سقطرى كما وجدتُـــها.. اشياء تسر الخاطر وأخرى تثير الحسرة

الثلاثاء 25 أكتوبر 2022 - الساعة 01:11 صباحاً

 

ما تزال تحتفظ بشيءٍ من عبٓــقِٓ تأريخ أرضها وسجية أهلها وتلقائية ناسها، برغم ما أصابها من عبث القادم إليها من خلف البحار طيلة ثلاثة عقود من الزمن..عن سقطرى أتحدث هنا، سقطرى دوحة الجمال وواحة الجلال،بسحر طبيعة زمانها وعبقرية مكانها التي كان لي في الأسبوع الماضي شرف زيارتها للتعرف عليها عن قرب وكثب ولنقل الحقائق المثيرة للجدل كما هي إيجاباً وسلباً، دون تزييف أو تضليل، دون تلميع أو تمييع...  

وبعيدا عن الإطالة والإسهاب، يمكن أن نوجز كل مجال  بالآتي: 

 

-مطار المدينة"مطار حديبو": يبدو واضحا اللمسات الحديثة لإعادة تأهيله بواسطة مؤسسة خليفة الإماراتي بكل الأجهزة والمعدات الحديثة وصالاته المتعددة.. تنطلق من المطار الى عدن عبر مطار الريان رحلة واحدة فقط كل أسبوع،كما يسيّـر الطيران الإماراتي من مطار حديبو إلى جزيرتي: عبده كوري وسمحة (جزيرتان تشكلان مع سقطرى الأم محافظة أرخبيل سقطرى ) رحلات اسبوعية مجانية الى تلك الجزيرتين ومنها، أكثر الظن أن هذه الرحلات لا يتم التنسيق مع وزارة النقل في عدن ومع الجهات الرسمية بالارخبيل، مثلما لا يتم التنسيق بشأن الرحلات التي يسيرها الطيران الاماراتي من سقطرى الى القرن الافريقي. 

 

- الثروة السمكية:  برغم ما تبذله السلطة المحلية ووزارة الثروة السمكية من جهود إلا أن الثروات السمكية تنهب بشكل مريع... احدهم  وهو مسئول محلي تحدثت إليه بهذا الشأن أكد بمرارة أن مئات الاطنان يتم اخذها الى الامارات بشكل مريب ليس فقط اسماك ذات نوعية عالية بل حتى قشريات ثمينة مثل الشروخ(الاستاكوزا)، فعل سبيل المثال، والكلام ما يزال لذلك المسئول تم قبل فترة ليست بالطويلة أخذ 90 طن الى الإمارات، مع العِـلم انه حتى الآن لم يتم افتتاح اي مصنع تعليب او إعادة تأهيل ما هو موجود،برغم الوعود والجهود التي يبذلها وزير الزراعة والثروة السمكية (سالم عبدالله) والذي هو بالمناسبة من أبناء الأرخبيل… بل وتدمر هذه الثروات بشكل مهول، سواءً بالصيد الجائر أو بعدم مراعاة مواسم التكاثر الممنوع الأصطياد فيها، والنيل من المحميات البحرية والشعب المرجانية وسائر الأحياء البحرية. أما الوضع الزراعي فلا يقل سوءا عن السمكي، فسقطرى المحافظة الزراعية تستورد كل الخضروات والفواكه من خارجها. 

 

- الوجود الاسرائيلي بالارخبيل، كنتُ متاكدا من زيف الحديث عن هذا الوجود الافتراضي، ولكن لم يكن لدي الحُـجة القوية  والدليل المفند قبل ذهابي الى هناك لإثبات ذلك أمام إعلام مخادع يستغل البُـعد الجغرافية لسقطرى وشحة المعلومات أو تلقيها من طرف واحد لإطلاق مثل هكذا إشاعات خطيرة،فأي وجود عسكري أو حتى مدني اسراييلي بهذا الارخبيل مرفوض جُـملة وتفصيلا من أبناء سقطرى قبل غيرهم. وحتى الوجود العسكري الإماراتي لم يعد له أي أثر هناك فما هو موجود هو الحضور المدني،الذي سنأتي على ذكره لاحقا، فما هو موجود هو قوات سعودية أو ما تسمى بــــــ (قوات الواجب 808)، وهي أيضا في تقلص كبير، 300 عنصر تقريبا بعد أن كان قد تجاوز الـ 1000 عنصر.

 

- المؤسسات الأمنية والعسكرية: منذ شهور اصبح معظم ضباطها وأفرادها من أبناء الأرخبيل، مع وجود البعض من المحافظات الاخرى،وثمة استقرار امني واضح،برغم ما يعانيه الضباط والأفراد من ظروف صعبة بتأخير مرتباتهم الهزيلة واحتياجتهم التموينية الشبه معدومة، وما يستهدفهم من بعض الإعلام استهدافا سياسيا.  

