المحاباة والمجاملات والنفوذ للعبث بالمنح الدراسية
الاحد 04 ديسمبر 2022 - الساعة 06:52 مساءً
سامي نعمان
مقالات للكاتب
أسماء أولاد النافذين متربعة كشوفات المنح الدراسية تبعث على الأسى والحسرة، حتى لمن لم يفكروا يوماً بالمنافسة عليها مثلي..
من الهزل اليوم الحديث عن أحقية فلان ابن المسؤول او الشيخ او النافذ او السياسي بالمنحة فيما يوجد الالاف من هم أكثر تفوقاً منهم لم ينالوا تلك "الأحقية"
كان حريا بالمفكر اليمني الشاب أيمن نبيل في هذا المقام أن يكتب قصة كفاحه الملهمة وراء منحة دراسية إلى ألمانيا عام ٢٠١٢ وكيف زرعت في طريقه الألغام والفخاخ في كل مستويات البيروقراطية التي ترى ابن المواطن مهما كان نابغاً ليس أهلا لهكذا فرصة.. تستصغر عليه الحق الذي حازه وترى في ابن وجاهة مؤهلاً له..
هناك مئات المنح مررت بتوجيهات عليا لمن يملكون صلاحيات التوجيه.. مررت كاستثناءات.. ندرك أن الفساد مستشر في وزارة التعليم العالي وأعظمه في إدارة البعثات لكنه جزء من منظومة عنكبوتية متغلغلة ونافذة، ولكل عهد نافذوه.. وشركاء هذا الفساد كثر من مختلف مؤسسات وأجهزة الدولة والاحزاب والتيارات والمشايخ والنافذين..
وحين يتعلق الأمر بمصلحة الأقارب يصبح الفساد ضربا من مكافأة المناضلين وانزال الناس منازلهم ، والحرص على مستقبل الوطن.. وكثيراً ما تسمع أن "فلانا رجال عياله وأقاربه كلهم في أوروبا وأمريكا.. والمهضوم فيهم "قفزوه" الهند أو مصر أو ماليزيا"..
الحقيقة أن اليمنيين لم يعرفوا دولة المواطنة وتكافؤ الفرص وسلطة القانون في ظل الجمهورية خصوصا عند الحديث عن الامتيازات والفرص الثمينة أو المهمة..
كانت المحاباة والمجاملة والنفوذ هي الفيصل غالباً..
خذ مثلاً، على مستوى الداخل، القبول في الكليات الحربية والعسكرية والشرطة نموذجا، خصوصا بعد تلك الدفعة التي تخرج منتسبوها وعينوا مدراء نواحي..
والمحاباة والاستئثار بالمنح ليس صنيعة الحرب.. قطعاً لا.. هذا الامر ليس جديدا بل تركة الاستقرار التي ازدهرت في زمن الحرب..
عام ٢٠٠٥ تقريبا كتب الزميل الصحفي الكبير أنيس الجهلاني تحقيقاً صحفيا نشر حينها في جريدة الوسط
كان عنوانه "منح أولاد الفقراء تذهب لأقارب الرئيس والوزراء " وسرد بالأسماء قائمة طويلة بأسماء المستحوذين على المنح في كندا والولايات المتحدة والدول الاوروبية.
كانت الأسماء كلها من العيار الثقيل الذين لا يجرؤ أحد في الحديث عنها.. واختطف على اثر التحقيق مالك الصحيفة جمال عامر وحصد تبعا لذلك جائزة لجنة حماية الصحفيين ..
إنها روح الاستئثار والمحاباة التي لم تجد قانونا يكبحها بإعمال تكافؤ الفرص وفقاً للمواطنة المتساوية.
قد تجد مسؤولا كبيراً حريصا في كثير من الجوانب لكنه يتهافت في مثل هكذا فرص على الاستئثار بها لأقاربه وحاشيته ويعتبر ذلك ضرباً من الوطنية فيما تكون حقيقة على حساب آخر.. في أهون الاحوال لم يحصل على ذلك الامتياز بشرف..
والشرف لن يتأتي بدون دولة ونظام وقانون ومواطنة متساوية تحرسها وتفرضها وتعززها الدولة
وليست حبرا ومواداً في نصوص باهتة تعرف بالدستور والقانون..