لم تشهد الدبلوماسية حراكاً على مستوى عالي كالذي شهدته مؤخراً خلال الأشهر الماضية , فمن إعادة ترتيب العلاقة مع الدول الشقيقة مروراً بنسج علاقات متوازنة مع الدول الصديقة وصولاً إلى عرض صورة واضحة أمام المجتمع الدولي عن مأساة اليمن التي تعيش منذ ما يقارب 8 سنوات دماراً مادياً ومعنوياً ، كان بالإمكان إنجاز أشياء أكثر أهمية في 2022 ولها علاقة وارتباط مباشر بمؤشرات التنمية ومعدلات الدخل ونمو الناتج المحلي لو أن حراكاً دبلوماسياً وسياسياً مثل هذا قد أنجز في سنوات الحرب الأولى , وكنا ربما قد قطعنا شوطاً طويلاً في طريق بناء الدولة , وليس استعادة مؤسسات الدولة كما يجري الآن. 

يواصل رئيس مجلس القيادة الرئاسي نشاطاً متواصلاً لترميم كل الإطارات التي تعرضت للتلف نتيجة تقاعس القيادة السابقة عن أداء دورها بنشاط أكبر , أو تلك التي تشوهت منذ زمن نتيجة شطحات قيادات أسبق , وهو يتحرك أي رئيس المجلس متخففاً من كل أثقال وصراعات الماضي , فعندما زار الكويت كان يمضي واثقاً أن علاقة ود وتقدير ربطته بهذا البلد الذي قدم لليمن كل الدعم والمساندة ، وعندما يعود إلى عدن فهو يعود آمناً من أي حسابات قد تحاسب عليها قيادات عليا , كونه لم يكن شريكاً في جريمة صيف 1994م , وهو بذلك يعيد الاعتبار للجنوب الذي قدم إليه رئيساً شرعياً لكل البلد , ويعيد الاعتبار للشمال التي طرد أبنائها من الجنوب في لحظة غاب فيها العقل وغابت السياسة. 

لم تعرف اليمن منذ عقود لحظة تصالح بين ابنائها كما شهدته في الأشهر الماضية وصولاً إلى تجاوز حالة ثأر ظلت متأصلة بين طرفين في الجنوب تعرضوا لعقود إلى خطاب مكثف من الكراهية فيما بينهما , حتى إشكالية شبوة يجري الآن معالجة أثارها وجبر الضرر. 

صار بالإمكان الآن ملاحظة تحسن مستمر للخدمات في مناطق الشرعية وتحديداً العاصمة عدن , يضاف إليها معالجات استراتيجية في ملف ضبط إيرادات الدولة , وتطوير العلاقة بين الدولة ومؤسسات مع القطاع الخاص , وصولاً إلى إطلاق برنامج تنموي طموح قريباً يمكن من خلاله الحديث عن معدلات الناتج المحلي ومؤشرات النمو في قطاعات متعددة , وكذلك تعزيز أرصدة البنك المركزي وتقليص نسبة العجز في الموازنة العامة للدولة. 

سيمر 2022 دون طباعة للعملة لسد العجز في الموازنة كما كان يتم في الأعوام الماضية , وسيتم تعزيز موارد الدولة من خلال ضبط الإيرادات , ومواصلة الإصلاحات الواسعة التي يمضي العمل فيها منذ أشهر.