مشكلة الدراما الرمضانية في اليمن.. باحترام شديد!

الاثنين 03 ابريل 2023 - الساعة 12:02 صباحاً

 

الكثير مما سجله ناشطون من تعليقات على مسلسلات هذا الموسم، يمكن اعتبارها أمراً صحياً، سواءً كانت ذاتية أو موضوعية، نباهة أو رعونة، مشجعة أو هجومية.

 

إنها في المحصلة نتاج لواقع يمني غير مدرك، أنتجه مزاج غير قابل للفهم، وهذه التوليفة التي انتجت وجهات النظر هي نفسها التي سلكها منتجو المسلسلات في بنائهم الدرامي.

 

وبشيء من التوضيح؛ كان مرد افتقاد التمثيليلات للتيمة (القصة) ليس غياب الكاتب أولا، ثمة ما يشبه القصة وكان بالإمكان البناء عليها عدا أنها ذهبت إلى تجسيد الواقع دون الانتباه لطبيعته غير المدركة.

 

 كما أنها في اقترابها من الواقع غرقت في مساوئه.

 

ويعود هذا الأمر لثلاثة أسباب:- الأول: القصور الثقافي للقائمين على الأعمال، الثاني: غياب الناقد السينمائي في اليمن، والثالث: أن الأعمال التي نراها هي ابنة التلفزيون لا السينما، تشكلت في مرحلة من الديماغوجية السياسية التي صدرها وسيطر عليها خطاب المسرح، وهو ما يمكن ان نستشفه في توجهات ورؤى المنفذين وكبار الممثلين.

 

لإيضاح ذلك دعونا نتساءل عن سبب سوء الأداء الذي ظهر به فهد القرني وصلاح الوافي وعامر البوصي، إن السبب ليست خيارات المخرج فعند مراجعة الظهور الأول للثنائي إلى جانب البوصي نجد أنه ارتبط بالمرحلة التي سبق ذكرها، نجح الثلاثة في تجسيد الواقع السياسي وحصدوا اعجاب المشاهد، في هذا النوع من الأعمال يكون تجسيد الواقع هو الوسيلة المثلى لإثارة سخط الجماهير وإضحاكهم في آن.

 

وعلى النقيض من ذلك فإن تناول الواقع الاجتماعي عبر تقديمه على صورته ينتج حوارات وبناءات غير مفهومة وغير هادفة، تطغى عليها مزاجية الفنان.

 

هذه المفارقة هي التي تعلل اليوم السوء الفني الذي ظهر به القرني والوافي في مقابل بروز وجوه جديدة كان بوسعها أن تأتي بجديد لولا إغراقهم بوحل الواقع المنمط.

 

إن اكتشاف الدراما وإدارك أثرها لا يتأتى مما تقوله أو تقدمه من صور، بل مما تجلوه وتحفزه في لا وعي المشاهد من مفاهيم وصور.

 

وهذا ما تفتقد إليه الدراما اليمنية، وبذلك توقفت وظيفتها عند إقامة حوار بين ممثل وآخر، لا الممثل والجمهور، ما جعلها عصية عن الفهم والتأثير والإدراك.

 

تتعامل الدراما الرمضانية مع الجمهور المحلي كمتلقٍ، والأسوأ، كمتلقٍ غبي، والأكثر سوءًا، كسياسي وسياسي سلبي، إذ لم تشذ عن ديماغوجيتها الأولى.

 

وهكذا يذهب الممثل إلى تفسير ما يفعله، ما يقوله، ما يفكر به، ما ينظر إليه.

 

ويتناوب على هذه الوظيفة القائمون بالفعل الدرامي، فنجد المصور يذهب لتفسير لقطته الجميلة بلقطة أخرى، والمخرج لتفسير المشهد بمشهد آخر زائد عن الحاجة، ويغرق الجميع بالاسفاف والاستهلاك ويتحول فعل الوضوح إلى فضيحة.

 

ولكي لا نذهب بعيدا، يمكننا القول ان المسلسلات اليمنية أظهرت منذ عامين تطورا فنيا في الشكل والممكنات، إلا أنها لم تستطع تحرير المضمون من واقعه التعيس، والسبب في نظري إلى جانب ما تقدم ذكره، يعود إلى افتقارها للتجارب الفيلمية أي السينما، ونوستولجيا الكاتب المرضية إلى الريف وتمدن المخرج والممثل وعدم قدرة الأخير على تجاهل وجود الكاميرا، إلى جانب أنها لم تستطع تخطي فردية الصورة أو الأسرية أي أنها نقلت صورة اليمني في البيت أو محيطه الأسري لا المجتمع بما يمتلكه من تنويعات وجماليات متوهجة بالحياة ومترفة بالبساطة.

 

ومن ثم، وهو الأهم، غياب الوظيفة الاجتماعية، وأستحضر هنا تعليق مدير مكتب ثقافة تعز أثناء صده للهجوم الذي طال انتاجات الموسم، إذ ذهب للقول إن وظيفة الدراما هي مخاطبة البسطاء باعتبارهم الشريحة الأكبر، وهو في ذلك يؤكد أن وظيفتها تجسيد الواقع لا إعادة صياغته.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس