الفرقة 153 في مواجهة جنون الحوثي..
الثلاثاء 19 ديسمبر 2023 - الساعة 08:05 مساءً
خالد سلمان
مقالات للكاتب
الفرقة 153 جاهزة للعمل في خليج عدن، ومجموعة من الدول العربية أكدت مشاركتها في القوة البحرية الدولية لمواجهة الحوثي، وهي الإمارات والسعودية والأردن، ومصر المهددة بفقدان عشرة مليارات دولار سنوياً كدخل من قناة السويس، بعد أن التحقت شركة خامسة بتعليق مرورها في البحر الأحمر، فشركة واحدة فقط من هذه الشركات تملك 14% من سوق الحاويات وقبل لحظات التحقت بي بي وبريتش بتروليوم، ما يضاعف حجم خسائر مصر جراء التصعيد الحوثي، ويجعلها معنية مباشرة في وقف هذا التهديد بكل الطرق المتاحة بما فيها العسكرية.
الحوثي من موقع جنون العظمة ووهم النظر لذاته كقوة إقليمية كبرى، لا يؤمن أن نهج السلام يتعارض مع الحرب، الأول يقود لاجتثاث كل الأسباب المولدة للحرب، فيما الثاني يطيح بالاستقرار، يعطل التنمية ويحول المواطن الفرد والمجموع إلى شعب يعتاش على ما يقدمه العالم من صدقات وملبس وغذاء.
في اليمن يريد الحوثي أن يتعايش الاثنين معاً، أن يمد يده للسلام ويخاطب العالم بلغة الحرب، يتمسك بما اُنجز ومُنح من تسليم له بما يشبه الاعتراف به كسلطة، وأن يمضي في الوقت ذاته قُٰدماً في عسكرة الحياة الداخلية، وحفر الخنادق وتزييت السلاح، والبقاء في حالة تحفز عدواني تجاه الجوار، بل تمادى في الذهاب بعيداً نحو تهديد أعالي البحار.
إذا كان يعتقد الحوثي من خلال التشبث بتقديم نفسه طرفاً في التسوية، على خلق سواتر تحميه من الضربة المتعددة الجنسية، فهو قد أخطأ في قراءة مشهد ما بعد استهداف الاقتصاد العالمي، إنه يتخطى ما كان مسموحاً له به داخلياً بتواطؤ دولي، ويطرق أبواب الجحيم بالاقتراب من ممرات تصدير النفط والتبادلات التجارية، والتلويح بإغلاق باب المندب.
مهما كانت الحجج التي يسوِّقها حول دعم فلسطين، تبقى حصيلة فعله تنحّي غزة جانباً، وترمي بوبالها على الداخل اليمني المرقع بالفقر والحاجة، بمضاعفة أسباب شقائه والحكم عليه بالموت تحت الرصاص والجوع، لا إسرائيل القوية اقتصادياً والمدعومة إمريكياً وغربياً ستختنق، ولا غزة سيُفك عنها الحصار بقرار من مران، كل ما يفعله الحوثي يضر بالدول المطلة على البحر الأحمر، وهي في جُلها الأكثر بؤساً وفقراً.
مخرجات قصف السفن المدنية وقرصنتها، تتماس مع حسابات إيران وتلعب لصالح معاركها التفاوضية مع واشنطن والغرب، في ملفي رفع العقوبات والإفراج عن الأرصدة المجمدة، وتحسين شروط التفاوض حول ملفها النووي، ويبقى اليمن ليس أكثر من مخلب إيراني يخربش في جسم المصالح الدولية، بما يعرضه للبتر عبر عملية مسلحة متعددة الطيف واسعة الأطراف.
“حارس الازدهار” اسم عملية عنوانها واضح الدلالة، حيث لن يخضع ازدهار الغرب الاقتصادي والعالم لابتزازات إيران عبر فرعها في اليمن، وأن التوجه العام هو وضع نهاية لهذا التمدد الإيراني، في واحد من أهم المضائق البحرية في العالم، والمتداخل مع الأمن القومي الأمريكي، وحمايته على رأس أولويات صناع القرار.
وكما فعلت عُمان في عز حصار الحوثي، من فتح ممراتها البحرية لتهريب السلاح إليه، وتحويل عاصمتها إلى مقر ومطبخ سياسي دبلوماسي له، ومحط زيارة لعديد الدول وقاعة اجتماع مع الوفد الحوثي، وخلقت اصطفافات ضارة بين صنعاء والإخوان، وإدارة عملية التنسيق اللوجستي بينهما، من السياسي إلى تهريب السلاح والخبراء الإيرانيين عبر منافذ الجيش والممرات الآمنة، المسيطر عليها إخوانياً..
الآن عُمان تحاول مد طوق النجاة للحوثي، بتنشيط قنواتها التفاوضية مع الغرب وواشنطن، للحؤول دون ضربه عسكرياً، والتقليل من الأثمان التي عليه أن يدفعها، خصماً من جسمه المسلح باستهداف قدرته الصاروخية، وإضعافاً لسيطرته على باب المندب، وإعادة هندسة معادلة سياسية، يكون الحوثي فيها داخلياً ليس هو ذاك قبل ضرب الممرات الدولية.
الحوثي يعزز القناعة الدولية بجدية مخاطره على الأمن والسلم الدوليين، حيث هدد خلال الساعات الماضية جميع الدول العربية، باستهدافها في حال انضمامها لما أسماه الحلف الأمريكي، والالتحاق بالقوة البحرية المشكَّلة، وتحويل المواجهة إلى حرب إقليمية واستهداف الداخل السعودي، واعتبار كل مرافقها الاقتصادية والاستراتيجية هدفاً مشروعاً.
إلى اين تتجه فوهات المدافع؟
وأنت تتعامل مع تنين، من غير المفيد قطع ذراع له حيث سينبت محله الف ذراع، الصواب أن تستهدف راسه لتدمير خلايا ضخ القدرات وتضييق هوامش الحركة أمامه، وإجباره على الانكفاء على داخله قبل الإجهاز النهائي عليه، وذلك الرأس ليس أقل من استعادة الحديدة عبر دعم غير مشروط لمناهضيه.
هل يفر الحوثي من الضربة القادمة؟
هذا ما تحاول جاهدة فعله عُمان من أجله، وكأنها له الأب الروحي والأم الحاضنة.
الحوثي خطر كامن دائم الحضور، وبالتالي عدم تحييده بالقوة، يبقيه قادراً على إعادة إنتاج نفسه بأضرار فادحة وتداعيات أكبر.
▪︎من صفحة الكاتب على إكس