خارطة المصالح لمعركة صنعاء
الثلاثاء 29 أغسطس 2017 - الساعة 04:27 صباحاً
سليمان السقاف
مقالات للكاتب
خسر "صالح" الحب والحرب في " علاقته " مع الحوثيين، فجماهيريته تآكلت باستمرار بدءا بشراكته معهم ثم بارتهانه وتبعيته، أما لوجستيا فإن ما لم يستنزفه التحالف بالحرب استولى عليه الحليف بالابتزاز، ولكن مهما بدا أن خيارات الربح ضعيفة من حيث أنه لا النصر على هادي صار واردا، ولا التغلب على عبدالملك بات بالمتناول، فعلى الأقل لازال الرجل قادرا على الإطاحة بالشريك، وهذا بحد ذاته كاف لاغراء الجميع باستثناء الحوثيين وحلفائهم، مما قد يعزز فرصه بتغيير موازين القوى على الأرض والسماء معا لو قرر المواجهة، وهذا ما يثير فزع الحوثيين ويدفعهم لمحاولة تناوله على الإفطار قبل أن يطهيهم على وجبة الغداء، وعموما فحين يبدأ اللاممكن يتم التداول السلمي بين السياسة والبندقية لجولات اللعبة.
ومنه فإن من الطبيعي أن ينسحب صالح تدريجيا للمنطقة المريحة حيث يمكنه التحرك في أغلب المساحات بتموضعه عند النقطة التي تتقاطع فيها الحسابات وتلتقي عندها الأجندة، ليجعل الجميع مضطرون للرهان على " حصان " المؤتمر للفوز باليانصيب، وبطرد قطر من التحالف ابتعد صالح خطوة عن معسكر الانقلاب وتقدم مثلها نحو الشرعية على حساب المنافس الآخر " حزب الاصلاح" الذي اضطر للوقوف برجل واحدة في مواجهة الإمارات المعادية للاخوان والقريبة من صالح بعد خلع نجل الشيخة موزة من التحالف.
اقتنص صالح مناسبة ذكرى تأسيس حزبه وبدأ في تمرير رسائله قبل شهرين من المهرجان، وبدا كأنه يطالب بتحسين ظروف الشراكة، لكن هذا المطلب لا يبدو لي منطقيا، بالنظر إلى أنه مطلب عادل ومنطقي ولم يكن يحتاج كل هذا الانفاق وذلك الحشد، ثم أنه لا يتناسب مع النهاية البائسة والباهتة للمهرجان، كما لا يتفق مع الشعور بالاستفزاز الذي أظهره الحوثيون، وفي تقديري أن صالح على العكس من ذلك فهو في وضع مثالي، وكان يجري القرعة معهم ليختاروا إما القبول بتبادل المواقع بينهما أو الخروج النهائي من اللعبة.
الحوثيون:
تصرف الحوثيون بما يتفق مع نزعتهم القتالية وضحالة تعاطيهم مع السياسة، فاستعدوا الجميع ثم استعدوا الحليف باخضاعه ورجاله لمشرفيهم، ليعطوا صالح فرصة تاريخية للعودة السياسية كبطل ومنقذ للجمهورية، بدليل احتشاد أطياف شتى له في السبعين.
وللمرة الألف يرتكبون ذات الخطأ فقد امعنوا باهانته واذلاله وسط أرضه وجمهوره ليسببوا صدمة كبيرة للحضور والمتابعين له، ويضعوا في جيوبهم نصرا ملغوما قد ينفجر في أي لحظة، أو في اللحظة التي يعلن فيها ساعة الصفر، لأنهم ساعدوه في توحيد المختلفين وسط فريقه وأعادوا توحيد حزب المؤتمر قيادة وقواعد كاملة، وصار الجميع يتقبل أي قرار له بما فيه قرار الانسحاب من مواجهة " العدوان " أو القتال ضدهم، بينما سوف يصطف معه جماهير الخصوم طمعا في دحر " الملكيين " أو سعيا لانقاذ البلاد من " الروافض " ليتمتع بحضور شعبي لم يعهده منذ عام 1990.
