المرحلة الثانية من مواجهة إرهاب الإصلاح
السبت 10 سبتمبر 2022 - الساعة 09:36 مساءً
خالد سلمان
مقالات للكاتب
المواجهة مع قوات إرهاب الإصلاح، دخلت المرحلة الثانية في شبوة بعد إطلاق عملية “سهم الجنوب” وذلك بتنظيف مديرية الصعيد مما تبقى من تشكيلات التطرف، والإستيلاء على مخابئ أسلحة في مذبة وتحرير المصينعة.
الإجماع من رأس الرئاسي والتحالف ، على وصف من كان يسيطر على الشأن العسكري وهو الإصلاح، إرهابياً ومباركة تطهير المحافظة من مراكز قواه ، يقطع بأن القضية الجنوبية تذهب نحو مسار جديد ،وأن المتداخلين في ملف الحرب اليمنية، باتوا يتعاطون مع هذه القوات الجنوبية بروحية مختلفة، ولغة تقربها من منحها صفة الشراكة الدولية في مكافحة الأرهاب ، كقوة منظمة ومدربة جيداً وقادرة وذات صفة إحترافية، برسم ماحققته من إنتصارات عميقة في زمن قياسي.
الإصلاح لن يرمي كل أوراقه على طاولة الإستسلام ، ففي الوقت الذي يتم تحرير الصعيد من قبضته، يمارس عملية التفجيرات والإغتيالات وصنع الشراك والكمائن ، كما حدث اليوم في عتق من إستهداف سيارة لقوات دفاع شبوة، بلغم ذهب ضحيته عديد من الجنود، كل هذا ليؤجل مراسيم تشييعه ، ويعلن أنني مازلت لاعباً في قلب المعادلة، وأملك الكثير من الأوراق البديلة التي تربك المشهد بكامله.
الواقع أن إطلاق عملية “سهم الجنوب” المغطاة سياسياً من التحالف، وتأكيد الإجتماع الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي، على ضرورة “إستكمال مايتبقى” من إتفاق الرياض ، يوجه إشارة بالغة أن مايحدث جنوباً يتم بمباركة التحالف وقبول عواصم القرار، والإشارة إلى مفردة ما تبقى تعني الإقرار ببسط نفوذ الإنتقالي على أبين وشبوة، ومباركة الإتجاه لتحرير ماتبقى في حضرموت والمهرة.
يدرك اللاعبون الكبار وكذا رأس المجلس القيادي، أن لا قوة على الأرض المحررة جادة ومدربة ومنظمة سوى القوات الجنوبية ، وتوسيع رقعة سيطرتها على كل الجنوب ،وحماية المصالح الدولية في مثلث الثروات، وربما الذهاب بها قليلاً نحو الشمال في مأرب ، سيمنح الحكومة الشرعية المترنحة تحت ضغط إختلال ميزان القوى لصالح الحوثي ، مساحة أفضل للمناورة في أي مفاوضات سياسية قادمة حول موضوع الحل النهائي، كما سيسهل للعواصم الدولية تمرير تسوية متوازنة ، تستلهم ممكنات تحققها مما يحدث إيجاباً من تغيرات في ميزان القوة على الأرض.
إجمالاً بات الإصلاح يستشعر بمخاطر العزلة أكثر فأكثر، وأنه واقع تحت ضغوط الخسائر العسكرية من جهة، والعزل السياسي الوطني الإقليمي الدولي من جهة ثانية ، لذا لا غرابة أن تحرك بالخطة “ب” أي العمل مع الإرهاب وحتى مع الحوثي تحت الأرض ، وبعث رسالة مربكة مضللة بأن الإنتقالي لا يمسك بزمام المبادرة، وأنه شريك لا يعتد به في الجهد لعالمي لمكافحة الإرهاب ، وربما يصل الأمر بالإصلاح حد رسم خطط إعلان إمارات إسلامية هنا وهناك ، والقيام بتفجيرات في قلب الحواضر وتحديداً عدن حيث مركز ثقل الإنتقالي وعاصمته، ومقر الحكومة ومركز النشاط السياسي الدبلوماسي الدولي.
بين مطرقة وسندان يجد الإصلاح نفسه مضغوطاً حد دفعه إلى مزيد من الإنكشاف ، كما فعل خلال الأيام الماضية من تشكيل لواء النصر الإخواني في تعز ، مدركاً أنها المدينة التالية بعد محافظتي حضرموت والمهرة، وإن بأدوات مختلفة ومقاربات أُخرى ، وأن مركز نفوذه في هذه المحافظة المختطفة، آخذ بالتآكل شعبياً وأنها لن تكون معقله الأخير الذي يضغط من خلالها لإستعادة حضوة حضوره في المشهد السياسي الرسمي ، بل تعز ستكون الورقة الأخيرة التي سيتم طيها، وإغلاق ملف إخوان اليمنإلى غير رجعة ، كتناغم وإسوة بما حدث في القاهرة ويحدث في عواصم المنطقة.
في هذه المعطيات الإيجابية لصالح مشروعه ،على الإنتقالي أن يذهب بعيداً في تقديم نفسه بتوسيع خارطة التحالفات شمالاً وتقديم خطاباً منفتحاً على الصعيد الداخلي، وأن يرفق هذه الإنتصارات العسكرية بتدابير سياسية، يقدم نفسه للمجتمع الدولي كقوة تؤمن بثقافة مدنية تحترم الحقوق والحريات والمواطنية، وتعلي من سلطة القانون ، ترفض التطرف وتعمل على تجفيف منابعه ومدارسه، وكل ما من شأنه أن يشكل بيئة عنف قادمة.
بهكذا يتحول الإنتقالي من قوة عسكرية منظمة معول عليها ، إلى شريك مدني كامل الآهلية في تقرير مستقبل الصراع في اليمن.