21 سبتمبر اليوم الأسود بتاريخ اليمن
الاربعاء 21 سبتمبر 2022 - الساعة 07:40 مساءً
أحمد حميد الشامي
مقالات للكاتب
إن انقلاب جماعة الحوثي على النظام والقانون في 21سبتمبر 2014 م ، كان الخطيئة الاولى لكل الخطايا التي يعاني منها الشعب في كافة مجالاته ومختلف أرضية ، ومن ذلك اليوم فتحت على اليمنيين أبواب البؤس وانهالت عليهم خناجر الغدر من كل جانب في عالم لم يعد للقيم في قاموسه متسعاً ، كون المصلحة هي المحدد الأوحد في صياغة العلاقة ورسم مسارات التعاملات .
منذ ذلك اليوم المشؤوم فتحت أبواب الجحيم في كل بيت يمني ، وزرعت أفكار مغلوطة داخل المجتمع اليمن ، تلك الأفكار الملوثة التي دفنها اليمنيين في ثورة 26 سبتمبر1962م .
فقد إحتفلت إيران بسقوط العاصمة الرابعة وتكريس واقع جديد يخدم المشروع التوسعي الإيراني في جنوب الجزيرة العربية.
ومع كل يوم تدخل الحرب في اليمن مرحلة جديدة بالغة الخطورة ، حيث تعمد المليشيات الحوثية على تكثيف استخدام السلاح الفكري لحوثنة المجتمع والدولة وتفخيخ عقول الأجيال بالأفكار الطائفية والمذهبية الإرهابية البعيدة عن الدين الإسلامي وهو الأمر الذي سيؤدي إلى تحول الحرب من صراع على السلطة إلى صراع عقائدي وهو ما تبحث عنه الجماعة الحوثية كون ذلك سيجعل من أمر إنهائها في غاية الصعوبة .
مشكلة جماعة الحوثي أن لها رؤية أحادية وبالتالي لا تقبل بمجتمع متعدد الاتجاهات والاراء والأفكار والمذاهب والأطياف السياسية وعندما توجه هذه التعددية فإنها تحاول أن تجبرها أن تكون في طيف واحد ولون واحد ومذهب واحد وفكرة وحدة ، وهذه الوصفة الحقيقية للحرب الأهلية والصراعات المذهبية والطائفية ، تحول كيان الحوثي في نهاية المطاف إلى قاعدة عسكرية إيرانية في شبه الجزيرة العربية ، قاعدة فيها صواريخ وطائرات مسيرة .
من بديهي القول أن الأنظمة التي لا تتوافق مع البيئة المحيطة لا تقدر على المواصلة وتفشل ، والعكس صحيح أيضاً أي أن الأنظمة المتوافقة مع بيئتها تكون أكثر نجاحا واستقرارا ، فهذا الجماعة لم تتوافق مع البيئة السياسية الداخلية وكرست نفسها لخدمة المشروع الإيراني الذي لا يتوافق مع البيئة السياسية الخارجية .
منذ ذلك اليوم الاسود في تاريخ اليمن عمدت مليشيات الحوثي على محاولة تطويع المواطنين في مناطق سيطرتها لفكرها بالتدريج ، فبعد أن سيطرت تدريجياً على المساجد واستخدمتها لبث أفكارها ، اتجهت إلى المؤسسات التعليمية حيث المدارس والجامعات .
ركزت مليشيات الحوثي منذ الانقلاب على تنظيم دورات ثقافية لمختلف شرائح المجتمع من الطلبة والموظفين ، وتدرس فيها ملازم الهالك حسين بدر الدين الحوثي وتجبرهم على الحضور ، كما أجبرت طلاب المدارس على ترديد الصرخة وقسم الولاء لزعيم الجماعة بدلا عن النشيد الوطني الجمهورية اليمنية.
مليشيات الحوثي مزقت النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي وفككت المجتمع وبقاء هذه الجماعة يمثل تهديداً خطير للوحدة الإجتماعية وللسلم الأهلي على المستوى القريب والمتوسط وللبعيد ، أن بقاء جماعة الحوثي في المناطق التي تسيطر عليها بهذا الشكل دون إنهاء الوضع القائم يمثل أيضا تهديدا خطيرا لجرف الهوية الثقافية والوطنية والتاريخية والإجتماعية.
سعت مليشيات الحوثي منذ البداية لإطالة الحرب مهما كلفها لأمر من ثمن ، وذلك لكسب مزيد من الوقت لإنشاء جيل يؤمن بأفكارها وبالتالي يدافع عنها بكل ما يملك بما في ذلك الموت لاجلها ، فبعد مضى ثمانية سنوات على الحرب ، تكون قد أنجزت نصف مشروعها على الأقل بسيطرتها على منابع توعية الأطفال ، وبعد سنوات سيكون هناك جيل يصعب إقناعة بالسلام بدلا من الأرهاب ، فسيعتبر الموت في سبيل الجماعة شهادة والحياة في كنفها نعمة رغم أن العكس هو الصحيح ، لذلك لابد من القضاء على هذه الجماعة وتجفيف منابع فكرها وإعادة تأهيل المتضررين من تلك النظريات المغلوطة .
تكمن المشكلة الحقيقية التي تواجه جماعة الحوثي في أنه لايستطيع التراجع والتصالح مع الواقع ، و لا تمتلك مشروع قابلا للحياة وأن فكرة "الولاية" لا تستند إلى معطيات ذات طابع علمي مرتبط من قريب أو بعيد باي فكر حضاري أو اقتصادي أو سياسي من أي نوع ، هل تتصالح جماعة الحوثي مع الواقع وتقتنع بأن مشروعها لاتمتلك أفقا من أي نوع وأنه لن يكون في استطاعتها استمرار فيه .