ومن منظوري أرى أنه لو كان في هذا الوضع قبل ثلاث أعوام بالضبط لكان مرق للسلطة، وما احتاج لاستدعائهم من ضواحي صعده، وأنه بهذا الاستدراج يوقعهم بالفخ، ويدفعهم لكتابة نهايتهم السياسية بأيديهم، قبل أن يضع حدا لنفوذهم العسكري بأيدي الحرس الجمهوري والاباتشي و F16، وقد نشاهد في سبتمبر الحالي حدثا دراماتيكيا يشبه ما حدث في سبتمبر 2014.
حزب الاصلاح :
بالرغم من أن الآصلاح يعيش فصاما في الشخصية ومشتت ذهنيا بين أجندة الرياض وأجندة الدوحة، فقد بدا يستهلك الكثير من مساحيق التجميل وأحمر الشفاه، وتوالت رسائله المعطرة سريا وعلنيا، ورأينا حسين الأحمر وزيد الشامي وتوكل كرمان وعشرات الوجوه الاخوانية تخط رسائل غرامية تدعوه لانقاذ الجمهورية وتغريه بالعودة مكللا بغار المجد، وتشنع بحزبها وسياساته الغبية، وتسخر من ثورة فبراير وهرائها، ومع أن أبغض الحلال الطلاق، لكنهم يعلمون أن صالح اعتاد الخلع ولا يبالي.
دول التحالف
مصلحة التحالف هي إسقاط الانقلاب، لكنها ستعمل على عدم إقصاء الحوثيين لصالح، وبالتالي سوف يحاولون دفعه لاطلاق شرارة المعركة مع الحليف، ليخوضا نزالا مرا داميا لا مجال للتصالح بعده، حينها لن يكون أمام صالح خيار العودة للخلف، أما الحماقة عينها هي مساعدته في انجاز انتصار حاسم وسريع، فربما يبقي الرجل حينها على الشراكة مكتفيا بتبادل المواقع بينه وبين الحوثيين، مع الاستمرار في نفس المسار السابق، وسيفعلها حقا أقله للشروع بالمساومة والابتزاز للشرعية وحلفائها بدءا من نقطة الصفر.
أما بالنسبة لصالح وهوالسياسي المحترف، فعلى الارجح أنه خطط للاصطدام المحدود بالشريك لمجرد اثبات جديته، من خلال مهرجان السبعين وما سبقه وما تلاه، بغرض فتح مزاد كبير أمام المتنافسين ليختار من يرسو عليه المزاد قبل أن يتخذ القرار النهائي بالمواجهة من عدمها.
ووفقا لهذا السياق فلا أعتقد أن صالح يتعجل المواجهة، ولا هو بالضعف الذي يبدو عليه، لأن ليس من مصلحة صالح الكشف عن حجم قوته مهما بلغت أو اعلان أوراقه أيا كانت، ليزيد من فزع الحوثيين، وبالمقابل يتركهم ينفخون ريشهم ليزيدوا من إثارة مخاوف الشرعية وحلفائها وجماهيرها من فرضية عدم التكافؤ، وإمكانية إجهاز الحوثيين عليه وتفردهم بالهيمنة، ومع المزيد من الوقت والمزيد من المخاوف تزيد فرص عقد أفضل صفقة ممكنة هنا أو هناك، وهذا سبيل أي كان حين يتعامل مع انتهازيين لا مع حلفاء حقيقيين، ناهيك أن يكون صالح الذي لا يبني علاقات غرامية دائمة، وبوسعه التضحية بالحب والحبيب دون قلق طالما أن الهدف الفوز بالحرب أو الفوز وحده .
من صفحته على الفيس بوك
.............................................................
لمتابعة قناة الرصيف برس على تيلجرام
https://telegram.me/alraseefpress