ماذا لو استمع ”هادي” لآراء ومواقف ”نعمان” !!
السبت 31 أغسطس 2019 - الساعة 01:39 صباحاً
المصدر : الرصيف برس - خاص
تعيش الحكومة الشرعية أزمات متتالية نتيجة اختلالات وأخطاء مارستها خلال الأعوام السابقة وتم التنبيه إليها والتحذير منها من قبل الأمين العام للتنظيم الناصري عبدالله نعمان مبكرا، لتتفاقم هذه الاختلالات والأخطاء وصولا إلى التحول إلى مشاكل وأزمات حقيقية، ما يدعو للتساؤل : ماذا لو أن هادي استمع لعبدالله نعمان !!
خلال حوار صحفي مع الأمين العام للتنظيم الناصري في مارس 2017 أجرته صحيفة ”العربي الجديد” اللندنية نبه ”نعمان” إلى أن أسباباً كثيرة أدت إلى استمرار الحرب، أهمها غياب الرؤية الاستراتيجية الواحدة لإنجاز هدف إسقاط الانقلاب واستعادة الدولة بالمسارين السياسي والعسكري، وعدم وجود خطة محددة الأولويات والمهام التي أسند لكل طرف القيام بها لتنفيذ الاستراتيجية بشقيها السياسي والعسكري، وعدم إعطاء الاهتمام اللازم لبناء وتأهيل جيش وطني وتجهيزه بالأسلحة والعتاد والآليات، ولا سيما بعد أن توفرت الظروف المناسبة لإنجاز هذه المهمة في المناطق التي حررت من سيطرة الانقلابيين. إضافة إلى عدم اتخاذ أي إجراءات لتنفيذ قرار رئيس الجمهورية باستيعاب المقاومة في الجيش، واستمرار التعامل المباشر خارج القنوات الرسمية للحكومة مع المجموعات المسلحة المقاومة، ما تسبّب في تعقيد عملية دمج واستيعاب المقاومة في الجيش التي تأجلت أكثر من مرة”.
وحول التحديات التي تواجهها المؤسسة العسكرية تحدث ”نعمان” أن دمج المقاومة في الجيش تمت بشكل صوري، إذ توقفت إجراءات الدمج عند حدود الترقيم للأفراد وضم أسمائهم إلى قوة الألوية العسكرية في الكشوفات، ولم يجرِ تأهيل أي معسكرات لاستقبال الأفراد الذين تم استيعابهم، إضافة إلى غياب إجراءات وبرامج موحدة للتأهيل البدني والقتالي وتكوين عقيدتهم القتالية على أسس وطنية. يجب أن تؤدي عملية الدمج إلى تفتيت كيانات الجماعات المستوعبة، وإدماج أفرادها في تشكيلات يقودها ضباط وصف ضباط ومساعدون محترفون ومؤهلون، من خريجي الكليات العسكرية. ويجب ألا تظل كل جماعة محتفظة بكيانها داخل المعسكرات وإنما يعاد التشكيل وفق المفاهيم العسكرية وتسليم السلاح الثقيل والمتوسط من الفصائل المندمجة”.
وأضاف ”نعمان” أن تعدد التشكيلات والجماعات المقاتلة، عسكرية أو مدنية، أدى إلى تعدد القيادات، وتعدد القيادات تسبّب في تعدد مصادر القرار والتعليمات وجهات التخطيط في مسارح العمليات العسكرية، وأهدر الكثير من الإمكانات. والأمر المؤلم أن القيادات العسكرية العليا لم تقم بأي مجهود لإصلاح هذه الأوضاع ومعالجة الأخطاء وبذل الجهد اللازم لبناء جيش احترافي على أسس وطنية، ولكنها اكتفت بإدارة العمليات العسكرية بعقلية المقاولة، الأمر الذي أتاح للبعض من اصحاب النفوس الضعيفة والضمائر الميتة التربح من الحرب، وهؤلاء لا مصلحة لهم في حسم المعركة”.
وعن تحديات الأمن والاستقرار في المحافظات المحررة أشار ”نعمان” أن هناك أسباباً متعددة أعاقت تثبيت الأمن والاستقرار في المحافظات المحررة، وربما من أهم هذه الأسباب عدم امتلاك الدولة للموارد المالية التي تساعدها على إدارة المناطق المحررة، إضافة إلى عدم وجود الرؤية والخطة المشتركة بين الحكومة اليمنية وبين أشقائنا في دول الخليج، ولذلك تعثّر مشروع تقديم نموذج للإدارة يلبي احتياجات وتطلعات الناس في هذه المحافظات”.
