قرارات الحكومة.. مجهود حربي للحوثيين

الجمعه 09 ديسمبر 2022 - الساعة 07:15 مساءً

 

انقضى الكثير .. الشارع يغرق في فوضى فساد المنح، كأنه لم يكن مدركا منذ البدء بأن حكومة كهذه لم تكن سوى منحة حوثية للنصف الذي استعصى عن الخنوع، أتذكر المرات التي ذهبت فيها قراراتها الكارثية إلى مجهود حربي للمليشيات.. تشكيل وزارات مدمجة لتقليص الانفاق" حذف وزير" على حساب توسيع السفارات، رفع قيمة استهلاك الكهرباء على التجار لاستثناء المواطنين من الدفع وانعاكاساته الكارثية على أسعار المنتجات وعوائده المالية للمليشيات وهي مواضيع سنأتي على ذكرها في ذيل هذا المقال.

 

 يفضح فساد المنح عما تُجيده حكومة الكفاءات من براعة وكفاءة في تحويل فسادها إلى بركة من الفوضى، إلى انفضاح يعطيه تكشفه وتفسخه المبهر غلالة من الالتباس، يغرق فيها كل من وطأها سواءً بالنظر أو الحديث، ماذا انتج غضب الجماهير أمام حالة الانفضاح تلك، لا شيء سوى المزيد من الغرق وعما قريب سينحسر المد كاشفا عن سوء جديد ينضاف إلى قائمة مساوئ تحولاتنا اليومية

 

نقف اليوم أمام مجتمع غارق، أو لنقل مجتمع افتراضي، أمام مخلوق نسبي أوجدته التداعيات التي تعتصره منذ حلم مبكرا بلقمة حلال وعيش كريم.

 

بقلق لا إدراكي كنت أتصفح قوائم المنح خشية أن أصادفني ضمن أسماء المبتعثين، أنا الذي أموت كمدا وعفونة ووحدة في قلب هذا الكمد، كانت القوائم تتحدث، أصوات غاضبة تصرخ من داخل القوائم نفسها، تتزاحم الأصوات وتختلط ويتحول دبيبها الناعم إلى تسول، يخبئ معه كل واحد منا إرادة عارمة في  أن يصبح جزءا من هذا الفساد.

 

أُغادر مخلوقات المنح، وأحرز وأنا أكتب ماذا بوسع المجلس الرئاسي أن يفعل دون أدوات حقيقية للمواجهة، لا أعني هنا المواجهة العسكرية، بل السياسية كمعنى أولي لأي انتصار أو هزيمة، من يُهزم سياسيا أولا ينتهي به المطاف إلى الانكفاء عسكريا،  إحدى المسلمات الطبيعية للتاريخ، بحكومة كهذه، سيُمنى المجلس الرئاسي بهزيمة بالغة السخف، وباعتباره شكلا جديدا للدولة ستكون الخسارة طائلة ومطوّلة.

 

 تمتلئ اليمن بالكثير من الفتوات والأباذات أضعفهم عسكريا هو الحوثي، كان بوسع صالح أن يفعل الكثير في 2 ديسمبر لولا المسافة التي وقفت لفترة حائلا بينه وبين جماهيره، المسافة نفسها التي ملأها الحوثي وواجه بها صالح كما واجه بها أنصاره، كما استطاع اليوم ملئ هذه المسافة بين الرئاسي والجمهور، يملأها بفساد الحكومة، قراراتها الكارثية وجزع الناس والانقسامات البينية.

 

على مهل يتحرك مجلس القيادة، يبذل مجهود كبير وغير لطيف مع كل حركة، يتأمل مليئا في الأشياء مؤمنا أنه لم يشذ عن الحالة الطبيعية،  في مرحلة تستدعي ترتيب أوراق، لا ينظر في حجم الورق التي يخسرها ويحترق بها، لا يعلم شيئا عن مصدر تلك الأوراق، وأكثر من أي وقت مضى، يكتشف المجلس اليوم أنه دون أوراق وعلى الناصية يقف طريدا، ركيكا، وعاريا.

