لماذا صمت هادي خلال أحداث عدن !؟
الاحد 11 أغسطس 2019 - الساعة 12:26 صباحاً
المصدر : الرصيف برس - خاص
انتهت معارك عدن لصالح المجلس الانتقالي الجنوبي الذي حسم المعركة على الأرض لصالح، بعد أن تسارعت الأحداث بشكل دراماتيكي لتنتهي في الأخير لصالح القوى المتواجدة على الأرض والتي حسمت المعركة عسكريا بعد أن نجحت بالسيطرة على ألوية الحراسة الرئاسية الواحد تلو الآخر.
المشهد العام في عدن تم وفقا لسيناريو معد له سلفا، ويبدو أن الرئيس هادي كان الحلقة الأضعف فيه، حيث تسلح باللامبالاة ولزم الصمت طوال الأحداث الأخيرة، لتبدأ التساؤلات عن أسباب صمته!! وهل هو صمت اختياري أم موقف أرغم عليه من دول التحالف!!
لكن كل المؤشرات تشير وتؤكد أيضا أن السيناريو الذي تم في عدن قد تم بضوء أخضر من دول التحالف العربي الذي تقوده السعودية والامارات، وربما - بتنسيق أو لا تنسيق مسبق مع هادي وحكومته التي التزمت هي الأخيرة بالصمت، دون أن يكون هناك أي موقف رسمي معبر عن الحكومة الشرعية، باستثناء بيان وزير الداخلية نائب رئيس الوزراء المهندس أحمد الميسري والذي قاد المعارك ضد المجلس الانتقالي الجنوبي، وكذا تصريح صادر عن وزارة الخارجية نقلته وكالة رويترز وصف ما حدث بأنه انقلاب على الحكومة المعترف بها دوليا.
التحالف العربي لم يحدد موقفه صراحة مما حدث في عدن، واكتفى بتصريحات لقيادات سعودية واماراتية تدعو لوقف الاشتباكات وضبط النفس والحوار بين الأطراف، وهذا الموقف يؤكد رضا وقبول التحالف العربي عما حدث من سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي، خاصة أنه لم يدعم الحماية الرئاسية عسكريا وحيد سلاح الجو وقام بسحب الجنود السعوديين والسودانيين من داخل قصر معاشيق، وهذه الخطوات جعلت القيادات العسكرية التابعة للحكومة الشرعية تتسابق لاعلان انضمامها وولائها للمجلس الانتقالي بما فيها قيادة المنطقة العسكرية الرابعة.
موقف التحالف العربي يؤكد أيضا توحد الموقف السعودي مع الموقف الاماراتي على الرغم من محاولة تصوير البعض أن الامارات تدعم المجلس الانتقالي الجنوبي بينما السعودية تدعم الحماية الرئاسية، لكن خلال المعارك لم يظهر أي دعم مقدم من التحالف لأي طرف ما يشير إلى بعض التوقعات أن التحالف العربي قد منح المجلس الانتقالي الجنوبي مهلة زمنية للحسم العسكري يأمن خلالها من قصف الطيران التابع للتحالف وهو ما تم بالفعل.
بعض المسؤولين في الحكومة الشرعية والقابعين في الرياض حاولوا الفصل بين الموقف الاماراتي والسعودي، حيث قال الوزير محمد مقبل الحميري إن الوضع في عدن لم يعد يحتمل الصمت والنفاق، فالشرعية تواجه امكانات دولة بحجم الامارات العربية المتحدة وهذا ما قاله لي القادة هناك ابتداء من الأخ نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية إلى أصغر مسؤول، ليس هناك أي تكافؤ في الامكانات رغم صمودهم صمود الجبال، فالسلاح الذي تقاتل به المليشيات المعتدية على الشرعية سلاح الامارات والمال مالها، والخبراء العسكريين خبراؤها، والطيران طيرانها”.
الحميري أضاف ”نناشد الأشقاء في المملكة باعتبارهم قائد التحالف أن يتدخلوا عاجلا لوضع حد للمأساة التي تحدث في عدن على مرأى ومسمع العالم كله والدماء التي تسفك في أعظم يوم طلعت عليه الشمس وهو من أيام الله الحُرم ، وهذا يخدم المشروع الفارسي الذي يستهدف المنطقة كلها وفِي مقدمتهم اليمن والمملكة، نأمل تدخل الأشقاء في المملكة بالتدخل العاجل بكل ثقلهم لإيقاف هذا الصلف ضد شعبنا ووقف الدماء التي تسفك في هذه الساعة”.