خلال ندوة سياسية أقامها التنظيم الناصري بتعز في 12 يوليو 2017 أشار ”نعمان” إلى أسباب إطالة الحرب وعدم حسمها ، مؤكدا أن أبرز هذه الأسباب هي عدم وجود رؤية مشتركة لاستعادة الدولة بالمسار العسكري والمسار السياسي من قبل الشرعية ، أو من قبل التحالف ، ومن المؤسف أن تظل هذه الرؤية غائبة حتى هذه اللحظة، بالإضافة إلى فشل الشرعية والتحالف في إدارة المناطق المحررة وتثبيت أمنها واستقرارها وتقديم نموذج يحتذى به ، وإعادة بناء مؤسسات الدولة وفقا لمضامين مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، واستمرار حالة العبث وإدارة الدولة بالأدوات الفاسدة ، وبطريقة عشوائية ، وكذا عدم وجود رؤية استراتيجية واضحة لإستعادة الدولة وفق مخرجات الحوار الوطني ، وعدم تقديم النموذج الذي يمكن أن يمثل حالة استقطاب للقوى التي ما زالت محايدة واستقطاب قوى ما زالت متحالفة مع الانقلاب”.
وأكد ”نعمان” على فشل الشرعية في بناء جيش وطني مقتدر ، مضيفا أن قوى التحالف منذ اللحظة الأولى وجدت نفسها مضطرة للتعامل مع مجاميع مسلحة وبشكل مباشر وبعيد عن الحكومة، مشيرا إلى أن هذا الامر قد يكون مقبولا في الفترات الأولى ، باعتبار أن المؤسسة الامنية والعسكرية الموالية للشرعية منهارة تمام ، وأن قوى التحالف لم تجد حينها أي قيادات عسكرية يمكن تن تتعامل معها بشكل مباشر ، فاضطرت للتعامل بشكل مباشر على الارض ، لكن استمرارها بالتعامل مع هذا الشكل لفترة طويلة أمر لم يعد مقبولا، وهو أمر يعبر عن عجز الحكومة الشرعية عن إيجاد الأدوات والوسائل اللازمة لإدارة المعركة وإدارة الدولة منذ اللحظات الاولى”.
وأضاف ”نعمان” أنه بعد تحرير محافظة عدن ومعظم المحافظات الجنوبية كان يمكن وبسهولة أن نبني جيشا وطنيا في مدة لا تزيد عن 3 أشهر، وأن تعد هذه القوات المسلحة إعدادا بدنياً وقتاليا يؤهلها لمواجهة المعارك مع الانقلابيين ، وأن تجهز هذه القوات المسلحة بأسلحة نوعية مكافئة ومتفوقة على الأسلحة التي يمتلكها الانقلابيين ، كان يمكن للشرعية بهذه الخطوة أن توفر على قوات التحالف كل هذه الطلعات الجوية ، لأننا لم نكن بحاجة لطلعات جوية إذا ما امتلك الجيش الوطني المؤهل والمدرب تدريبا قتاليا أسلحة تكافئ الأسلحة التي يستخدمها الانقلابيون، لكن مع الأسف ظل التحالف يعتمد على القوة الجوية ، دون وجود جيش وطني على الارض مدرب ومعد للقتال مع الانقلابين بكفاءة واقتدار ويحسم المعركة لصالح الشرعية”.
وأشار ”نعمان” إلى أنه أمامنا قضية مهمة وملحمة للاتفاق على الاجراءات الموحدة لعملية دمج المقاومة في الجيش، وعلى برامج موحدة أيضا لإعادة التأهيل البدني والقتالي، وإعادة التشكيل على أسس عسكرية لهذه الوحدات المقاتلة وهذه المجاميع العسكرية المنخرطة في إطارها، مؤكدا أنه ما لم نتمكن من فعل هذا والقتال بوحدات عسكرية منضبطة وبتشكيلات عسكرية يقودها عسكريون محترفون ، فإن المعركة ستستمر، مضيفا أننا لا نستطيع الحسم لأننا لا نقاتل بجيش منضبط ، بجيش نظامي مؤهل ولدية القدرة على الحسم، فالمعركة والحسم تقتضي القتال بأساليب عسكرية، وتقتضي التأهيل لعسكريين مؤهلين مقتدرين قادرين على خوض المعركة بقتال احترافي، وبتسليح وتجهيز عسكري يمكن أن يؤهلهم للحسم ”.
