفشل والعبث خلال السنوات العشر الماضية ، كحيدان او بن دغر.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس