حقيقة الغضب من حديث الجفري .. هل بات تيار "الأقيال" في خدمة الإخوان ؟
الخميس 13 أكتوبر 2022 - الساعة 06:21 مساءً
عمار علي أحمد
مقالات للكاتب
أولاً اعترف بأني من المعجبين والمؤيدين لما يطرحه الشيخ / على الجفري وأسلوبه في الحديث والطرح الديني ، وارى ذاتي تنساق لكل ما له علاقه بالصوفية ومشائخها حتى وان باتت النظرة لهم بأنهم الوجه الآخر لفكر الحوثي القائم على تقديس "آل البيت".
لم التفت الى الهجوم الأخير ضد الجفري بسبب مقطع الفيديو الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي ضمن ما قاله في حواره مع قناة "اليمن اليوم" عن "آل البيت" وأن حبهم من الدين مشيراً الى اجماع المذاهب الإسلامية على مكانتهم وجوب دفع الخمس لهم من غنائم القتال ضد الكفار.
لم التفت الى هذا الهجوم فما صنعه الحوثي بنا تحت هذا المسمى يبرر انتقاد من يتحدث عنه ولو كان من شخص اكن له الحب والاحترام مثل الجفري، وهذا رأي شخصي لا يحق لأحد ان يحاسبني عليه.
لكن الفضول دفعني لأن ابحث عن مصدر مقطع الفيديو القصير المقتطع من مقابلة طويلة استمرت لجزأين ونشرت كاملة على موقع القناة وقناة الشيخ على "اليوتيوب" ، أي ان شخص ما قام بمتابعة الحوار كاملاً واقتص منه هذا الجزء ونشره ، وكان أول من نشره هو أحد ناشطي الاخوان البارزين على مواقع التواصل الاجتماعي ويقدم نفسه كأحد رموز تيار " الاقيال اليمنيين".
وما يثير التعجب ان اغلب ممن قاد الحملة ضد الجفري باسم "الاقيال" كان نشطاء الاخوان ، الذين لم يتجرأ احدهم لا بالماضي ولا بالحاضر ان يهاجم شيخهم / عبدالمجيد الزنداني الذي ادلى بتصريحات مشابهة لما قالها الجفري ، بل افتى على وجوب دفع الخمس لآل البيت من الثروات وليس من غنائم القتال ضد الكفار فقط.
ذهبت لكي استمع الى المقابلة الكاملة مع الشيخ / علي الجفري ، فأدركت سر هذا الغضب الاخواني المغلف برداء الاقيال ضد الرجل ، فقد قال كلاماً مس فيه صنمهم الأعلى وهو مؤسس جماعة الإخوان / حسن البنا ، والصنم الاخر مؤسس فكر الحركات الجهادية في العالم الاسلامي / سيد قطب ، ومدى تطابقهم مع فكر الخميني في إيران.
قال الجفري في سياق حديثه عن أهم مشكلة يعاني منها واقع المسلمون هو الانحراف الذي حصل في مسألة الحكم ( الخلافة بالنسبة للسنة والإمامة او الولاية عند الشيعة) مؤكداً على اجماع أهل السنة والجماعة من زمن الصحابة الى يومنا هذا بأن هذه المسألة هي من فروع الدين وليست من أصول الدين ، وكذلك الأمر بالنسبة لعلماء الشيعة عبر التاريخ.
يضيف الجفري بأن الكارثة حصلت مع دعوة حسن البنا مؤسس جماعة الاخوان والذي نقل مسألة الخلافة من فروع الدين الى أصول الدين ثم جاء سيد قطب بتأصيلها عبر مصطلح "الحاكمية لله" وتكفير كل من " لا يحكم بما أنزله الله " ، رغم اجماع علماء أهل السنة بان ما ورد في القرآن تكفير دون تكفير ولا يخرج المسلم من الملة.
هذا الانحراف في الفكر السني كما يشرح الجفري قابله انحراف بالفكر الشيعي على يد الخميني عقب نجاح ثورة في إيران أواخر الثمانينات واعتباره لفكرة "ولاية الفقية" بأنها اصل من أصول الدين في مخالفة لقول علماء الشيخ ، ويرى الجفري بأن كارثة المسلمين الحالية بدأت من هنا ( أي من الاخوان والخميني).