وأكد ”نعمان” أنه للوصول إلى تسوية معقولة ومقبولة وتستند إلى المرجعيات الثلاث لا خيار أمامنا إلا أن تعدل الشرعية من سياساتها المتبعة حتى الان ، وأن تعيد بناء مؤسسات الدولة على أساس مخرجات مؤتمر الحوار الوطني ، وأن تتواجد الرئاسة في عدن ، وأن تعمل بشكل مؤسسي ، وان تتواجد الحكومة في عدن وتعمل بشكل مؤسسي ، فهذه الحكومة الآن لم تعد قادرة على إدارة الدولة وتلبية أبسط الاحتياجات الضرورية للناس، وهي حكومة فضفاضة من 37 وزير ، لذلك إذا أرادت الشرعية أن تتعامل بشكل جاد وتقيم النموذج الحقيقي للدولة التي يريدها اليمنيون ، أول خطوة يمكن أن تخطوها وبشكل عاجل ، هو إعادة تشكيل حكومة مصغرة لإدارة الأزمة ، من 11 إلى 15 وزيرا ، وأن تمتلك هذه الحكومة رؤية واضحة لكل الأولويات”.
وشدد ”نعمان” أننا الآن في معركة استعادة الدولة وليس غنيمة الدولة ، معركة استعادة الدولة تلزمنا أن نستعيد الدولة بكل هياكلها الإدارية ، في أوضاعها القائمة بمدرائها القائمين، إلا من حمل السلاح وقاتل مع الانقلابيين او رفض العمل في صفوف الشرعية ، وعلينا أن نفرق بين مرحلة استعادة الدولة بهياكلها القائمة ، وبين مسألة تصحيح الاختلالات ومحاربة الفساد في الاجهزة الادارية ، هذا شيء وذلك شيء آخر ، نحن الآن نستعيد الدولة ، ومسألة الإصلاح والتصحيح للاختلالات سوف تأتي في مرحلة تالية ، ولكن من خلال الاجهزة وبالإجراءات القانونية المتبعة”.
ونوه ”نعمان” إلى ضرورة تصحيح المفاهيم للمرحلة القادمة ، فالشراكة لا تعني تحاصص الوظيفة العامة وتقاسم المؤسسات ، الشراكة هي شراكة السلطة ، والسلطة هي سلطة تنفيذية تتمثل في مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية ، وسلطة تشريعية تتمثل في مجلس النواب ، وسلطة قضائية تتجسد في مجلس القضاء الأعلى ، وما عدى ذلك فإن جهاز الخدمة المدنية هو جهاز وظيفي وليس سلطة ، لا يجب أن يخضع للتقاسم ، جهاز القضاء هو جهاز لإنفاذ حكم القانون وحماية المشروعية ولا يقبل التقاسم على الاطلاق، والوظيفة حق لكل اليمنيين لا تقبل المحاصصة، والترقي داخل الوظيفة العامة حق لكل موظف يمني توافرت فيه الشروط اللازمة داخل هذا الجهاز”.
وفي ندوة سياسية عقدها التنظيم الناصري في مشرعة وحدنان في 13 أكتوبر 2018 قال ”نعمان” إن الاجراءات الاصلاحية التي تتحدث عنها الحكومة لمحاولة احتواء حالة الانهيار الاقتصادي لا يمكن أن تنجح وحكومتنا في الخارج، وفي وضع أمني غير مستقر، وفي ظل العبث والتفرد في إدارة الدولة والاسراف في اصدار قرارات تعيين في أجهزة تعاني أصلا من التضخم والبطالة، متسائلا :كيف يمكن أن تنجح هذه الاصلاحات ومواردنا معطلة، والدولة لا تستطيع أن تضع يدها حتى هذه اللحظة على كافة الموارد، وكيف يمكن أن تنجح هذه الاجراءات في ظل تعدد سلطات الأمر الواقع حتى في المناطق التي تسيطر عليها الشرعية، فهناك سلطة أمر واقع تتشكل في عدن وبعض المحافظات الجنوبية، ودويلات قائمة في أكثر من مكان، وموارد لا تصل إلى البنك المركزي، وأوعية جباية ليست نظيفة، وفي غياب عمل المؤسسات، حكومة مترهلة ومقيمة في الخارج، ومجلس نواب لا يستطيع أن يجتمع، وأجهزة رقابة ومحاسبة معطلة، وقضاء مشلول، ومواطن يعاني من حالة انعدام وحرمان من الاحتياجات الضرورية ويكابد معاناة الموت جوعا، وأزمة إنسانية تتعاظم باستمرار الحرب”.
