تقرير :أطفال على خط النار .... الحوثيون و اغتيال البراءة
الاربعاء 17 يوليو 2019 - الساعة 04:47 صباحاً
المصدر : الرصيف برس - متابعات
يشكل المقاتلون الأطفال في صفوف الحوثيين وجماعات مسلحة أخرى ما يصل إلى ثلث جميع المقاتلين في اليمن. وقد جندت الجماعات المسلحة ما لا يقل عن 140 طفلاً في الفترة من 26 مارس/آذار إلى 24 أبريل/نيسان 2015 وحدها، حسب منظمة اليونيسيف.
وما لا يعلمه كثيرون بأن قوام مليشيات الشباب المؤمن التي أنشئت عام 1992 م في محافظة صعدة بمنطقة “ضحيان” على وجه التحديد هم من الأطفال الذين لم تتجاوز أعمارهم الـ18عاما؛ جُمِع هؤلاء الأطفال بداية في خيم كبيرة ينحدر غالبهم من محافظات صعدة والجوف وصنعاء وذمار وغيرها .
عام 96م كان عدد طلاب مدارس الشباب المؤمن في منطقتي “ضحيان ” و”سحار” قد تجاوز الـ37 ألف طالب “تكفلت السلطات اليمنية وعبر مطابع الكتاب المدرسي بطباعة 5000 نسخة من كل كتاب يدرّس في تلك الخيام التي سرعان ما توسّعت وتعددت أنشطتها وتحولت تاليا إلى مراكز تدريب دائمة ضمت بين جدرانها آلاف الطلاب .
استمر تدريس وتدريب هؤلاء الطلاب الصغار متفاوتي الأعمار لمدة تجاوزت ال12 عاماً 1991- 2003م .
وبحسب معلومات خاصّة، فقد تلقى الطلاب في تلك الخيام التي سرعان ما تحولت إلى معسكرات دائمة ” تدريبات مكثفة على مختلف أنواع الأسلحة بالإضافة إلى تلقينهم دروساً مكثفة رسخت في أذهانهم قناعات مذهبية وطائفية انعكست على شكل ولاء عقدي مطلق للسيد الذي بات في نضرهم قديسا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
دعم إيراني قطري قديم :
هؤلاء الأطفال كانوا ولا زالوا هم وقود الحرب العدمية التي تقودها الجماعة الحوثية في اليمن وبدعم إيراني قطري قديم ساهم ذلك الدعم الكبير في توسيع نشاط تلك المراكز الدينية وتطوير أدائها ؛ وشمل الدعم – بحسب معلومات حصلت عليها الاستخبارات اليمنية حينها – آلاف المطبوعات والكتب، بالإضافة الى دعم مالي كبير توزع بين رواتب للمعلمين وحوافز للطلاب وتأمين المصروفات اليومية والغذاء لآلاف الطلاب فيما خصص الجزء الأكبر من ذلك الدعم لشراء الأسلحة وتخزينها وتدريب الطلاب على طريقة استخدامها. وبحسب المعلومات، فقد تولى تدريب الطلاب عسكريّا مدربين يمنيين وأجانب .
في سبتمبر عام 2014 م اقتحم 60 طفلا من الشباب المؤمن الذين تلقوا تدريباتهم في تلك المدارس مقر الفرقة الأولى مدرع وسط مدينة صنعاء وتمكنوا من إسقاط المعسكر ومحاصرة جامعة الإيمان المحاذية لمقر الفرقة وكان بداخله يومها 300 طالب من عناصر حزب الإصلاح استسلموا جميعا دون قتال بعد وساطة قادها رئيس جامعة الإيمان الشيخ “عبد المجيد الزنداني” وسلموا أسلحتهم مقابل خروجهم من مبنى الجامعة .
رصد دولي :
وإذا فلا غرابة أن تكون وقود الحرب التي تشنها المليشيات الحوثية أجساد المئات من هؤلاء الأطفال الذين تربوا وسط تلك المدارس أو المعسكرات.
ومع نزيف مقاتلي الجماعة المستمر في الجبهات وطول أمد الحرب اليمنيّة التي دخلت عامها الخامس لجأ الحوثيون تاليا إلى تجنيد آلاف الأطفال من خارج مدارس الشباب المؤمن يتولى العشرات منهم تأمين المقرات ونقاط الحراسة وتموين الجبهات بالأسلحة والمؤن والعتاد .
وكانت منظمات دولية بينها ” الهيومن رايتس ووتش” قد وثقت شهادات ميدانية لمواطنين محايدين بالإضافة الى الأفلام التي تظهر عشرات الأطفال وهم يقاتلون في الجبهات ضد قوات التحالف العربي والقوات الحكومية .
