الصوت الصاخب والظل الشاحب
الاحد 16 أكتوبر 2022 - الساعة 10:03 مساءً
خالد سلمان
مقالات للكاتب
آلية شفافة لصرف رواتب الموظفين، وفتح الطرق على مراحل في تعز ومناطق أُخرى، طبعاً من دون آل التعريف ما يعني ليس كل المناطق.
وزيادة عدد الرحلات وتنوع وجهات السفر من وإلى مطار صنعاء.
وتدفق الوقود بلا موانع إلى موانئ الحديدة والإفراج عن الأسرى.
هذه نقاط خطة المبعوث الدولي لخفض التصعيد، والبدء بهدنة ثالثة تمهد لمفاوضات سياسية ، من شأنها أن تؤسس للحل الشامل لملف حرب اليمن ، الذي أصبح عبئاً على الأطراف الداعمة للصراع، وحاجة سعودية أولى لطيه ومغادرة مسرح الحرب ، بضمانات أمنية مقابل تنازلات سياسية جوهرية من قبل الرياض، كالإقرار بشرعية الح وثي والتسليم بأن لا حل يمكن إنجازه خارج إرادة صنعاء.
إزاء هذه الواقعية المتماهية حد الإستسلام لرؤية الحوثي، بالتفاوض المباشر مع مركز القرار أي الرياض ، لا الشرعية التي يرى فيها كياناً تابعاً وغير أصيل ، تمضي صنعاء نحو ممارسة المزيد من التصلب في إملاء شروطها ورفع سقف مطالبها، الأمر الذي لأول مرة يدفع بالوسيط الأممي بوصفها بالمستحيلة وغير القابلة للتنفيذ ، ومع ذلك يستثمر الحوثي في التعب الإقليمي والدولي من إستمرار الحرب ، ويدرك أن غياب الطرف الموازي له بالقوة ، يمنحه هامشاً أوسع للمناورة وتغليظ المطالب.
يمضي الحوثي في عملية القضم التدريجي للتنازلات تنازلاً تلو الآخر، وفق خطة محددة الهدف سلفاً، أي الوصول إلى طاولة التفاوض النهائي بحصيلة مكاسب ،تحول عملية التفاوض إلى مجرد إحتفالية بروتوكولية للتوقيع على صك الإستسلام والتنازل الأخير، لا مفاوضات تقوم على الندية والمرونة، وتقديم أوراق التنازلات المتبادلة.
خيارات تتسم بالغلو يضعها الحوثي في وجه المبعوث الأممي، أما أن تُحقق أو دونها الحرب وإنتزاعها بالقوة المسلحة :
فتح المطارات والموانئ بلا قيود أو ضمانات أو مراقبة.
إقتسام عوائد النفط والغاز المستخرج من المناطق المحررة.
تحييد عوائد الحوثي من الموانئ والأوعية الضريبية ،والمنافذ ومراكز الجبايات والإتصالات ومؤسسات الدولة الخدمية مدفوعة الثمن.
دفع رواتب جنوده وأجهزة أمنه كألوية متزامنة أو سابقة لدفع رواتب موظفي الجهاز المدني.
بيان الحوثي الأخير عقب إنعقاد جلسة مجلس الأمن، ووصفه المجلس بالعدائية وعدم الإخلاقية القيمية ، يؤكد أن صنعاء وسلطة الأمر الواقع فيها ، لن تمضي خطوة واحدة إلى الأمام، وان على الآخرين إن يقدموا منفردين التنازلات المتتالية ، فيما هو حصالة إستلام بلا تسليم ، يجمع الفوائد ولايقدم قدراً من راسمال السلام المراد إنجازه في اليمن.
ما تقوم به صنعاء خلط متقن بين الإحترافية في إدارة دولاب التفاوض، مع قدر كبير من الإبتزاز الفج المباشر للسعودية، غير الراغبة في مزيد من تعطيل إنسحابها، والتفرغ لملفاتها الإقتصادية السياسية الأمنية الداخلية ، وحساسية الغرب ومخاوفه من مخاطر إستهداف مناطق النفط مجدداً في هذه اللحظة العصيبة، وإحداث خضة في الإنتاج والتصدير يضاعف التبعات على الإقتصاد العالمي ،قلق يمتد من إستهداف حقول السعودية، وحتى الشركات العاملة في جنوب اليمن، وهو ماصرح به الحوثي علانية وبلا نصف غموض، أو تلويح مبهم أو مواربة.
وفيما الحوثي يحارب بأسلحة ضعف الآخرين ويراكم أوراق قوته التفاوضية ، يخفت صوت الشرعية شيئاً فشيئاً، وتغدو جسماً سياسياً شاحباً غير مرئي ،وسط كل هذا الصخب والحراك الإقليمي الدولي، وكأنها ظل لمرجعيتها الإقليمية وتريد صدى لما ترغب به الرياض ويحقق مصالح السعودية لا مصالح اليمن.
وهنا مكمن الخلل.