« المورد » النبوي .. !
الاربعاء 05 أكتوبر 2022 - الساعة 12:48 صباحاً
نبيل السفياني
مقالات للكاتب
رغم أن التوظيف السياسي والسلطوي للدين وللفتوى الدينية وللخطاب الديني ليس بجديد وتمتدد جذوره في أعماق التأريخ العربي والإسلامي وكان حاضرا في أغلب الصراعات السياسية وفي الصراع على الحكم و السلطة وفي سقوط وقيام الدول والممالك والأمارات ...طوال القرون الماضية ومنذ بداية ما سمي " بالفتنة الكبرى " وما بعد مرحلة الخلافة الراشدة ..
كما كان حاضرا في العصر الحديث وفيما دار من صراعات ومعارك وما حدث من متغيرات، وفي سقوط وافول دول وممالك وتشكل وقيام دول وممالك أخرى، كما ظهر في خطاب وممارسات الجماعات والحركات الإسلامية سواء السنية منها أو الشيعية ..
وما نراه اليوم ورأيناه منذ الثورة الإيرانية في 1979 وما أعقبها من توجه ايراني لتصدير الثورة عبر ما سمي " بالصحوة الإسلامية " واستغلال وتوظيف للخطاب الديني وللخطاب الثوري المصبوغ بصبغة دينية و للطائفية والخطاب الطائفي وللحركات والجماعات الطائفية والمذهبية من أجل تحقيق مصالحها ونشر مشروعها الفارسي و توسيع دائرة نفوذها في المنطقة العربية وفرض سيطرتها ووصايتها على بعض الدول العربية ..
وحتى بعض الدول الاستعمارية والغربية فقد استغلت ووظفت الخطاب الديني عبر بعض الدول والأطراف والجماعات والحركات والرموز الدينية لتحقيق مصالحها وتوسيع دائرة نفوذها وتنفيذ مخططاتها وفرض هيمنتها وفي مواجهة وضرب القوى الثورية والثورات التحررية المناهضة لها ولادواتها وحلفائها ولاجهاض المشاريع النهضوية ومواجهة ومحاربة المد القومي العربي..
وكذلك في بعض معاركها وصرعاتها الاقليمية والدولية كما حدث مثلا مع الدولة العثمانية في نجد والحجاز وغيرها من المستعمرات العثمانية في الجزيرة العربية والمنطقة العربية ..
وكما حدث أثناء الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي من استغلال وتوظيف للدين الإسلامي وللخطاب الديني من قبل الغرب والولايات المتحدة في صراعها مع الاتحاد السوفيتي في أفغانستان وحشد المقاتلين العرب للجهاد في أفغانستان عبر بعض الدول والممالك العربية والإسلامية وبعض الجماعات والحركات الإسلامية ..كما حدث في حرب وغزو العراق من استغلال وتوظيف للطائفية و للخطاب الديني و الطائفي وللجماعات الطائفية ..،
رغم كل ذلك ورغم أن المليشيات الحوثية ليست اول من مارس التوظيف السياسي والسلطوي للدين وللخطاب الديني إلا أنها لم تقف عند هذا الحد ولم تكتفي بالتوظيف السياسي للدين وللخطاب الديني وللنصوص وللتأريخ بل تجاوزت ذلك لتضيف اليه ما يمكن أن نسميه بالتوظيف " المالي " للدين وللخطاب الديني وللمناسبات الدينية واستغلالها من أجل تحقيق مكاسب مالية والحصول على مصادر تمويل وموارد مالية بداية من استغلال الزكاة وفرض ما يسمى بالخمس والهيمنة على أموال وأراضي وعقارات وممتلكات الأوقاف والاستيلاء على اراضي واملاك المواطنين بأسم الأوقاف.. ووصولا إلى فرض الجبايات والاتاوات على الشركات والتجار والمواطنين في المناسبات الدينية مثل ذكرى المولد النبوي الشريف والهجرة النبوية وغيرها من الأعياد و المناسبات الدينية وتحويلها من مناسبات ومواسم لجني الأرباح و جباية وجمع الأموال والى موارد جديدة من مواردها المالية ،
و المناسبات والاحتفالات ومواسم الجبايات عند المليشيات الحوثية لا تنتهي ومستمرة طول العام سواء كانت الاعياد والمناسبات الدينية المتعارف عليها أو المناسبات الخرافية والطائفية والخميمنية الخاصة بالجماعة وبأسيادها ومرجعيتها في طهران..
فمن ذكرى الهجرة النبوية إلى المولد النبوي، ومن المولد النبوي إلى " عاشوراء " ،..ومن ذكرى استشهاد الأمام علي رضي الله عنه إلى ذكرى كربلاء و استشهاد الحسين رحمه الله ..، ومن كربلاء الى ذكرى استشهاد الأمام زيد ..، ومن ذكرى الأمام الهادي الرسي ...الى ذكرى مصرع " حسين " بدر الدين الحوثي ، ومن يوم " الغدير " إلى خرافة " الولاية " ..
وهكذا تمضي الأيام ويمضي العام من عيد إلى عيد ، ومن ذكرى إلى ذكرى ، ومن مناسبة إلى مناسبة ، ومن موسم إلى موسم ...
وهكذا يقضي الحوثيين العام بين اعياد ومناسبات وذكريات واحتفالات وجبايات وايرادات .. ولسان حالهم يردد :
( ليت والله والأيام كلها مواسم ...)....، ليت والله والايام كلها " موارد "....!