قال أحد سكان الحديدة، الذي تحدث للهيومن رايتس ووتش – شريطة عدم الكشف عن هويته خوفا من العقاب: “لقد شوهد مسؤول بالحديدة معروف أنه قريب من الحوثيين يتجول في أنحاء الحي يدعو إلى تجنيد العشرات من الأطفال والمراهقين “أقنع ذلك القيادي بعض الأطفال بإعطائهم أموالاً وأخبرهم بأنهم لن يضطروا إلى الذهاب إلى جبهات القتال لكنهم سيبقون في أحيائهم كقوات أمن.
“بعد يومين، جاء ذات المسؤول بأسلحة ومركبات عسكرية أجبرت هؤلاء الأطفال المحرومين على الذهاب إلى الجبهات”.
وقال “إن عددا من الأطفال حاولوا الهرب لكنهم أطلقوا النار عليهم “لم يكن لديهم خيار آخر سوى البقاء مع المتمردين .”
في وقت سابق من عام 2017م أنشأ الحوثيون في صنعاء على مدار 3 أيام، خيمة أطلقوا عليها “خيمة التحرير” وكتبوا عليها “لمن أراد الذهاب للجبهات”، مستهدفة الأطفال على وجه التحديد.
وبحسب مصادر محلية في صنعاء، فقد أنشأ الحوثيون خيما مماثلة في جميع المناطق السكنية في محافظة صنعاء للهدف ذاته، لا سيما بعد تكبدهم خسائر كبيرة في جبهات القتال المختلفة
.
شهادات أممية :
خلال عامي 2017-2018م وثق تقرير للأمم المتحدة تجنيد الحوثيين لـ800 طفل لا يتجاوز عمر أكبرهم الـ 17عاماً ؛ كما جند الحوثيون 200 طفل من منتسبي دار الأيتام في صنعاء .
وفي السياق قال تقرير أيضا لـ “هيومن رايتس ووتش”: “إن جماعة الحوثيين المسلحة في اليمن كثفت من عملياتها لتجنيد الأطفال وتدريبهم ونشرهم، في انتهاك صريح للقانون الدولي ؛ فمنذ سبتمبر/أيلول 2014، عند استيلاء الحوثيين، المعروفين أيضاً باسم أنصار الله، على العاصمة صنعاء، تزايد استخدامهم للأطفال ككشافة وحراس وسعاة ومقاتلين، مع تعريض بعضهم للإصابة والقتل.
و قال ” فريد آبراهامز” المستشار الخاص في ” هيومن رايتس ووتش “: مع اشتداد القتال في اليمن، صعد الحوثيون من عمليات تجنيد الأطفال. وعلى القادة من الحوثيين وغيرهم من الجماعات المسلحة أن يتوقفوا عن استخدام الأطفال وإلا فهم يخاطرون بالملاحقة على جرائم الحرب”.
وأوضح ” أن الحوثيين يخضعون الأطفال لتدريب أيديولوجي وإسلامي على المذهب الشيعي ” الزيدي ” لما لا يقل عن شهر، ثم يعقبه التدريب العسكري في واحدة من قواعدهم بعرض البلاد. مضيفا ” أن الأطفال لم يتلقوا أجراً لكنهم كانوا يحصلون على الطعام والقات، وهو نبات يشيع مضغه في اليمن كمنشط خفيف. وكان معظمهم قد أحضروا أسلحتهم الخاصة ـ فالأسلحة النارية العسكرية شائعة لدى العائلات اليمنية ـ لكنهم كانوا يزودون بالذخيرة من قبل الحوثيين .
وأكدت ” الهيومن رايتس ووتش ” أن على الحكومات التي تقدم العون المالي أو العسكري للحوثيين وغيرهم من الجماعات اليمنية المسلحة أن تدعو تلك الجماعات إلى حظر استخدام الأطفال والتحقق من أعمار المجندين كافة.
من جانبه أكد المتحدث باسم تحالف دعم الشرعية في اليمن، العقيد الركن تركى المالكي ” : أن أكثر من 100 طفل فقدوا أرواحهم في أرض المعارك في صفوف الحوثيين، لافتا إلى أن الميليشيات نقلت هؤلاء الأطفال إلى صنعاء وأصدرت لهم شهادات وفاة ”
ويقرر البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل، بشأن اشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة، واليمن طرف فيه، أنه “لا يجوز أن تقوم المجموعات المسلحة المتميزة عن القوات المسلحة لأي دولة في أي ظرف من الظروف بتجنيد أو استخدام الأشخاص دون سن الثامنة عشرة في الأعمال الحربية”. كما يحدد البروتوكول سن الثامنة عشرة كحد أدنى لأية مشاركة في النزاع المسلح من جانب قوات مسلحة وطنية.
أما تجنيد الأطفال دون سن 15 عاماً واستخدامهم من جانب الأطراف في النزاع فهو جريمة حرب بموجب القانون الدولي، بما فيه نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية. والقادة الذين كانوا يعلمون، أو كان يجب أن يعلموا بهذا الانتهاك ولم يتخذوا أي إجراء فعال، تجوز مساءلتهم جنائياً على سبيل مسؤولية القيادة.