 

 - الكهرباء:  التيار الكهربائي بالعاصمة حديبو على مدار الساعة، وفي ثاني اكبر مدينة قلنسية قرابة عشر ساعات باليوم.في الأرياف لا وجود له ابداً.. والذي يوفر الخدمة هو الجانب الإماراتي فقط،ولكن بأسعار عالية جدا،ودفع الفواتير الاستهلاك بالدرهم الإماراتي ،لا نعلم لماذا أسعار الاستهلاك بهذا الغلاء ولماذا بالدرهم الاماراتي؟!!! بل والسؤال الأكثر دهشة هو لماذا  يتم توفير هذه الخدمة بادارة إماراتية ولا يتم توفيرها بواسطة إدارة وكوادر مؤسسة الكهرباء المحلية؟ كل طاقم الإدارة الحالية هم إماراتيين ومصريين وعراقيين،ليس فقط فيما يتعلق بالجانب الفني بل الادار ي والأمور العاديةجدا  التي بوسع أي عامل سقطري أن يجيدها،فضلا عن أن مرتبات العامل المصري والعراقي الواحد يتقاضى أضعاف مضاعفة مما كان سيتقاضاه عشرات العمال السقطريين في حال أتيحت لهم الفرصة ولم يتم رجمهم الى رصيف الإهمال.!! 

 

- ميناء حديبو ليس بالصورة الوردية التي تخيلتها، فهو حتى الآن برغم مما يبذل ما يزال هزيلا ودون المستوى، أثارني بالصدمة، خصوصا وانا أشاهد ادارة الميناء عبارة عن صنادق كنتينرات صغيرة، والرصيف ما يزال صغيرا للغاية قياسا بما يجب أن يكون لمحافظة بحرية مهمة وواعدة كسقطرى . 

  

 

- الوقود.. لغز :  شركة النفط متوقفة تماما وخزانات رجل الاعمال احمد العيسي متهالكة مهملة منذ فترة، من يوفر البنزين والديزل والغاز هو الجانب الاماراتي وباسعار مرتفعة(20لتر بترول 26000 ريال يمني او ما يوازيه بالدرهم) برغم ان هذه المواد تدخل الى الميناء دون جمارك ولا يتم تحصيل منها ضرايب بالسوق.  لماذا؟ الله اعلم. 

 

 

  - المشاريع الخدمية: تنفذ الإمارات ومعها السعودية والكويت على التوالي معظم المجالات الخدمية من بناء مدارس ومحطات تحلية مياه كما تم في مدينة قلنسية وجزيرة عبده كوري من قِـبل مؤسسة خليفة، ومشافي ووحدات صحية(المستشفى الرئيس بالعاصمة حديبدو تم اعادة بناؤه من قبل مؤسسة خليفة والعلاج فيه يكاد يكون مجاناً). 

 

-الاتصالات والإنترنت:  الشركة المحلية( يمن موبايل) فقط هي من يقدم الخدمة الاتصالات وبدون خدمة الانترنت،فيما تشاركها بقوة في الاتصالات شركات إماراتية وسعودية مع خدمات النت و أرقام إماراتية وسعودية،بشكل مثير للاستغراب أيضا،ولكن لماذا الاستغراب بعد ان تخلت الجهات المحلية عن مسؤولياتها الوطنية والاخلاقية وتركت للغير فرصة التكسب وسد فراغ توفير هذه الخدمات وبأسعار خيالية و بعملات اجنبية؟ مع العِـلم ونحن نتحدث عن الاتصالات والتواصل فسقطرى لا تمتلك حتى الآن  اذاعة FM  محلية، فضلا عن عدم امتلاكها قناة فضائية ،برغم الجهود الكبيرة التي يبذلها المحافظ، الجهود التي تصطدم  بشحة الامكانية وحرص كثير من القوى التي لا تريد لهذه الجزيرة الخير على ابقائها معزولة عن العالم . 

 

- التربية:  هذا المجال تم استهدافه بشكل ممنهج طيلة العقود الماضية، ربما أكثر من اي مجالٍ آخر، وحتى اللحظة ما تزال الجهات التعليمية والتربوية المعنية تتجاهل الأمر، فلولا الدعم المالي الإماراتي الذي يوصل لـــــ600 مدرس لتوقفت العملية التعليمية بشكل كامل.  

 

-حالة المؤسسات الحكومية:  الى قبل عام تقريبا كانت  معدومة وإن وجدت فهي هزيلة وافتراضية بعد ان عبثت فيها السياسة والحزبية عبثا مدمرا، يتم اليوم إعادة بث الروح بها من جديد من قبل السلطة المحلية، ولكن تظل المهمة مستحيلة إن لم تتلق السلطات هناك دعما ماليا وماديا ومعنويا حقيقيا من مجلس الرئاسة والمجلس الانتقالي لانتشال المحافظة من وضعها الحالي

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس