إيران والسعودية.. النوايا والخفايا
الجمعه 17 مارس 2023 - الساعة 10:08 مساءً
عبدالستار الشميري
مقالات للكاتب
الوقت ما زال بعيدا عن الثقة بأن إيران ستنتهج سياسة دولة وإقامة علاقات دبلوماسية متكافئة مع محيطها الإقليمي والدولي.
المبدأ..
قبل الإعلان عن الاتفاق ب48 ساعة قال "نصر الله" في خطاب: إن من يتوقع تفاهماً أو اتفاقاً بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران أو بين المملكة العربية السعودية وإيران عليه أن ينتظر مئة عام، ثم بعد الإعلان علق تعليقا خافتا.
وحسن نصر الله وحزبه مؤشر لاتجاهات ورادار السياسة الإيرانية في الإقليم. ومن الصعب القول إنه كان بعيدا عن تفاصيل ما يدور من حوارات.
الخبر..
يمكن أن تعطي إيران للسعودية بعض ضمانات على شاكلة عدم تعرض المملكة لهجمات صاروخية وعدم تسليح الحوثي في قادم السنوات، ذلك أنه أصبح لديه ترسانة إيرانية، بالإضافة إلى سلاح الجيش اليمني تكفيه خمس سنوات حرب أو أكثر.
ما هو مصير الملف اليمني إذاً؟، وما هي مكاسبه وخسائره؟، وهل ستقوم إيران بالضغط على مليشياتها للمضي في مرحلة الحل السياسي الشامل وتسليم سلاحها الثقيل؟، ذلك أمر مستبعد وهو قطعا يعني تثبيت وتجميد الوضع اليمني في نفس المربع وإعلان الحوثي دويلة غير معلنة حتى أجل غير معلوم..!
الجملة..
تحضر الشكوك الكبيرة عن الاتفاق ما أعلن عنه وما بقي من ملحقات سرية.
هل نحن أمام اتفاق استراتيجي يعمل على حلحلة قضايا المنطقة واليمن في طليعتها أم أنه اتفاق تكتيكي تريد إيران من خلاله التنفيس لأزماتها الداخلية والخارجية وتحسين وضعها الاقتصادي والنجاة من طوق السقوط الذي يفرضه الشارع الإيراني والخناق الدولي ثم تعود إلى سابق مشروعها بعد سنة أو أكثر بعد أن تتغير ظروفها..؟
ثم أن الصين كضامن هل لها قدرة في ترويض إيران؟ وإن تم ذلك هل لإيران رغبة في أنسنة وعقلنة مليشياتها في اليمن وحل إشكالية سوريا؟، على اعتبار أن لا جديد سوف يجد في لبنان والعراق، حيث كل المؤشرات تقود إلى ذلك..
السياق..
انطلاقا من فرضية أن الأزمة الداخلية الإيرانية عميقة ومقلقة وتثير خوف النظام من تداعياتها والوضع الاقتصادي في تراجع مستمر والاستثمار في إثارة الحروب وتسليح الميليشيات لم يعد ممكناً وما على إيران سوى الالتفات إلى الداخل لمعالجة همومها ومشاكلها، من هذه الفرضية يمكن التفاؤل بالاتفاق دون أن ننسى من دروس التاريخ الذي يخبرنا أن إيران لا يمكن الوثوق بها، لا سيما أن اتفاقا مماثلا تم أيام الرئيس خاتمي بين السعودية وإيران كان بنده الأول لإثبات حسن النوايا تسليم إيران لأعضاء في القاعدة موجودين على أرضها من الجنسية السعودية. وحاول خاتمي الوفاء بوعده لكن مراكز القرار المتعددة في إيران وأبرزها "المرشد" خدجت الاتفاق ورفضت الالتزام به.
ولذلك ما علينا إلا الانتظار ومراقبة دقة الالتزام من حيث وقف التدخلات وسحب الأسلحة وتغيير النهج السياسي والأمني الإيراني في المنطقة.
على سبيل الختم..
الاتفاق السعودي - الإيراني ربما لن يذهب إلى أبعد من تطبيع العلاقات بين البلدين وتخفيض التصعيد وحتى الآن ليس هناك مرئيات لجدول أعمال مزمن لحلحلة مشاكل الدول التي ولغت فيها إيران.
وغالب الظن أنه تسكين وتجميد كل شيء عند نقطته وفي مربعه الأول وتمنياتنا ورغباتنا لا يمكن إسقاطها على مصالح الدول التي تمضي في مسارات محددة تتجاوز الفرضيات العادلة.
ولذا، فإن هناك واجبات على الأربعة الأطراف: الشرعية، السعودية، إيران والصين نحو القضية اليمنية ما لم تقم بها فإن اليمن غير مشمول واقعا بالاتفاق حتى يثبت العكس ويجاب على السؤال الأهم: هل الاتفاق الذي وقعته إيران هو استراتيجية حقيقة أم ضرورة تكتيكية؟!!
.