 

يبحث المجلس عن امكانيات تحوله إلى أرضية صلبة للمبادرة والأخذ بالإنطلاق، يظن أن الأرضية الصلبة في داخله ليُعارض بهذا طبيعته الوجودية كنتاج لازدواج قسري، وإن لم يكن اعتباطيا، نتاج لمراحل من التجاذبات والإلتواءات والشعبطات المأساوية لجسد لم يكن واحدا يوما، جسد تتفلت أعضاؤه تحت سيل الضربات العشوائية، لم تعد مباغتة، للعدو.

 

إن السبب الوجودي لمجلس القيادة يحتم ويفرض عليه تعلم المراوحة والبقاء المتذبذب، دون التحول إلى هلام، بين معاجلة العدو بضربة وإصلاح محيط أرضيته الصلبة.

 

 إن الأرضية الصلبة لأي رئاسي في أي بلد، هي الحكومة، لماذا يغفل المجلس الرئاسي هذا المعادل الموضوعي لوجوده، هذه الحكومة تداعت وتشرخت باكرا، لا شيء يمكن أن يوقف انهيارها وإن كان بطيئا لكنه غير مدروس وستكون محصلة هذا التداعي الوشيك هو ابتلاعه ليس مجلس القيادة وحده بل مجتمع بأكمله، مجتمع يخسر رهاناته اليوم دون أن يحر ما عليه عمله.

 

يحاول أعضاء في الرئاسي اليوم تعويض فشل الحكومة الذي ينعكس بشكل طبيعي على المجلس نفسه، باجتراح نجاحات باهته خارج الزمان والمكان، خارج الوظيفة الحقيقة للمهام المناطة به، وهذا السلوك بالغ الخطورة باعتباره انفصام عن جوهر القضية اليمنية ومؤشر عن إدامة بقاء الحكومة وقتا أطول، دون محاسبة.

 

ماهي القرارات الكارثية للحكومة؟؛

 

دعونا نستذكر بعضها، بعض القرارات التي تعود بالنفع للمليشيات الحوثية ولتكن البداية من عدم أخذ رسوم استهلاك الكهرباء من مواطني المناطق المحررة كعدن وتعويض ذلك عبر مضاعفة قيمة الاستهلاك على التاجر، وكان الناتج قفزة مهولة لأسعار المنتجات، لا أحد يشعر بهذا، لكن هل فكر أحدكم ما يعنيه زيادة مائة ريال على عبوة الماء قيمة التبريد، وهذه الزيادة نلحظها أكثر على المنتجات القادمة من مناطق سيطرة الحوثي، مائة ريال تتشاطرها المليشيات مع التاجر بمسمى المجهود الحربي.

 

فصل المنطقة الحرة عن ميناء عدن، أي قرار كارثي أقل من هذا سوى قرار دمج وزارتي الثروة السمكية والزراعة، سبق أن أشرنا إليه مرارا، لا أحد يدرك الانعكاسات الكارثية للقرار على قطاعين كانا هما المقومان الوحيدان لاقتصاد الفرد اليمني، ما الذي يبرر قرار كهذا، إن البحث وراء المبرر الذي ساقته الحكومة أمر مخجل ومع ذلك مر على غفلة من الجميع، ماذا سيفعل مجلس القيادة حيال الأمر.

 

بالمثل دمج وزارتي التعليم العالي مع التعليم الفني والتدريب المهني كرافعة مهنية تنموية وطنية، وكذا وزارتي الثقافة والإعلام، أتساءل من أين انتزعت الحكومة أفكارها هذه وينفجر بي الضحك والتعاسة في آن.

 

 

لم يكن فساد الحكومة غريبا عن المجتمع اليمني، تعايشنا كثيرا مع مفاسد كثيرة، عدا أن الأدهى والأمر والأخطر من الفساد نفسه هو أن يتحول الفساد إلى قرار كما يحدث اليوم.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس