الاعتذار عن جناية الحصانة
السبت 11 مارس 2017 - الساعة 11:37 صباحاً
عندما كنا نسأل الدكتور ياسين : مقابل ماذا منحتم صالح الحصانة ؟! كان يجيب تارة بالقول أن الحصانة جنبتنا حرب أهلية، وتارة أخرى بالقول أنها مقابل العدالة الإنتقالية.
حصلنا على حرب أهلية " بالمعنى الذي يقصده د. ياسين " ولم نحصل على عدالة إنتقالية. ويبدو الآن أن المقابل الوحيد الذي حصلوا عليه مقابل الحصانة هو فقط قبول إشراكهم بنصف الحقائب الوزارية، وليس حتى بنصف الحكومة، ولبعض الوقت فحسب.
كانوا يلهثون ...
ليعتذروا إذآ عن الحصانة. وليبينوا للناس الظروف والملابسات التي قادت اليها. ليقولوا مثلا :
نعتذر لشعبنا، أخطأنا التقدير، أو حاولنا وفشلنا أو مورست علينا ضغوط لم يكن لنا قبل بها، أو أي شيئ من هذا القبيل. تماما، كما ينبغي على أي سياسي " مسئول" تجاه بلده وشعبه.
هذا ينطبق على الدكتور ياسين مثلما ينطبق على اليدومي والعتواني وكل قادة المشترك حينها، بذات القدر. وان كان الدكتور ياسين هو من تصدر التنظير للتسوية، ويستأنف حاليا تنظيراته دونما قطع مع لحظة هامة من تاريخ البلاد، قد لاتتكرر أبدآ.
أدرك ان الإقليم والمجتمع الدولي كانا يضغطان " سرا " من أجل منح الحصانة، ولكنهما " علنا " كانا يتبرأن منها بإعتبارها تتخالف مع قواعد القانون الدولي العام، بل ومع كل شرائع الأرض والسماء.
وبين السر والعلن كانت هناك إمكانية كبرى لرفضها، أو لتحسين شروطها على الأقل " كأن يشترطوا إعتزال العمل السياسي نهائيا " أو شيئ كهذا...
لو أعتذروا لكبروا رغم كبر خطأهم أو خطيئتهم. هذا عن قادة المشترك مجتمعين. وعلى المستوى الفردي لاشيئ يمنع ايا منهم، كفرد، عن الإعتذار عن مشاركته في حفلة الزار تلك.
لو كنت مكان أيا منهم، حينها، لقلت لممارسي الضغوط أن الأمر يتعلق بحقوق الضحايا وذويهم، ولاتستطيع - أخلاقيا وقانونيا - أي قوة في الأرض أن تسلب الناس حقوقهم.
وأن أي قانون بشأن الحصانة لن يعدو كونه تصرف ممن لايملك لمن لايستحق. وبأن الممكن الوحيد - أخلاقيا وقانونيا كذلك - هو ان أسعى للحصول على تنازلات من الضحايا أو ذويهم - بحسب الأحوال - مقابل تعويضات عادلة وإعتزال العمل السياسي ( أو حتى مقابل إعتزال العمل السياسي فقط في أسوأ الأحوال).
وإلا فسأعلن إعتزالي العمل السياسي ببيان مسبب للرأي العام " إذ لايكلف الله نفسا إلا وسعها ". وان حصل وقبلت منح الحصانة نتيجة سوء تقدير فسأعتذر لاحقا دون أدنى تردد.أو ان هذا ماتقتضيه وتوجبه أخلاق المسئولية على أية حال.
ومهما كانت النوايا، التي لانشكك فيها مطلقا،
ولكن في السياسة، وفي مايتعلق بمصائر الأوطان والشعوب، الأعمال ليس بالنيات بل بالنتائج ...
السياسيون المحترمون في كثير من دول العالم يعتذرون عن أخطاء أقل من الحصانة بمالايقاس، ولسنا إستثناء ....
إعتذروا، هو أقرب للمنطق والعقل والعلم والسياسة والدين والأخلاق والإنسانية.
إعتذروا، إن أردتم منا سماع وقراءة تنظيراتكم، مرة أخرى، أما قبل ذلك فلاسمع لكم ولاطاعة.
أتحدث عن نفسي كمواطن لا عن أتباع - وليس أعضاء - الأحزاب، الذين يؤيدون قادتهم " عمال على بطال " دون سؤال أو تساؤل حتى وهم يقودونهم من حفرة الى مضيق، ومن مضيق الى هاوية !!
--
* من صفحة الكاتب على الفيس بوك