وجه الجفري في حواره أيضا انتقادات لفكرة الولاية لدى الحوثي والمذهب الزيدي وتحويلها الى اصل من أصول الدين ، مشيراً الى ما ارتكبه أئمة الزيدية تحت هذه اللافتة عبر التاريخ والتأصيل لمبدأ "الخروج على الحاكم" وما سببه من صراعات في شمال اليمن لمئات السنين.
ما تعرض له الجفري من هجوم "أخواني" مغلف تحت لافتة الاقيال ، يعزز صحة ما بات يطرح الكثيرون من نجاح جماعة الاخوان في تسخير لافتة "الاقيال" واستثمار مناخ الكراهية ضد الهاشمين ومصطلح "آل البيت" بسبب جرائم الحوثي ، كأداة لاستهداف خصوم الاخوان بطريقة ذكية باتت تنطلي على الكثير من الصادقين داخل تيار الاقيال.
فما قاله الجفري قاله الزنداني قبل 8 سنوات بل كانت فتوى وليست رأياً ، دون أن نرى ذات الهجوم عليه ، في حين ذهب البعض الى نبش فيديوهات قديمة للجفري تعود الى ما قبل عشر سنوات ، كما أن قيادات "هاشمية" في حزب الإصلاح (الذراع المحلي لإخوان اليمن) سبق وان هاجمت تيار الاقيال ، وتمر مرور الكرام.
وما يثير الدهشة ان الهجوم ضد الجفري تحول الى هجوم ضد قناة "اليمن اليوم" بل والى هجوم ضد مقدمة البرنامج / رحمة حجيرة واتهامها بتأييد فكر الحوثي والعمل على نشره لأنها "هاشمية" ، وسبق حملة الجفري حملة مماثلة ضد القيادي المؤتمري أحمد الكحلاني بسبب حواره له على ذات القناة ، وان كان كلامه برأيي – مائعاً – بالظهور كطرف محايد دون ان يسجل موقفاً مشرفاً ضد جرائم الحوثي.
ورغم ان حديث الرجل لم يتضمن تأييداً واضحاً لما يقوم به الحوثي ، ومع ذلك كان الهجوم ضده يتمحور حول "هاشمية" الرجل وليس الى مضمون كلامه كمدخل فقط لأثبات نظرية ان حزب المؤتمر حزب يسيطر عليه " الهاشميين" بل وعلى قناة "اليمن اليوم" ، في حين أن الحقيقة هي ان اكثر حزب يتواجد الهاشميون على رأس قيادة هو حزب الإصلاح.
انحدار طرح تيار الاقيال في تقييم خطاب هذا او ذاك على نسبه وأصله ، برأيي جريمة لا تختلف عما يقوم به الحوثي ، بل وتخدم الحوثي وتدفع بالهاشميين الى التخندق في صفه لحماية انفسهم ، كما ان انحدار طرح اغلب "الأقيال" الى الانتقاد والسخرية من الأفكار والمعتقدات مهما كان صوابها وخطأها ، هو أمر يجب ان يعاد النظر فيه.
فمشكلتنا نحن اليمنيين ليست مع الفكرة بحد ذاتها ، بل مع محاولها فرضها بالقوة أي كانت هذه الفكرة دينية او سياسية او اجتماعية ، فمن حق الحوثي وغيره ان يعتقد انه ابن رسول الله او يعتقد ما يشاء دون ان يترتب عليها مزايا سياسية او اجتماعية ويحاول فرضها على المجتمع بقوة السلاح.
لا فرق بين يحمل السلاح ليحكم بالقوة مدعياً الله والرسول منحناه الحكم علينا و من يدعي ان الله خصه لوحده بفهم الإسلام وتطبيقه على أرض الواقع ، فكلاهما يعتقد بان مسألة الحكم اصل من أصول الدين (أي انها مسألة كفر وإيمان) وليست من فروع الدين ، وهذا أصل المشكلة كما قال الجفري وكما يقوله الواقع.