وأشار نعمان إلى أن نجاح الاجراءات الاقتصادية التي أقرتها الحكومة يرتبط بتوفير البيئة الملائمة عبر الاتفاق على مشروع مشترك بين الشرعية والتحالف من أجل ازالة كافة العقبات التي تحد من قدرة الدولة على فرض سيطرتها على كل المناطق المحررة، فهناك جماعات مسلحة ارتبطت بدول التحالف نتيجة تعامل مباشر تراكمت لديها مصالح خلال القترة السابقة وباتت هذه القوى تشكل عائقا أمام اعادة بناء الدولة، مضيفا أنه ينبغي على من ارتكب الخطأ أن يصلح هذا الخطأ ومن ارتكب الخطأ هي دول التحالف الداعمة للشرعية وقيادة الشرعية فينبغي أن تعملان معا على ازالة كل المعوقات التي تحد دون بسط الشرعية لسيطرتها على مختلف المناطق المحررة”.
وأكد ”نعمان” أن ذلك يستلزم تعاون الشرعية والتحالف وتحديدا الأشقاء في دولة الامارات على تهيئة عدن لتكون عاصمة لكل اليمنيين، صالحة لأن تعود إليها كافة مؤسسات الدولة والبعثات الدبلوماسية وقيادات العمل السياسي لتمارس عملها منها، وهذا الأمر سهل ومتيسر بإعداد ثلاثة أو أربعة ألوية عسكرية وأمنية مبنية على أسس وطنية ومؤهلة بكافة الامكانيات ومدربة قادرة على أن تقوم بدورها يسند لها مهمة حفظ الأمن في عدن ومحيطها ويخرج منها كل القوات المتواجدة فيها حاليا التي باتت جزءا من المشكلة ولا يمكن أن تكون جزءا من الحل لأنها قد تقاتلت وتصارعت وبالتالي لا يمكن أن يوفر بقاؤها الأمن والاستقرار للعاصمة المؤقتة”.
وجدد ”نعمان” الدعوة إلى ضرورة إجراء حوار شفاف وصريح بين قيادة الشرعية ودول التحالف من أجل الاتفاق على استراتيجية واضحة ويحدد فيها الأدوار المناطة بكل طرف من الأطراف لاستكمال ما تبقى من التحرير وانهاء الانقلاب واستعادة الدولة واعادة بناء المؤسسات وتحت قيادة واحدة سياسية وعسكرية، ولابد من الاتفاق على مشروع ”مارشال” لاعادة بناء اليمن”.
وشدد ”نعمان” أنه لابد أن يدرك الأشقاء في دول التحالف أن استقرار اليمن هو حجر الأساس لاستقرار أمن دول الخليج، وتفكيك اليمن مقدمة لتفكيك كل الدول في المنطقة ما لم نتوصل إلى هذه القناعة ونعيد صياغة العلاقة المستقبلية بين اليمن وأشقائه في دول مجلس التعاون الخليجي على قدر كبير من الوضوح لنبني علاقة ندية ومتكافئة، علاقة شراكة وتعاون تتكامل فيها القدرات والامكانيات المادية والبشرية من أجل النهوض بدول وشعوب المنطقة بشكل عام لنبني تكتل يكون قاعدة لبناء تكتل اقليمي يضم كل الدول العربية في مواجهة التكتلات الاقليمية المقابلة في المنطقة، من شأن هذا التكتل أن يوجد توازن في القوى يضمن أمن واستقرار المنطقة”.
وطمأن ”نعمان” دول التحالف أنه لا يجب أن يخشى أحد من دول المنطقة قيام دولة قوية في اليمن بصيغتها الاتحادية ومضامين مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، فالدولة القوية في اليمن هي محور ومرتكز القوة لكل دول المنطقة، دولة قوية لا تهدد أحد ولكن تتكامل مع أشقائها من أجل صياغة أمن واستقرار المنطقة والتصدي للمخططات الخارجية التي تستهدف تمزيق كيانات المنطقة وتفتيت نسيجها الاجتماعي”.
وحذر ”نعمان” من تكرار التجارب السابقة بإبقاء اليمن دولة ضعيفة بزرع قوى ومراكز قوى في الداخل تضعف الدولة اليمنية، فقد جربنا هذه السياسة خلال الفترات السابقة، وكانت النتيجة أن مراكز القوى أضعفت الدولة اليمنية وأسقطتها ولم تستطع أن توفر الأمن والحماية لتلك الكيانات التي صنعت مراكز القوى في الداخل، تكرار التجربة على مستوى اليمن سيكون تكرار لأخطاء ثبت فشلها خلال المرحلة السابقة لن تخدم من يسعون لتنفيذ هذه السياسات في الداخل ولن تخدم اليمن في نفس الوقت، فقوة اليمن قوة لأشقائه وأمن واستقرار اليمن حجر الأساس لأمن واستقرار المنطقة”.