المجلس الانتقالي الجنوبي وفي أكثر من مناسبة كان قد اتهم الشرعية بأنها مخترقة من جماعة الاخوان المسلمين، وهي الجماعة المصنفة كجماعة ارهابية لدى الامارات والسعودية ومعهم الحليف الاستراتيجي مصر، حيث طالب المجلس الانتقالي منذ أعوام باقالة قيادات عليا في الدولة يتهمهم المجلس بتسخير الشرعية لصالح الاخوان وفي مقدمة هذه القيادات نائب رئيس الجمهورية الفريق علي محسن الأحمر وهو المسؤول عن الملف العسكري، وكذلك مدير مكتب رئيس الجمهورية الدكتور عبدالله العليمي باوزير وهو المسؤول عن الملف المدني.
بحسب مصدر في الحكومة اليمنية - طلب عدم الكشف عن هويته - فإن الرئيس هادي وعقب محاولة المجلس الانتقالي الجنوبي السيطرة على عدن قبل عامين قام بزيارة إلى دولة الامارات وهناك تم الاتفاق بين هادي والامارات على تشكيل حكومة مصغرة وتقليص نفوذ الاخوان المسلمين في قيادة الشرعية بما في ذلك اقالة مدير مكتبه عبدالله العليمي باوزير، والغاء كل القرارات والتعيينات المخالفة للقانون، غير أن الرئيس هادي تنكر لهذا الاتفاق عقب عودته إلى الرياض، ليتغلغل الاخوان داخل كيان الشرعية بشكل أكبر عبر حزمة من القرارات والتعيينات التي أصدرها هادي وحكومته في السلكين المدني والعسكري.
شعور المجلس الانتقالي الجنوبي بالتهميش الذي يتعرض له من هادي وحكومته مقابل التمكين لجماعة الاخوان المسلمين جعل المجلس الانتقالي يفكر بخيار الحسم على الأرض خاصة بعد إقصاء هادي لعدد من قياداته والذين كان قد عينهم في وقت سابق وأبرزهم هاني من بريك الذي أقاله هادي من منصبه كوزير دولة، وكذلك اللواء عيدروس الزبيدي الذي أقيل أيضا من منصبه كمحافظ لعدن، وهذا الأمر دعا الانتقالي للتفكير بتطوير وتدريب وتسليح ألوية الحزام الأمني وتأهيلها للقيام بالمهمة القادمة.
في الطرف الآخر كان وزير الدفاع المقدشي المقرب من محسن يؤكد أن 70 % من قوام الجيش الذي تم اعداده هو أسماء وهمية، لتأتي معركة عدن العسكرية وتؤكد هشاشة هذا الجيش، فعلى الرغم من أن قوام قوات الحزام الأمني في عدن والضالع وأبين ولحج يتراوح ما بين 30 - 40 ألف فرد، وقوات الشرعية أكثر من 150 ألف فرد - بحسب الكشوفات - إلا أن غلبة الحزام الأمني في المعركة العسكرية قد أثبت هشاشة الجيش الذي بناه هادي ومحسن والمقدشي، وكشف عن حجم الفساد داخل المؤسسة العسكرية والأمنية.
ويبدو أن أحداث عدن الأخيرة تمت بالتنسيق بين التحالف العربي بقيادة السعودية والامارات مع الرئيس هادي بهدف فرض المجلس الانتقالي الجنوبي كقوة على الأرض، يتم بموجبها تمكينها مما يشبه الحكم الذاتي على الجنوب كما يتم تسوية الأمور السياسية عبر اقالة علي محسن وقيادات الاخوان المدنية والعسكرية وكذا تمكين المجلس الانتقالي في المناصب العليا للدولة وتشكيل حكومة جديدة وعودة هادي وحكومته لممارسة المهام من عدن، ومن ثم استكمال معركة تحرير المحافظات التي لا تزال تحت سيطرة الانقلاب.