سيطرة الإخوان على مأرب.. إرهاب واعتقالات وإسكات للنشطاء وغياب الأحزاب والإعلام
الثلاثاء 16 يوليو 2019 - الساعة 04:35 صباحاً
المصدر : الرصيف برس -نقلا نيوز يمن
نسج الإخوان المسلمون صورة جميلة عن مأرب المدينة التي تنمو وتكبر فيها مؤسسات الدولة والاقتصاد والأمن والجيش وأحلام أبناء إقليم سبأ بإطار جديد يساوي حجم تضحياتهم.
هناك حركة مال نشطة وتجارة تستجيب لمتطلبات قطاع العقار واستهلاك أعداد كبيرة من الأسر التي استوطنت مأرب هرباً من مناطق الحوثيين، قسم محسوب على دولة الإخوان وقسم آخر نازحون يعيشون أوضاعاً معيشية ثقيلة على مستويات مدخولاتهم من سوق العمل.
وفي عمق هذا التكوين تتواجد دولة الجماعة التي بنيت بهيكل يوازي هيكل جماعة الإخوان أمنيا وإداريا وماليا وعسكريا.. وبصرامة تتجاوز القمع الممنهج يحافظ إخوان اليمن على دولتهم في مدينة مأرب كبلاد مغلقة نسخة من إمارة زنجبار أيام حكم القاعدة لأبين بعد 2011م.
يتحكم جهازا أمن شكّلهما الإخوان في مأرب المدينة، وهما الأمن السياسي وقوات الأمن الخاصة بقيادة أبو شعلان، الشاب الذي مُنح دعما كبيرا من الجماعة والجنرال علي محسن، واستحوذ على سلاح ومعدات عسكرية كبيرة قدمت من التحالف، وظهر وكأنه يبني جيشا وليس وحدة أمنية، نظرا لكثافة السلاح ومنه الثقيل وتنوع تشكيلات هذه القوات.
الأمن السياسي في مأرب استطاع استعادة زخم الرعب الذي كان يشكله هذا الجهاز قبل عام 1994م وكيف نكل بقوى اليسار وشكل مصدر رعب للمجتمع.. وقد وضعت دولة الجماعة في مأرب كل ثقلها لتعزيز حضور هذا الجهاز من خلال نشر الرعب وإرهاب المعارضين وملاحقة حتى نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي وإلجام أفراد الجيش الوطني في مأرب ومنعهم من الحديث عن أي اختلالات تذكر.
قبل أشهر شنت المليشيات هجوما كبيرا على صرواح وسقطت مواقع مهمة وانسحبت قوات الجيش الوطني لتقوم بعد بعد ذلك القبائل بالتعزيز واستعادة المواقع وتسليمها للجيش، غير أن الإصلاح وجهاز الأمن السياسي كان مشغولا بحملة هي الأوسع في مدينة مأرب ضد نشطاء مواقع التواصل، حيث تم اعتقال أكثر من 40 شخصاً، حسب معلومات حصل عليها نيوزيمن.
المعتقلون تم القبض عليهم في لوكندات وعزب وفنادق وحتى محلات، الأمر الذي كشف امتلاك الأمن السياسي قاعدة بيانات كاملة عن كل من يتناولون الوضع في مأرب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك نتاج نشاط استخباراتي قمعي يعد نسخة من نظام الأمن في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي في صنعاء.
يتواجد أفراد الأمن السياسي في كل فنادق مأرب كعمال لجعل كل النزلاء تحت المراقبة، فيما ينتشر عناصر هذا الجهاز في كل الاستراحات الشعبية واللوكندات والمقاهي، حسب معلومات حصل عليها نيوزيمن، الأمر الذي جعل مدينة مأرب أشبه بمدينة مغلقة مهما كانت الحركة فيها نشطة.
وكل ما يتم تناوله في مواقع التواصل عن الأحداث في مأرب ينشره نشطاء من أبناء القبائل يتواجدون غالباً في مناطقهم القبلية، وتوفر لهم القبائل حماية من قمع الإخوان ودولتهم في المجمع.
من يتواجد في مدينة مأرب قادماً من خارجها، وتحديداً إن كان باحثا أو ناشطا سياسيا أو صحفيا، سيجد نفسه يعيش حالة رعب غير عادية في الوقت الذي يعتبر الإخوان هذا الرعب أمناً وأماناً، بينما لا يجد الزائر لمأرب الأمان إلا حين يصل إلى المناطق القبلية التي هي خارج سلطة الإخوان.
وما عزز هذه القبضة الأمنية للإخوان في مأرب وجعل المعلومة لا تخرج بسهولة هو عدم وجود وسائل إعلام معارضة لسلطة الإخوان أو مستقلة، حيث إن كل الإعلام في مأرب يتم التحكم به من أربع جهات كلها تتبع الإخوان: المركز الإعلامي لناطق الجيش، والتوجيه المعنوي، ومكتب إعلام المحافظة، وإعلام الإصلاح التنظيمي الذي يعد هو مظلة الفروع الثلاثة، ويرتبط كل العاملين في الثلاث الجهات بالمركز الرابع.
لا يستطيع أحد الاعتراض في مأرب، حيث يُسجن الضباط ويجردون من مناصبهم بكل سهولة حال اعترضوا على أي فساد أو تجاوز أو انتقدوا مايرونه مخالفا لقوانين العسكرية وضوابطها، كما أن عدم وجود نشاط للأحزاب الأخرى جعل مدينة مأرب مملوكة حصريا للإصلاح والجنرال علي محسن الأحمر.
ما يحدث في مأرب من قمع وترهيب كان يحصل في تعز سابقاً ولم تكن تخرج معلومة عن انتهاكات دولة المقر.. مقر الإصلاح. وحين ظهر عبد الستار الشميري منتقداً انتهاكات الإخوان في تعز تم اختطافه وكاد يكون أحد المخفيين قسرياً اليوم بعد أن كان في سجن اللواء 22 ميكا السابق في نادي تعز، غير أن مبادرة الشميري تلك تدحرجت ككرة الثلج لتخرج كل جرائم وانتهاكات الإصلاح وأذرعه في تعز.