انتهت زفة ال 300 مليار دولار والان سوف ينفض الجمع ويغادر الجميع قطر وسيكون كل ما تم بنائه اشبه بثوب العروسة والتي لا يُلبس الا لمرة واحدة، ستحتاج قطر مليارات اخرى لتشغيل هذه المنشآت التي لاتحتاجها دولة لا يتجاوز عدد سكانها الاصليين 300 الف ومساحتها لا تتجاوز 11 الف كم2..

مع العلم ان العائد المادي العاجل والأجل لدولة قطر  من زفة ال 300 مليار لم يتعدى ال ( 5) مليار دولار، في حين ان عائدات الفيفا وصلت الى 8 مليار دولار. 

سوف يغادر الجميع قطر والجميع رابح الفائز والخاسر، سوف تغادر راقصات المونديال وسوف يغادر دُعاته  ذاكر نايك وعمر عبد الكافي وغيرهم والقاسم المشترك بين الراقصة والداعية هي حقائبهم الممتلئة بملايين الدولارت الزرقاء ، وسيبقى حال ذاك المواطن العربي والمسلم البائس والتعيس فريسة للبرد والجوع ورصاصات التمذهب والتطييف ، امة المليار ونصف المليار مسلم  ليس بحاجة ل 900 مسلم لذاكر نايك او عمر عبد الكافي، هي بحاجة لهذه الحقائب والتي ما بداخلها يكفي لاطعام فقراء اليمن وسوريا ولبنان والصومال وافغانستان. 

ونحن نودع كاس العالم 2022 ستبقى بعض المشاهد المستفزة عالقة في الاذهان  لعل ابرزها محاولة البعض الادلجة الدينية للعبة جامعة للامم والشعوب، لعبة عابرة للاعراق والقوميات والاديان، او تحويلها  الى معارك حربية واستجرار للماضي، لم يفهم هذا البعض  ان كأس العالم هو مهرجان انساني  فرائحي عالمي، لامكان فيه لغزوات قريش، الأمم فقيرة المعرفة كثيفة الهزائم  دوما تُصغر الاشياء الكبيرة والانسانية وتختزلها في ذاتها المتخلفة..

ويظهر هذا واضحا في أسلمة كاس العالم من قبل المتأسلمين الممولين من دولة قطر، هم يعتقدون ان قطر صنعت المعجزات رغم ان المسألة ببساطة ان هناك  دولة صغيرة لديها فائض مال رهيب وسخرت هذا المال لتحقيق نزوة حاكم هو فوق  القانون والدستور والمحاسبة  وهو الدولة. 

وفي اتجاه اخر وصل الغباء بالبعض ان علق على مباراة فرنسا والمغرب بالقول ان افريقيا هزمت المغرب والسبب ان اغلب لاعبي المنتخب الفرنسي من ذوي البشرة السواء، لم يعي ولم يدرك هولاء الاغبياء ان هذا ميزة للدولة الفرنسية فهي دولة انسنة  ودمقرطة، الجميع فيها سوا امام القانون، هي دولة جامعة تحترم التنوع الانساني في داخلها..

ففي مباراة فرنسا والمغرب سمع الجميع الهتافات في الملعب تقول ( لا اله الا الله محمد رسول الله) ، وهي ذات  الشعارات التي ترددها جماعة الإخوان في الساحات والميادين وايضا في السجون ، وكل هذا نكاية بالرئيس الفرنسي الحاضر المباراة نتيجة موقفه من الحجاب والرسوم المسيئة للرسول( ص) رغم ان تراث العنعنة والقلقلة لدينا فيه الاف الصور المسيئة للرسول (ص)..

تصرف احمق وبليد من قبل مشجعين متأثرين بتيار التأسلم الكذوب والزائف، حولوا مبارة كرة القدم الى معركة دينية وحربية واستجرار قضايا ليس وقتها وليس مكانها، الكرة  مثل الموسيقى  تجمع وتقرب شعوب مختلفة الديانات والاعراق واللغات معا..

 لكن بالمقابل زار الرئيس الفرنسي لاعبي منتخب المغرب في غرفة الملابس وصافحهم وقال انه فخور ان منتخب بلاده قابل منتخب قوي مثل منتخب المغرب ، الرئيس الفرنسي ذو العينين الزرقاء نزل من المنصة الى ارضية الملعب يوأسي فريقه الاسمر ويقبل لاعبيه..

لايعي المؤدلجين دينيا ان الدول التي تحترم التنوع هي الدول القوية ، كانت قوة الدولة الاسلامية  هو تنوعها الثقافي والانساني، واعظم من صنع تاريخها هم من غير العرب، صلاح الدين (كردي) ، طارق بن زياد و ويوسف بن تاشفين (امازيغ) ، وقطز والظاهر بيبرس (اتراك )  واعظم علماء الدولة الاسلامية  في العلوم الطبيعية والفقه اغلبهم ليس عرب، ابن سينا والخوارزمي من اوزبكستان ، ابن حيان والرازي من ايران وابن البيطار وابن رشد من الاندلس، وعلماء الفقه والحديث مثل مسلم  وابن ماجه وابي داود من (ايران) ، والبخاري والترمذي من ( اوزبكستان) والنسائي من (تركمانستان) .