"21 سبتمبر" قضية ضد معلوم.. إعادة "توصيف حالة"
الاثنين 19 سبتمبر 2022 - الساعة 07:04 مساءً
عبدالستار الشميري
مقالات للكاتب
لعل التوصيفات المختلفة لما جرى في "21 سبتمبر"، تتركز حول مفهوم الانقلاب على الشرعية.
ولعل الأمر بعد ثماني سنوات حرب يتعدى هذا التوصيف إلى إمكانية القول إنه احتلال فارسي مكتمل الشروط والبنيان كامل الأركان.
هذا التوصيف هو الأكثر دقة ربما من مجرد توهم أن الحوثي حركة انقلابية عابرة تريد استعادة مجد الآباء واستنساخ "الملكية الهاشمية" بصيغة جديدة، لكن ما هو مهم الآن أمران أساسيان، هل يتم التعامل العربي وخصوصا دول التحالف والشرعية بهذا المفهوم والتعاطي معه على هذا الأساس؟ وثانيا ما مدى الاستعداد لمواجهته بهذه الكيفية التي هو عليها الآن واقعا؟
نحاول هنا بعد إعادة توصيف الحالة قراءة أبرز المسارات الممكنة للمواجهة، وتتركز من خلال السنوات الثماني في مسارات مرتبكة، ولعل أبرز هذه المسارات ما يلي:
أولاً: المواجهة غير المباشرة ومنع إيران من السيطرة على اليمن والامتداد إلى الخليج من خلال تحجيم الدور في اليمن وارباكه في العراق وسوريا ومحاولة مقارعته ولو إعلاميا في لبنان، باستخدام سلَّة مؤثرات سياسية وعسكرية واقتصادية وإعلامية وغير ذلك.
ثانياً: التخدير والابطاء، من خلال استنزاف القدرات والموارد الإيرانية والضغوط والعقوبات الدولية حتى يرتدع من خلال مشكلات النظام الإيراني الاقتصادية الداخلية، وهو أمر ربما أنه بطيئ وغير مثمر.
ثالثاً: الحوار وجولات المباحثات، من خلال قنوات مسقط وبغداد والدوحة وربما غير ذلك.
وهذا الخيار تسنده الإدارة الأمريكية الجديدة التي ترى إمكانية عقد صفقة خليجية - إيرانية من خلال الملف اليمني من توازن الضعف للطرفين قد يفضي إلى تقاسم الأدوار في المنطقة وإمكانية تقسيم اليمن إلى مناطق حكم ذاتي، وهو خيار غير مرضٍ شعبيا في اليمن.
رابعاً: المواجهة العسكرية من جديد، جزئية، أو شاملة واستثمار العداء العام ضد إيران وطموحاتها في المنطقة كما حصل في حرب العراق وإيران (1980 – 1988).
وهذا السيناريو لا يمكن استبعاده لكن كلفته باهظة ويتطلب إعادة ترتيب لُحمة الجيش اليمني ودعما خليجيا لا محدودا، واقتناعا أمريكيا ولو من خلال إدارة جمهورية قادمة.
ورغم أنه خيار طويل الأمد لكنه يبدو صراعا مفروضا ومعركة وجود وحدود معا.
خامساً: الاستسلام الكامل لما ترسمه إيران من وقائع على الأرض في أكثر من دولة عربية والتطبيع معها على هذا الأساس مقابل ضمانات لبعض الدول بعدم الوصول إلى أراضيها وهو خيار تطمح إليه طهران وتعمل جاهدة للوصول إليه مرحلياً.
السؤال الأهم:
أي المسارات يمكن أن يكون أقرب للاختيار من كل ما سبق؟
ويمكن الإيجاز بأن الخيارات الخمسة واختيار أحدها او أفضلها مرهون أولا وأخيرا بالقدرات العربية الممكنة في إنشاء جيش عربي موحد أو وحدات من هذا النوع على أقل تقدير.
وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قد طرح هذا المقترح من سنتين. ولعل ذلك أيضا مرهون بحجم التحالفات في المنطقة في الفترة القادمة ونتائج معركة القرن في أوكرانيا.
على سبيل الختم:
رغم تعدد المواجهة المكشوفة مع الاحتلال الإيراني في اليمن ومع اذرعه المختلفة في المنطقة إلا أن اليمن هي الآن المحطة الأهم، ذلك أن الصراع في اليمن ذو طبيعة ديناميكية متغيرة، لدخول عامل الزمن وطول أمد الحرب.
والحقيقة هي لا شيء ثابت مع متغيرات الزمن، بالإضافة إلى تعدد الأدوار والمصالح والأجندة المؤثرة في حركة الصراع وأحداثه، التي بدأت محلياً، لكنها تدحرجت ككرة ثلج تداخل فيها المحلي والإقليمي والدولي.
وأصبح في هذا التداخل الكبير والمثير، كثير من التناقض بما يؤكد قطعا أنه لن يفضي إلى حل سياسي قريب وإن كان هذا الخيار يتم الحديث عنه كثيرا في الخلطات الأممية وفي الإحاطات وكذلك في المسودات المتناثرة التي يتبناها اللاعبون في مسرح القضية اليمنية منذ أربع سنوات.
وحتى صيغ هذا الحل المأمول تبدو ضبابية وتعبر عن وجهات نظر متباينة، ولا تملك القدرة على تنفيذ ما تراه.
وأمام كل ما سبق لم يعد لنا كيمنيين سوى الصبر على الزمن بالرغم من كلفته الباهظة لكنها أولا وأخيرا معركة وجود ضد احتلال متغطرس معلوم وليس مجهول أو متوهم، وليست معركة سياسية ضد انقلاب عابر